لمّح النائب نهاد المشنوق إلى أنّ المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار يأتمر من المستشار الرئاسي سليم جريصاتي. وذكّر بتهديد جريصاتي له قبل عامين، بأنّه “سيدفع الثمن غالياً”، بسبب تصدّيه لكلام النائب جبران باسيل من البقاع، حيث هاجم “السنيّة السياسية” وقال إنّه يعمل على إقاءها ووراثتها.
وقال المشنوق، بعد اجتماع مطوّل مع مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان: “سنواجه بالدستور وبالقانون وبالسياسة”، وأضاف: “فليسمح لنا البيطار، هذا كثير. وهذه مسألة لا تحتمل شدّ العضلات، ولا يزايدنّ أحدٌ علينا. كلّ واحد يروق ويعرف وين قاعد”. وأضاف: “من سيقول إنّ هذه الدار فئوية وطائفية، أجيبه: أنا مستعدّ أن أقول هذا الكلام من بكركي”.
واعتبر أنّ “بكركي مرجعية كل اللبنانيين ووطنيتها فوق أيّ اعتبار طائفي، والبطريرك الراعي هو مرجعية لكلّ اللبنانيين في كلّ القضايا، وهو سيّد من أسياد الدعوة إلى السيادة والحرية والاستقلال”.
وتابع المشنوق: “على كلٍّ، فإنّ القاضي بيطار نفسه لا تنقصه المشاوير إلى بكركي ولا التشاور مع سيّدنا البطريرك بشارة الراعي. وكل البلد يعرف، ولا يظنّنَ أحدٌ أنّ هناك أسراراً يمكن إخفاؤها في لبنان”.
وإذ أعلن أنّ “صاحب السماحة لم يسمح لي، لكن سأقولها، إذا كان جهاز أمن الدولة يريد إحضار الرئيس حسان دياب، وضيّع العنوان، فعنوان الرئيس دياب هو “دار الإفتاء – الزيدانية – بيروت”، فليأتوا للتبليغ والإحضار من هنا”.
وعدّد المشنوق 7 أسباب لارتيابه المشروع من تنفيذ البيطار أجندة سياسية، بعيداً من الدستور والقانون والمنطق، فقال:
“عشت التجارب السابقة كلّها منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى اليوم، ووصلتُ إلى قناعة بأنّه لا يمكن الوصول إلى الحقيقة إلا عبر تحقيق دولي. لكن بسبب الاستدعاء الصادر بحقّي، والذي سمعتُ عنه في الإعلام ولم أستلمهُ رسميا، سأطرح الأسئلة التالية:
1- أعلنتُ في مجلس النواب أنّني مستعدّ للمثول أمام المحقق العدلي وزرتُ قصر العدل فلم أجده في مكتبه، وردّ عليّ وأبلغني عبر الكاتبة في مكتبه، بأنّه لن يستقبلني دون رفع الحصانة عنّي. فأنا مُدّعَى عليّ، وهو قاضٍ للمدَّعِي وللمُدّعَى عليه، فلماذا يستقبل أهالي الضحايا كلّ مرّة بحجة المراجعة، بلا شروط ولمرات عدة. بهذا المعنى من واجبه أن يستقبل المُدّعى عليه ولو بصفة شاهد، رغم أنني قلت إنّني سأذهب بالصفة التي يقرّرها، فلماذا لم يستقبلني؟
2- هو ادّعى في نصّ الدعوى بوجود احتمال شبهة التسبّب بجريمة وإحراق وقتل وكل الاتهامات التي ساقها، لذلك يقول بانتفاء صلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. فإذا كان الأمر كذلك، لماذا لا يسري هذا الاعتبار على القضاة الذين حوّلهم إلى محكمة خاصة بهم. أنا على الأقلّ متهم بأنّني خططتُ في سنة 2014، بإهمالي وقراءتي “وثيقة عمياء” كما أسمّيها. هذا على الرغم من أنّ الوثيقة التي استلمتُها تقول إنّ النيترات كانت على ظهر الباخرة، أما القضاءة فعرفوا أنّها نزلت على البرّ، ووافق على تحويلهم إلى محكمة خاصة، فلماذا لم يقبل بالأمر نفسه للوزراء والنواب؟
3- هناك نصّ دستوري وهناك نصّ قانوني، فأيّهما يتقدّم على الآخر؟ بطبيعة الحال الدستور يتقدّم، وهو يقول بمحاكمة الرؤساء والوزراء أمام “المجلس الأعلى”.
4- تشكلت الحكومة الجديدة وعدد من أعضائها هم حكماً أعضاء في مجلس الدفاع الأعلى. على الرغم من هذا، سارع البيطار في أوّل يوم بعد انتهاء العقد الاستثنائي لمجلس النواب، بسبب تشكيل الحكومة، سارع إلى استدعاء الوزراء السابقين. فلماذا يلم يتقدّم من وزير الداخلية الجديد بطلب جديد لاستدعاء مدير عام الأمن العام، ولماذا لم يطلب من مجلس الدفاع الأعلى، بطلب جديد، لإعادة النظر بقرار استدعاء المدير اعام لأمن الدولة اللواء أنطوان صليبا. فنحن أمام مجلس دفاع أعلى جديد ووزير داخلية جديد. لماذا بدأ بالوزراء السابقين؟
5- قرأتُ في الإعلام، في موقع “العربي”، كلاماً منقولاً عن لسان البيطار، يقول: “بلدنا لن يبقى كما هو، والتغيير يجب أن يحصل”. عال وكويّس. كلام عظيم. فليستقِل من القضاء ولينزل إلى الشارع ليطالب بالتغيير. ثم تغيير من؟ وماذا؟ هو قاضٍ وهناك حكومة جديدة فيها كلّ الطبقة السياسية التي يريد تغييرها، لكن ليعبّر عن رأيه في الشارع وليس من موقعه كقاضٍ يقبض راتبه من الدولة اللبنانية التي لا يوافق عليها.
6- ردّت النيابة العامة التمييزية برسالة على مجلس النواب، الذي رئيسه هو الرئيس المعتبر والمعتمد للمحافظة على الدستور، وهو الرئيس نبيه بري، ردّت برسالة أوضحت أنّها أبلغت المحقّق العدلي السابق، بأنّ صلاحية محاكمة الوزراء السابقين هي من اختصاص المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وأعلنت بوضوح أنّها “أكثر إيجابية وتميل” الى اعتماد المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، مع المحقق العدلي الجديد الذي لا يطلعها على الكثير من الإجراءات. وهذه مخالفة قانونية بالمناسبة.
7- نحن تحت عمامة هذه الدار التي هي عمامة وطنية لكلّ اللبنانيين وكلّ تجربتها تنبع من قدرتها على الحرص على الدستور، وعلى إرساء التوازن ليحصل كلّ لبناني على حقّه. وقد صدر بيان المجلس الشرعي برئاسة صاحب السماحة ومفتي الاعتدال الوطني، وحدّد بشكل صريح وواضح موقف الدار الرافض للاستنتسابية والانتقائية، ودعا إلى الرجعو للدستور الذي يقول بمحاكمة الرؤساء والوزراء أمام محكمة خاصة بهم. خصوصاً أنّ الرئيس حسان دياب أيضا مُستدعى ومُدّعى عليه. لذلك أنا أعتمد رأي النيابة العامة التمييزية ورأي المجلس الشرعي الأعلى وبيانه. وأي كلام آخر لا يعنيني ولا يلزمني ولا يهمّني. أقولها بشكل واضح وصريح لئلا يضيّع أحد وقته.
وقال المشنوق: “إذا كان البيطار يريد تغيير مجلس النواب بهذه الطريقة فلينزل مع الناس إلى الشارع وليقُل ما يريده. أما اعتماد الاستنسابية والانتقائية والمواجهة السياسية، فلا، ونحن سنواجه سياسياً، ونعرف كيف أكثر بكثير وكثير وكثير ممّا يعرف هو”.
وتابع: “سأتقدم بطلب ردّ الدعوى. هذا طلب قانوني وسيتقدّم به عدد من زملائي وكذلك الرئيس دياب بحسب ما عرفت من قريبين منه. فما دام القاضي قادراً على أن يقول ما يريده في الإعلام وقادراً على أن يتجاهل موضوع المدراء العامين وقادراً على أن يخصّص للقضاة محكمة خاصة رغم أنّها الجريمة نفسها… لا. فليسمح لنا، هذا كثير”.
وردّاً على سؤال قال المشنوق إنّ “رؤساء الحكومة السابقين تحدّثوا عن التحقيق الدولي وبعض الكلام الآخر صدر تحديداً عن الرئيس فؤاد السنيورة. لكن أذكرهم لأنّ بعضهم نسي وبعضهم لا يعرف، بالمثل الذي يقول “أُكِلتُ يوم أُكِلَ الثور الأبيض”، ليقرأوه وليعرفوا إلى أين ستتّجه الأمور وليتعرّفوا أكثر إلى قدرتهم على المواجهة”.
وقال ردا على سؤال: “من على هذا المنبر قبل عامين، المصمّم الدستوري العظيم الأستاذ سليم جريصاتي توعّد أنّني سأدفع الثمن غالياً بسبب دفاعي عن السنية السياسية، بوجه كلام الوزير جبران باسيل الذي قال إنّه سيسعى إلى إقصاء ووراثة السنية السياسية. وأقول له: طالما هذه الدار بخير لا أحد سيدفّعني لا ثمنًا غالياً ولا ثمناً قليلاً”.
وختم المشنوق: “السنيّة السياسية فخر والسنيّة بحدّ ذاتها فخر لي ولغيري، لأنّها ليست طائفية بل هي الدولة والنظام والعدل والقضاء ولا يعرف السنّة غير الدولة حتّى يقال عنهم طائفيون. لا أحد إلا ويكون فخوراً بالدولة وبدعمها وبعمامتها الوطنية، ولا أحد يقدر ولا لحظة أن يعطينا دروساً، فأنا وكلّ الذين مثلي وأقلّ مني وأفضل مني، فخورون بولائنا المطلق للدولة وعدم تفكيرنا بأيّ شيء آخر غير الدولة. فلا يزايدنّ أحد علينا ولا يعطينا أحدٌ دروساً”.