منذ لحظة طرح إسمه رئيساً للحكومة، كان واضحاً تشبّث حسان دياب بهذا المنصب وكأنه كان يحلم بالسراي الحكومي ليالٍ طوال، الى أن أطلق عليه روّاد مواقع التواصل الإجتماعي إسم “إلتيكو” كونه كان مصراً على تشكيل الحكومة برضى مفتي الجمهورية أو بدونه، ضارباً بالميثاقية عرض الحائط. الرئيس النرجسي بعض الشيء، المثبت لنرجسيته بكتاب لخّص فيه مسيرته كوزير تربية في حكومة نجيب ميقاتي، دخل أمس الأربعاء السراي الحكومي رئيساً لمجلس الوزراء، “ناظراً” الى السراي كمنزله الثاني، “مقرراً” جعلها مكان إقامته الدائم وعائلته.
إذ عُلم انّ دياب قرر ان يقيم مع عائلته في الجناح المخصّص لرئيس الحكومة في السراي الحكومي، وقد انتقل اليها اعتباراً من يوم امس، ليكون أوّل رئيس حكومة يقطن السراي منذ تدشينها كمقر لرئاسة الحكومة في عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وفي أولى لقاءاته المتوقعة في السراي اليوم، عُلم، بحسب صحيفة “الجمهورية” انّ دياب سيلتقي عدداً من السفراء الأوروبيين تتمة لاجتماعات سابقة عقدت في منزله إبّان فترة التشكيل، وستشمل قبل الظهر سفراء فرنسا وسويسرا والاتحاد الأوروبي، على ان يلتقي بعد الظهر سفير بريطانيا.
غرق داخلي وغضبة خارجية!
حكومة دياب بلا غطاء شعبي داخلي، وغارقة داخلياً في ازمات اقتصادية ومالية وتواجه غضبة خارجية، لم تتضح معالم ترجمتها بعد. حتى هذه اللحظة تحاذر قوى الاكثرية النيابية من الإغراق في التفاؤل في مستقبل الحكومة وما يمكنها ان تفعل بل هي اشد حذراً عند هذا الكم من الاسئلة: من سيغطي الحكومة إقليمياً ودولياً؟ ومن اين تأتي حكومة “حزب الله” بالمال لضخه في السوق اللبناني؟ وهل هناك من عاقل يمنح اعداءه المال من دون مقابل وبالمجان؟ ولماذا تغض واشنطن النظر عن حكومة ” حزب الله” وهي تفرض عليه عقوبات ستزداد قساوة يوماً بعد يوم؟ واخيراً هناك سؤال كبير ايضاَ داخلياً: كيف يمكن لحسان دياب ان يقف في وجه الطائفة السنية بكاملها؟ وهل يرمي بمليون سني في البحر؟ وكيف سيتمكن من تجاوز غضبة الشارع والحراك عليه وعلى الحكومة؟
وعند الغوص في البحث عن إجابات “مقنعة” لهذه الاسئلة، لا بد من يتوقف المراقب عند كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري امام “نواب الاربعاء” النيابي اليوم، عندما قال ان “ثقة الشعب والمجتمعين العربي والدولي للحكومة أهم من ثقة مجلس النواب”، وهذا يعني بلا لبس ان حكومة دياب هي حكومة بلا غطاء شعبي داخلي، وغارقة داخلياً في ازمات اقتصادية ومالية وتواجه غضبة خارجية، لم تتضح معالم ترجمتها بعد.
تصريحات وزارية خائفة ومتناقضة
ومن يتابع تصريحات وزراء الحكومة الجديدة وبغض النظر عن تركيبتها وشكلها او امتداداتهم الحزبية والطائفية، يستشف التناقض والذهول والخيبة وتوقع الفشل من كلامهم. من وزير المال الذي اقر بصعوبة السيطرة على سعر صرف الدولار واستحالة عودته الى سعر الصرف الرسمي اي 1500 ليرة. كما يلاحظ من كلام وزير الطاقة ان لا كهرباء ولا هم يحزنون ومن دون ان يتجرأ على وضع سقوف زمنية لكهرباء الـ24 على 24 كما فعل اسلافه. فكيف يمكن تسديد 47 مليار دولار كعجز سببه قطاع الكهرباء في الدين العام؟ في الشق الداخلي والشعبي للحكومة الجديدة، تؤكد اوساط سنية انها تواجه برفض شعبي عارم وانتفاضة سنية ضدها بالاضافة الى الحراك الذي يرى فيها حكومة الخديعة الفاشلة، والتي لن تنطلي عليه مهما تلونت وجوه اعضائها! لذا الثورة مستمرة ضدها في الشارع مهما ارتفع عديد القوى الامنية في مواجهة المتظاهرين. “فيتو اميركي” في الشق الخارجي وهو الاهم ويستشف ذلك من كلام بري اعلاه، فلا حكومة يمكن ان تقلع ببلد مفلس ومحاصر ومضغوط عليه اقتصادياً ومالياً من اميركا طالما لم توجد الرغبة والغطاء الدولي لحكومة دياب وهذا الغطاء الدولي مطلوب ليمول العرب والخليجيون الاقتصاد بودائع بلا فوائد في المصرف المركزي وموضوعى لآجال طويلة وغب الطلب. وحتى الساعة يتضح من الفتور العربي والخليجي والدولي باستثناء موقفين فرنسي واممي وهما بروتوكوليان. وفي ساعات هذا المساء صدر كلام هام وبارز لوزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو وقال فيه :”واشنطن لن تقدم مساعدات إلا لحكومة لبنانية غير فاسدة وتلتزم بإجراء إصلاحات وتستجيب لمطالب الشعب”. وهذا الكلام ان صح انه موجه الى دياب وحكومته يعني ان الغضبة الخارجية والاميركية تحديداً قد حلت والاسوأ الآتي اعظم!