كتب عمر الراسي في وكالة “أخبار اليوم”:
الفساد والاهمال واللامسؤولية تضخمت كثيرا ففجّرت بالامس مرفأ بيروت، حيث يتبين ان الفضائح بالجملة!… هل سيحاكم المسؤولون، هل سنرى قضاة في السجون قبل غيرهم؟!
وفق معلومات استقتها وكالة “أخبار اليوم” من مصادر حقوقية وامنية وقضائية، ان مفوض الحكومة، ومدعي عام التمييز وكل المعنيين، أُبلغوا بحقيقة وجود مواد “نترات الامونيوم” وكل واحد رمى المسؤولية على غيره، مدعيا ان لا علاقة له!
وتفيد المعلومات، انه ليس مهما منذ متى هذه المواد موجودة في المرفأ، بل انها موجودة ويجب التعاطي معها على هذا الاساس. الامر الذي كان قد بدأه ضابط في مكتب امن الدولة، حين تسلم مهامه الجديدة منذ نحو اربعة اشهر، انطلاقا من مبدأ اساسي ان امن منشآت الدولة من اختصاص هذا الجهاز.
وفي ضوء الجردة التي اجراها، وجد في العنبر رقم 12 الكمية الكبيرة من “نترات الامونيوم”، والعنبر يحتاج الى صيانة نظرا الى وجود فجوة فابلغ المدير العام اللواء طوني صليبا، الذي راجع احد الخبراء الذي شرح له انها مواد شديدة الاشتعال ويجب مراجعة النيابة العامة. في ضوء ذلك فتح محضر وتمت مراجعة مدعي عام بيروت الذي طلب بدوره استجواب الموظفين، وقد افاد احدهم ان هذه الغرفة، وبناء على قرار قاضي الامور المستعجلة في بيروت يمنع الدخول اليها. هنا، مدعي عام بيروت راجع مدعي عام التمييز الذي احال الملف الى محام عام تمييزي الذي ختم التحقيق وترك الموظفين بسند اقامة.
عند مراجعة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية كان جوابه ان لا علاقة له بالموضوع، ويجب مراسلة قيادة الجيش كون مديرية المخابرات مسؤولة عن المرفأ، ولكن حيث نكون امام محضر قضائي يصبح القاضي هو المسؤول، وبالتالي كان يفترض بقاضي الامور المستعجلة احالة المحضر الى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية واجراء المقتضى اي ان يتم تكلف فريقا هندسيا من مديرية المخابرات للكشف على العنبر ومصادرة المواد لمصلحة قيادة الجيش من اجل توضيبها بطريقة لا تؤدي الى التفجير.
ولكن يبدو انه بسبب غياب الخبرة لدى القاضي لم يكلف هذا الفريق، كما ان مفوض الحكومة رمى المسؤولية على الجيش الذي لا يتحرك دون اشارة قضائية. ولكن عذر المحكمة العسكرية هنا غير مبرر اذ كان يفترض بمفوض الحكومة ان يوجه امرا قضائيا الى مديرية المخابرات لارسال دورية، ومعلوم ان “كل شيء اسمه متفجرات” هو من صلاحية القضاء العسكري، وبالتالي النيابة العامة العسكرية تتحرك عفوا عندما يتعلق الامر بضبط متفجرات وفقا لقانون القضاء العسكري.
كما، لا بد من الاشارة الى ان اللواء صليبا كان قد ابلغ رئيس الحكومة بوجود هذا المخزن، وكان يفترض ان تكلف وزيرة الدفاع بالقيام بالاجراءات الملائمة اي تكليف مديرية المخابرات حيث يتحرك خبير عسكري من اجل ضبط هذه المواد ومصادرتها للبت بمصيرها.
وفي موازاة ذلك تم حفظ الملف من قبل احد المدعين العامين، بعنى آخر انه لم يتم فعل شيء في متابعة هذه المواد.
من قرر سد الفجوة
واذ استبعدت المصادر بشكل كلي فرضية الضربة الاسرائية، قالت ان هناك من قرر – بعد التحقيق المشار اليه – سد الفجوة التي دخل منها عناصر امن الدولة بوضع كونتينر الى جانبها ، ثم من خلال التلحيم ، حيث خلال هذه العملية تطايرت الشرارات ابتجاه “نترات الامونيوم”، وبالتالي السؤال اين الخبير العسكري الذي اعطى الاذن بالتلحيم، وحدد الاجراءات واشرف على ما قام به العمال؟
وهنا توضح المصادر ان هذه مواد لا تنفجر لانها غير مضغوطة، لكنها تحترق ويتصاعد منها دخان ابيض اللون.
وماذا اذا عن الغيمة الزهرية اللون، تجزم المصادر انها نتيجة متفجرات عسكرية، لان هذا اللون لا يأتي الا من تي ان تي او السي فور، مؤكدة ان الاصوات التي سمعت ليست مفرقعات التي لا يظهر نورها بوضوح خلال النهار بل هي رصاص او انواع من الذخيرة التي “تفرقع في ارضها”… وبالتالي لمن تعود هذه الذخيرة، هذا ايضا ما يجب التحقيق به!.. فهل كان وراء “نترات الامونيوم” مواد اخرى؟!
وردا على سؤال اشارت المصادر الى ان اهمية تحديد من الجهة التي امرت افراغ هذه المواد من الباخرة ونقلها الى العنبر رقم 12، هل حصل ذلك بقرار قضائي او تم افراغهم بواسطة الجمارك؟
من المسؤول؟!
ومن الجهة التي تتحمل المسؤولية اكثر من غيرها؟ اشارت المصادر الى انه قبل تحرك امن الدولة، فان الجمارك وادارة مرفأ بيروت ورئيس دائرة المستوعبات كانوا يعلمون بوجود مواد متفجرة وكان يفترض بهم اعطاء العلم الى النيابة العامة العسكرية، ولكن في الواقع مدير ادارة المرفأ، المسؤول عن العنبر، المسؤول عن الجمارك في المرفأ، المحامي العام التمييزي، قاضي الامور المستعجلة في بيروت، مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية… كلهم كانوا على علم بهذه المواد، ويجب ان يحاكموا كونهم لم يتخذوا اي قرار مع العلم ان الاجراءات الملائمة امام هذا الواقع كان يجب ان تتخذ عفوا، الامر الذي يندرج تحت خانة “الاهمال الوظيفي” المنصوص عنه في قانون العقوبات الجزائية” الذي ادى الى مقتل اكثر من 100 لبناني وآلاف الجرحى.
وامام هول المأساة، تذكر المصادر اننا في الاعوام السابق، شاهدنا قضاة من المحكمة العسكرية، ينتقلون الى مكان مخازن الاسلحة يعينون خبراء يضبطون الموجودات ويصادرونها لصالح قيادة الجيش، سائلة لماذا لم يحصل مثل هذا التحرك في المحكمة العسكرية… لما كنا وفرنا على البلد المزيد من الدمار والخراب. آسفة الى ان بعض القضاة لا يريدون العمل، فاصبحت المناصب “وجاهة”، لتدخين السيغار والمشاركة في المناسبات والتقاط الصور وتصدّر صفحات المجلات ومواقع التواصل الاجتماعي!.. فلا احد منهم يتحرك الى المواقع من اجل الكشف ووضع التقارير واتخاذ القرار السريع…
وختمت: لم يتخذ اي اجراء لا على مستوى السلطة التنفيذية ولا على مستوى السلطة القضائية.
وبعد 5 ايام؟
اخيرا، كلف مجلس الدفاع الاعلى في جلسته ليل امس لجنة للتحقيق بأسباب كارثة الانفجار ورفع نتيجة عملها في مهلة اقصاها 5 ايام …فهل سنصل الى حل اللغز والاجابة عن كل التساؤلات بعد خمسة ايام!!! ان غدا لناظره قريب…