مع إطلاق التحذيرات الأميركية للسلطات في العراق، والتهديد بإغلاق السفارة حال لم تتخذ إجراءات تردع الهجمات على القوات الأميركية، عاد إلى الأذهان أهم المجموعات المسلحة التابعة لإيران في البلاد، والتي توجّه إليها أصابع الاتهام بهذه الهجمات، بينها ميليشيا حزب الله العراقية.
فقد كشف مقال مفصل نشر على موقع “وور أون ذي روك” تفاصيل كثيرة عن الهيكلية التنظيمية لميليشيا حزب الله في العراق وكيف شكلتها طهران، وعن مدى قوتها وكيفية الحد من نفوذها، ومعلومات أخرى كثيرة.
وأفادت المعلومات بأن كتائب حزب الله أصبحت الوكيل الإيراني الأكثر خطورة في العراق، بعدما شاركت في أنشطة كثيرة جداً لحماية وتوسيع نفوذ طهران في العراق والمنطقة.
كما ساعدت الميليشيا في قمع الاحتجاجات المناوئة لإيران في العراق، واستخدمت أراضيه لشن هجمات على دول أخرى.
وكشف المعلومات أن نفوذ الميليشيا توسع بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وأصبحت الوكيل الأكثر موثوقية لإيران لتعزيز طموحاتها في العراق.
“الفيلق السري”
في السياق أيضاً، أوضح التقرير أنه وفي ذروة حملة طهران ضد القوات الأميركية في العراق عام 2007، وجد قاسم سليماني، أن هناك حاجة لتشكيل ميليشيا أكثر مرونة لتحقيق مصالحه.
ولم يجد سليماني، بحسب التقرير، ما يناسبه في الميليشيات المتواجدة عنده، فجمع بمساعدة عدد قليل من قادة الميليشيات العراقية واللبنانية بمن فيهم أبو مهدي المهندس، 5 ميليشيات أصغر لتشكيل كتائب حزب الله، أطلق عليها الكاتب اسم “الفيلق السري”.
وتمثلت هذه الميليشيات بما يعرف بـ لواء أبو الفضل العباس، وكتائب كربلاء، وكتائب زيد بن علي، وكتائب علي الأكبر، وكتائب السجاد وانضوت تحت راية واحدة وتلقوا أسلحة إيرانية متطورة وتدريبات مكثفة من قادة حزب الله اللبناني، إلى أن تشكلت “حزب الله العراقية”.
فيما حافظت الميليشيا منذ نشأتها، على علاقات وثيقة مع حزب الله اللبناني وقادته ومن أبرزهم عماد مغنية الذي لعب دورا رئيسيا في تشكيل الميليشيا العراقية بما يقارب 10 آلاف مقاتل تقريباً، معظمهم داخل العراق وبعضهم في سوريا.
ولا تقتصر أنشطة كتائب حزب الله على العمليات العسكرية والأمنية، إذ تدير الجماعة المتطرفة منافذ إعلامية ولديها مراكز ثقافية وأنشأت مراكز بحثية.
كما تسيطر كتائب حزب الله على مديريات مهمة داخل قوات الحشد الشعبي، من أبرزها مديرية الأمن، التي تتطور بسرعة وتتحول إلى قوة شؤون داخلية متنفذة ذات قدرات استخباراتية ولديها قوات خاصة بها.
وتسيطر إضافة لذلك، على مديرية الصواريخ داخل هيئة الحشد، وهذا مهم بشكل خاص، لأن إيران أرسلت صواريخ باليستية إلى كتائب حزب الله وتعمل على نقل تكنولوجيا الصواريخ إلى الجماعة، وهو امتياز لم يمنح للميليشيات الأخرى الموالية لإيران في العراق.
منطقة غريبة.. يمنع الاقتراب منها
في السياق أيضاً، قامت كتائب حزب الله بتحويل منطقة استراتيجية جنوب بغداد تسمى جرف الصخر إلى منطقة محظورة.
فحتى عام 2014، كانت تلك المنطقة مأهولة بالسكان العرب السنة، لكن بعد تحريرها من قبضة تنظيم داعش، منعت كتائب حزب الله السكان من العودة.
كما لا يسمح لأي قوة عراقية أخرى بدخول جرف الصخر، التي تعتبر ملاذا لأنشطة كتائب حزب الله، بما في ذلك تطوير الصواريخ.
أقسام الجماعة.. المناصب والألقاب
وبحسب المقال، تقسم الجماعة مقاتليها إلى فئتين رئيسيتين يطلق على أعضاء الفئة الأولى اسم “الأجسام”، وهم المقاتلون الذين تم اختبارهم واكتسبوا ثقة قادتهم، أما أعضاء الفئة الثانية، التي تتكون من غالبية المقاتلين فتسمى “الأرقام” وهم من الذين يطلعون على القليل من المعلومات حول أنشطة كتائب حزب الله وتسلسلها القيادي، لدرجة أنهم في بعض الأحيان لا يعرفون حتى الأسماء الحقيقية لقادتهم المباشرين، ويعرفون فقط بدلا من ذلك أسماءهم المستعارة.
المنصب الآخر الذي يحمل اسما مستعارا في التسلسل الهرمي لكتائب حزب الله هو “الخال”، وينقل الكاتب عن مصادر داخل الحشد الشعبي قولهم إن هذا الاسم المستعار مخصص لعدد قليل من القادة رفيعي المستوى، حسب كاتب المقال.
وينقل الكاتب عن آخرين قولهم إن الشخص الوحيد الذي يتمتع بهذا الاسم هو أبو فدك، أما المهندس فيلقب بـ”الشايب” ومعناها الرجل الأشيب.
ويرى المقال أن استقطاب الشباب لقضيتها يعتبر أولوية لكتائب حزب الله.
وللميليشيا أيضاً قنوات فضائية وراديو وصحف ووكالات أنباء وقنوات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، وعدة مراكز ثقافية، بشكل رئيسي في بغداد، وأيضا في المدن ذات الأغلبية الشيعية في الجنوب.
تحذير وتصاعد
يشار إلى أن أميركا كانت أطلقت تحذيراً للعراق قبل أيام من أنها ستغلق سفارتها في بغداد إذا لم تتحرك الحكومة العراقية لوقف هجمات الميليشيات المدعومة من إيران ضد الأميركيين.
فيما تصاعدت أعمال العنف التي تقوم بها الميليشيات المدعومة من إيران في الأسابيع الأخيرة ضد المصالح الأميركية، رغم وعود مصطفى الكاظمي بشن حملة عليها.
وكان نشاط ما يعرف محليا بـ “خلايا الكاتيوشا” ازداد مؤخرا، لا سيما منذ زيارة الكاظمي إلى واشنطن قبل شهرين، في محاولة لزعزعة سلطته، بحسب ما وصفت سابقا الإدارة الأميركية تلك الهجمات.