بدأت الجولة الثانية من الصراع القضائي الذي يتواجه فيه معارضو قانون علمانية الدولة في كيبيك والمدافعون عنه. فالمواجهة إنتقلت إلى محكمة الاستئناف في المقاطعة.
وإذا بدا أنّ الطرفيْن مختلفان حول كل الأمور، فإنهما مع ذلك يتفقان على شيء واحد وهو أنّ قاضي الدرجة الأولى أخطأ وأنّ الحكم الصادر في نيسان (أبريل) 2021 يجب أن يُبطل. أمّا أسباب الاستياء من ذاك الحكم فمتعارضة تماماً.
فإذا كان قاضي المحكمة العليا (قاضي الدرجة الأولى) قد حافظ على الخطوط الرئيسية لقانون علمانية الدولية ، فهو أبطل مواده التي تتعلق بمجلس المدارس التي تخص الأقلية الناطقة بالإنكليزية في مونتريال وبالجمعية الوطنية (الجمعية التشريعية).
و يتعيّن على محكمة الاستئناف في كيبيك، على هامش عملها في النظر بشأن صلاحية قانون علمانية الدولة في هذه المقاطعة، أن تبتّ في تناقض مثير للاهتمام وارد في الشرعة الكندية للحقوق والحريات.
فقانون علمانية الدولية (المعروف على نطاق واسع بالرقم 21 الذي حمله مشروع القانون قبل أن يصبح قانوناً) يستند إلى المادة 33 من الشرعة، أي إلى ’’بند الاستثناء‘‘ (clause dérogatoire / notwithstanding clause)، لتعليق حرية المعتقد الديني في حالة ارتداء رمز ديني ما.
وللتذكير، يحظر قانون علمانية الدولة، الذي أقرّته الجمعية الوطنية الكيبيكية في حزيران (يونيو) 2019، على القضاة والمدعين العامين وأفراد الشرطة وحرّاس السجون والمعلّمين في المدارس الابتدائية والثانوية العامة ارتداءَ الرموز الدينية على اختلافها خلال دوام العمل. وبند الاستثناء يحصّن القانون، مدة خمس سنوات قابلة للتجديد، بوجه الطعون الدستورية.
وتنص المادة 33 على أنه يجوز لهيئة تشريعية أن تحيد عن بعض مواد الشرعة، لا سيما المادة 15 التي تحظر أي تمييز قائم، في جملة أمور، على أساس الجنس. ومع ذلك، فإنّ بند الاستثناء لا يسمح بالتهرب من المادة 28 من الشرعة التي تنص من جانبها على أنّ الحقوق والحريات المنصوص عليها في الشرعة ’’مكفولة بالتساوي للأشخاص من كلا الجنسيْن‘‘.
هذا النقاش الذي احتل جزءاً كبيراً من جلسة يوم أمس، أطلقته المحامية بيري رافون التي تمثل مجلس المدارس التي تعلّم باللغة الإنكليزية في مونتريال ، وجادلت رافون بأنّ قانون العلمنة ’’يضر بشكل غير متناسب بالنساء المسلمات في ممارسة حريتهنّ الدينية‘‘.
ودعمت رافون ادعاءَها بالقول إنّ طلبات الحصول على المعلومات المقدَّمة إلى نحو 300 مؤسسة عامة أظهرت أنّ القيود التي يفرضها قانون العلمنة لم تؤثر إلّا على النساء المسلمات ، وقالت رافون إنّ ’’المشرِّع اختار عمداً استثناء المادة 28 من تطبيق (المادة) 33‘‘ من أجل، على وجه التحديد، ضمان حماية حقوق المرأة.
المحامي جوليوس غراي، الذي يمثل اللجنة الكندية للحقوق والحريات، قال إنّ قانون العلمنة ’’لم يقيّد حقّ ممارسة الدين‘‘ ولا الذهاب إلى دور العبادة. ومع ذلك، أوضح غراي أنه إذا كان هذا الحق موجوداً ’’فقد تمّ تقييده، وتمّ تقييده بشكل غير متساوٍ بين الرجال والنساء، وبالتالي على وجه التحديد إنها الحالة (المنصوص عليها في المادة) 28‘‘.
وفي الجهة المقابلة، شدّدت المحامية آميلي بيلتييه ديروسييه، التي تمثل المدعي العام في كيبيك (وبالتالي حكومة المقاطعة)، مراراً على أنّه ليس للمادة 28 تأثير مستقل.
’’موقف المدعي العام هو أنه لا يمكن الالتفاف على بند الاستثناء باستخدام المادة 28 لإعادة تفعيل حقوق وحريات تمّ تقييدها‘‘، قالت بيلتييه ديروزييه، واعتبرت أنّ ’’المادة 33 تسمح بشكل صريح بعدم التقيّد بالمادة 15‘‘ على الرغم من وجود المادة 28.
وأضافت بيلتييه ديروزييه أنّ معارضي قانون العلمنة فشلوا في تقديم دليل إحصائي لدعم حجتهم حول التمييز المحدد ضد المرأة. فالنساء يمثّلن 88% من معلمي المدارس الابتدائية و65% من معلمي المدارس الثانوية، وبالتالي ليس مفاجئاً أن يكُنّ أكثر تأثراً بالقانون، حسب رأيها.
المحامية مولي كريشتالكا، التي تمثل ثلاث معلمات، اثنتان منهنّ مسلمتان والأُخرى مسيحية كاثوليكية، طعنّ بقانون العلمنة، قالت إنّ ’’الحياد مطلوبٌ من الدولة ومؤسساتها، وليس من الأفراد العاملين لديها‘‘.
واعتبرت كريستالا أنّ من الخطأ اعتبار أنّ وضع معلّم أو معلّمة صليباً حول عنقه أو ارتداء معلمة حجاب رأس إسلامياً يعني أنّ المؤسسة التربوية أو الدولة تتبنّى دين هذا المعلم أو تلك المعلمة.
وهكذا، فإنّ محامي عدة جمعيات أهلية وأطراف معارضة للقانون، من بينها المجلس الوطني للكنديين المسلمين (NCCM / CNMC) والمجلس المدرسي الأنغلوفوني، ومحامي أطراف تدعم القانون، على رأسها حكومة كيبيك ومن بينها أيضاً الحركة العلمانية الكيبيكية (MLQ)، يمثلون أمام قضاة محكمة الاستئناف الكيبيكية لتقديم حججهم في جلسات استماع بدأت قبل يومين في السابع من تشرين الثاني (نوفمبر) وتستمرّ جلسات الاستماع لغاية 18 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري.
To read the article in English press here
إقرأ أيضا : «غرف الطوارئ» تغص بالأطفال المصابين بفيروس RSV و نقص حاد في الأدوية !