مع قرار بنك كندا الأخير برفع سعر الفائدة الرئيسي، وارتفاع متوسط سعر المنزل على أساس سنوي، أفاد العديد من الكنديين أنهم يكافحون من أجل الحصول على سكن، ونتيجة لذلك، قرر البعض الانتقال إلى بلدان حيث سيدفعون أقل مقابل الإقامة وغيرها من الأمور الأساسية.
أحد هؤلاء الأشخاص هو رولاند كاميرون من هاميلتون في أونتاريو، الذي وصل مع زوجته إلى بربادوس في 10 يوليو ويخططان للعيش هناك بشكل دائم.
قال كاميرون البالغ من العمر 48 عاما: “لماذا ندفع الكثير مقابل أشياء ليست منطقية، ولقد سئمت الحياة في كندا”.
وعلى الرغم من أن البيانات الواردة من هيئة الإحصاء الكندية تُظهر أن هناك عددا أكبر من الأشخاص الذين يهاجرون إلى البلاد أكثر من عدد المهاجرين منها، إلا أن الكنديين مثل كاميرون يغادرون البلاد بشكل دائم كل يوم، وتشير الإحصاءات إلى أن مهاجرا واحدا سيغادر كندا كل 20 دقيقة أو نحو ذلك.
ويأمل كاميرون أن يكون لهذه الخطوة تأثير إيجابي على نوعية حياته بشكل عام، مما يسمح له بتوليد المزيد من الدخل المتاح للإنفاق على الأنشطة الترفيهية وزيادة عدد أفراد أسرته في نهاية المطاف.
“الاختلاف بين البقاء والعيش”
قرر ستيف ثاروت – وهو في الأصل من أوتاوا – مغادرة كندا في مارس 2020 بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة، وبعد أكثر من ثلاث سنوات من مغادرته، يقوم ثاروت الآن بزيارة ألبرتا ليأخذ معه زوجته ويستقر بشكل دائم في كمبوديا.
وأوضح أنه اعتبارا من أغسطس، سيعيش وزوجته في منزل من ثلاث غرف نوم وثلاثة حمامات مع مسبح بينما يدفع إيجار 300 دولار شهريا، بينما في كندا، يبلغ متوسط سعر استئجار شقة من غرفة نوم واحدة 1837 دولارا.
ووفقا لموقع Numbeo، فإن متوسط سعر الغذاء والنقل في كمبوديا أرخص عموما مما هو عليه في كندا.
أب لطفلتين لم يعد يرى أن كندا هي “الهدف النهائي”
بدأ Shane Baetz، الذي نشأ بالقرب من لندن في أونتاريو، العمل في الفلبين في عام 2011، وبعد حوالي عقد من الزمن، خلال جائحة كورونا، عاد إلى كندا مع زوجته وطفلتيه، وقال إنه تم تسريحه في ذلك الوقت وأن أسرته فكّرت في الانتقال بشكل دائم إلى كندا.
ولكن عندما كانت أسرته تبحث عن منزل جديد، رأوا أن متوسط الأسعار يرتفع بسرعة، فبحلول فبراير 2022، بلغ متوسط السعر الوطني للمنزل ذروته عند 816720 دولارا، ونظرا لارتفاع أسعار المساكن في لندن ومنطقة تورنتو الكبرى، قال Baetz إنه لا يعرف ما إذا كان من المنطقي ماليا لعائلته البقاء في كندا.
ويقلق Baetz أيضا بشأن ما إذا كانت ابنتاه، اللتان تبلغان من العمر 9 و12 عاما، ستتمكنان في النهاية من شراء منازل بأنفسهن.
وقال: “شعرت دائما أن بناتي ستحظين بحياة أفضل في كندا، ولكنني لم أعد أرى ذلك بعد الآن، ومن المحزن ألا ننظر إلى كندا كهدف نهائي بعد الآن”.
وأكد أن ارتفاع أسعار المساكن أدى في نهاية المطاف إلى عودته مع عائلته إلى الفلبين في مارس 2022.
وقال Tsur Somerville، الأستاذ المشارك في الاستراتيجية واقتصاديات الأعمال في كلية Sauder للأعمال بجامعة بريتش كولومبيا، إنه ليس من غير المألوف أن يستقر الكنديون في بلدان ذات حد أدنى منخفض للأجور. وأوضح أنه بالنسبة لأولئك الذين حققوا دخلا أثناء إقامتهم في كندا، فإنه من الأسهل زيادة هذه الأموال.
وأضاف: “إذا أخذت ثروتي التي جمعتها في كندا ثم انتقلت إلى مكان يكون فيه الدخل أقل بكثير والأجور أقل بكثير، فسيكون كل شيء بسعر أقل بكثير”.
فالبلدان مثل كمبوديا والفلبين لديها حد أدنى للأجور أقل من الراتب الأساسي الذي يكسبه العمال في المقاطعات والأقاليم الكندية، ففي الفلبين، على سبيل المثال، يبلغ الحد الأدنى للأجور حوالي 14 دولارا في اليوم، أما في كندا، يمكن للموظفين جني ما لا يقل عن 104 دولارات يوميا، ويتراوح الحد الأدنى للأجور من 13 دولارا إلى 16.77 دولارا في الساعة اعتمادا على المقاطعة أو الإقليم.
مشترو المنزل لأول مرة والمتقاعدون يفكرون في مغادرة كندا
يتطلع Andre Fortier البالغ من العمر 59 عاما، لشراء منزله الأول، حيث يستأجر حاليا شقة في تورنتو مقابل 1600 دولار شهريا، وهو يفكر في الانتقال إلى كولومبيا، حيث تنتمي شريكته، وهناك يأمل في شراء منزل، لأنه لا يرى نفسه قادرا على شراء عقار في كندا.
وعلى الرغم من أن متوسط أسعار المنازل قد يكون أرخص خارج المراكز الحضرية الرئيسية مثل تورنتو، قال Fortier إنه كان يكافح من أجل العثور على عمل بدوام كامل خارج المدينة، وأكد أنه إذا كان سيبقى في كندا خلال سنوات تقاعده، فإن الأموال من معاشه ستغطي بالكاد إيجاره.
وتفكر Leslie Dunn من بريتش كولومبيا أيضا في الانتقال إلى بلد آخر، حيث تأمل المرأة البالغة من العمر 57 عاما في شراء منزل في المكسيك وتقسيم وقتها بين البلدين على مدار العام.
ويُظهر البحث الذي أجراه موقع Far Homes، وهو موقع عقاري يساعد الأجانب على شراء العقارات في المكسيك، أن عددا متزايدا من الكنديين يهاجرون إلى هناك منذ عام 2020، وتظهر البيانات من الحكومة المكسيكية أنه تم إصدار 1032 بطاقة إقامة مؤقتة للكنديين في عام 2020، مقارنة مع 3160 بطاقة تم إصدارها في عام 2022.
وتُظهر الدراسات الاستقصائية التي أجراها الموقع مؤخرا أن أحد العوامل المهمة وراء هذا الاتجاه هو الرغبة في انخفاض تكلفة المعيشة.
وقالت Dunn: “تكلفة المعيشة باهظة في كندا، ومعدلات الإسكان منخفضة، وأجد أن هناك الكثير من الأشخاص الذين يفتقرون إلى المنازل.”
كيف تساهم زيادة العرض في القدرة على تحمل تكاليف الإسكان
قال Somerville إن الكنديين، إلى جانب سكان عدد لا يحصى من البلدان الأخرى، ما زالوا يكافحون من أجل الحصول على سكن بأسعار معقولة وسط أزمة غلاء المعيشة.
وأضاف، “لقد ارتفعت مدفوعات الإيجار والرهن العقاري أكثر بكثير من الدخل في كندا، ولا سيما في العامين أو الثلاثة أعوام الماضية”.
وبحسب Somerville، فإنه وعلى الرغم من أن متوسط أسعار المساكن قد انخفض إلى حد كبير من ذروته في فبراير 2022، إلا أنها لم تنخفض بما يكفي لتعويض مدفوعات الرهن العقاري المرتفعة الناتجة عن رفع أسعار الفائدة في بنك كندا.
وبالإضافة إلى ذلك، في حين أن ترك كندا للانتقال إلى بلد منخفض الدخل قد يبدو وكأنه طريقة جيدة لتوفير المال، إلا أن هذا قد يكون له عواقب سلبية غير مقصودة على تلك المجتمعات الأجنبية.
وأوضح Somerville إلى أنه في المناطق التي تشهد مستويات عالية من انتقال مشتري المنازل الأثرياء، وكان المعروض من المساكن الحالية لا يلبي الطلب، فإن ذلك يمكن أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع متوسط أسعار المنازل في هذه المناطق.
وقال “قدرتك على دفع المزيد من أجل السكن، يمكن أن يكون لها آثار محلية سلبية”.
ووفقا لتقرير صادر عن مؤسسة الرهن العقاري والإسكان الكندية في عام 2022، فإن زيادة المعروض من المنازل في كندا تعد أمرا أساسيا لضمان المزيد من الإسكان الميسور التكلفة، وقد قدرت المؤسسة أن مخزون الإسكان في كندا سيرتفع بمقدار 2.3 مليون وحدة بين عامي 2021 و2030، ومع ذلك، سيتعين بناء 3.5 مليون منزل لضمان القدرة على تحمل تكاليف السكن في كندا.