فعلتها حكومة حسان دياب، وذهبت لملء شواغر مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان بأعضائها الستّة، بعد سنوات من الإنتظار، ويا ليتها لم تفعل. وعلى رغم ما قيل على مسمعنا بأنّ المعيّنين هم الأوائل في طوائفهم، وهو ما لا قدرة لنا على إثبات صحته، بقي المدير العام كمال حايك في منصبه رئيسًا لمجلس الإدارة، ولا نعلم وفق أيّ بدعة، وهو الشاغل للمنصب منذ العام 2002، وفاحت رائحة المحاصصة من تلك التعيينات، في ملف وضعته الجهات المانحة في سلّم الأولويات الإصلاحية.
لم تقتصر الفعلة تلك على المحاصصة والتبعيّة في مجلس الإدارة، لا بل زايدت الحكومة الحالية على سابقاتها، وتفوّقت في الإحتكام لمنطق المصالح الحزبية والطائفية الضيقة. تجلّى ذلك في ترحيل تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، إلى حين تحقيق الرغبة القديمة المتجددة “لوزير العتمة” جبران باسيل، ريثما يتمكّن الأخير من استكمال نهجه وخطّته في تعديل صلاحيات الهيئة الناظمة، ليقتصر دورها على الناحية الإستشارية فقط، فتبقى الصلاحيات بيد الوزير وحده. والمسؤولية هنا لا تقع على فريق العهد “الإصلاحي” دون سواه، بل على كلّ مشارك في الحكومة سواء أكان أصيلًا أو وكيلًا.
و هكذا غاب عن بال الحكومة بأعضائها الإختصاصيين ورئيسها الأكاديمي، أنّ تعيين هيئة ناظمة فاعلة تشرف على قطاع بلغ هدره حوالي نصف قيمة الدين العام، هو مطلب الجهات المانحة، في صندوق النقد الدولي وفي مؤتمر “سيدر” ، وشرطها الأول في أيّ برنامج أو دعم مالي. وكلمة “هدر” هي التعبير الملطّف لسرقة المال العام، في قطاع يكلّف الخزينة سنويًا ملياري دولار، من دون أن يقدّم خدمة الكهرباء للبنانيين، التي تحوّلت بفضل إصلاح الوزراء المتعاقبين على حقيبة الطاقة من وعد بـ 24/24 كهرباء، إلى واقع 22/24 عتمة.