شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم سلسلة غارات جوية عنيفة استهدفت مناطق متفرقة من قطاع غزة، وواصلت المقاومة إطلاق الصواريخ على مناطق متعددة بإسرائيل، في حين اضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتراجع عن “احتفالية بالنصر” كان يعتزم إقامتها.
وقد استهدفت هذه الغارات منازل مدنية ومقرات أمنية وحكومية في القطاع، كما ركزت الغارات الجديدة على تدمير عدد من الشوارع والمفترقات الرئيسية، مما أدى لتدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية في مدينة غزة.
التراجع عن الاحتفال
وبينما نفذ الجيش الإسرائيلي ما اعتبرها مرحلة جديدة في حربه على غزة، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كان يحضر للاحتفال بنتائج الغارات الجوية التي تشنها الطائرات الحربية الإسرائيلية منذ نحو أسبوع على القطاع، لكنه تراجع عن ذلك.
وبشأن أسباب تراجع نتنياهو عن الاحتفال الذي من شأنه أن يسهم في تسويق مزاعمه المتعلقة بهزيمة المقاومة في غزة وتحقيق أهداف الحرب عليها، قالت تلك المصادر إن تراجعه جاء بعد أن اكتشف أن النتائج كانت متواضعة.
وبالتزامن مع ذلك، قال الجيش الإسرائيلي إنه نفذ بعد منتصف الليلة الماضية المرحلة الثالثة من حربه المتواصلة لليوم الثامن على قطاع غزة والتي أطلق عليها اسم عملية “حارس الأسوار”.
وأضاف جيش الاحتلال، في بيان، أن الغارات استهدفت ما سمّاه مشروع مترو أنفاق حماس العملاق، حيث تم قصف نحو 35 هدفا خلال 20 دقيقة.
وأوضح جيش الاحتلال أن 54 مقاتلة، أطلقت نحو 110 صواريخ على حوالي 15 كيلومترا من أنفاق غزة.
وتعتقد إسرائيل أن شبكة الأنفاق مرتبطة بغرف لعمليات كتائب القسام التابعة لحركة حماس التي تدير منها عملياتها العسكرية ومنظومات الصواريخ والجهود الاستخباراتية العسكرية المتعددة.
واستهدفت الغارات الأخيرة عددا من الأحياء، بينها حي تل الهوى جنوب غزة، ومقار حكومية إضافة إلى مواقع للفصائل الفلسطينية.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إن الجيش شن فجر اليوم غارات على 9 منازل لقادة في حماس بأنحاء قطاع غزة قال إنها استخدمت كبنية إرهابية وإن بعضها يضم مخازن أسلحة.
وأضاف أدرعي أن من بين المنازل المستهدفة منزل قائد كتيبة بيت حانون، وقادة سرايا في بيت حانون بمدينة غزة وفي مخيم الشاطئ.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية ذكرت نقلا عن مسؤول إسرائيلي أن أعضاء المجلس الأمني الوزاري المصغر، اتفقوا على مواصلة العملية العسكرية وفقًا لخطط الجيش.
وأوضحت أنه سيتم إطلاع المجلس الأمني الوزاري وبحث الأمر إذا كانت هناك مقترحات لعمليات عسكرية جديدة أو إذا قرر رئيس الوزراء ووزير الدفاع التوجه إلى وقف إطلاق النار.
الدفاع المدني: قصف القطاع بقذائف فسفورية
وفي تطور جديد، قال مدير الدفاع المدني في شمال غزة للجزيرة إن مدفعية الاحتلال أطلقت منذ الصباح 8 قذائف فسفورية على القطاع، وأشار إلى أنها تستهدف أماكن وجود فرق الدفاع المدني لعرقلة عملها.
وشاركت مدفعية الاحتلال المتمركزة في جنوب عسقلان في عمليات القصف المدفعي التي تعرض لها القطاع صباح اليوم.
وقال إن الاحتلال يدمر البنى التحتية ويستهدف الطرق لعرقلة عمل الدفاع المدني.
وشدد على أن الدفاع المدني بالقطاع يفتقر لأدنى الاحتياجات اللازمة لعمله، وأن إسرائيل تمنع إدخال الآليات والمساعدات اللازمة له.
من جهة أخرى، تمكنت فرق الإطفاء بعد 4 ساعات من المحاولة، من السيطرة على حريق كبير جراء غارات للاحتلال على مصنع للإسفنج في غزة.
عقاب جماعي
في المقابل، قال رئيس بلدية غزة يحيى السراج إن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد استهداف الطرق وتدمير البنى الأساسية عبر الغارات المتواصلة، مشددا على أن استهداف الخدمات المدنية بمثابة عقاب جماعي لسكان غزة.
وأكد السراج في مقابلة مع الجزيرة أن الغارات الإسرائيلية تسببت في أضرار جسيمة لمحطات المياه ومحطات الصرف الصحي، وطالب الأطراف الدولية والإقليمية بالعمل على وقف العدوان.
وقالت شركة كهرباء غزة إن الغارات الإسرائيلية العنيفة ألحقت أضرارا جسيمة بالخط الناقل للكهرباء من محطة التوليد باتجاه مدينة غزة ما أسفر عن انقطاع الكهرباء عن مناطق واسعة في المدينة. كما أدت الغارات إلى انقطاعات في شبكة المياه وألحقت أضرارا كبيرة بشبكة الطرق في القطاع.
في المقابل، أفاد مراسل الجزيرة بإصابة 6 إسرائيليين جراء صواريخ أطلقت من غزة على بئر السبع والنقب الغربي، وبنقلهم للمستشفى الليلة الماضية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه رصد إطلاق 60 صاروخا من قطاع غزة سقطت 10 منها داخل القطاع، وأضاف الجيش الإسرائيلي في تغريدة على تويتر أنه اعترض عشرات الصواريخ التي أطلقت من السابعة مساء وحتى السابعة صباح اليوم.
وقال الجيش الإسرائيلي إن آخر دفعات صاروخية من غزة استهدفت بئر السبع وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة ولم توقع إصابات.
وكانت كتائب القسام قالت إنها قصفت بالصواريخ عدة مناطق إسرائيلية الليلة الماضية بينها عسقلان وبئر السبع وأسدود ومستوطنتا نتيفوت، وأوفاكيم، ردا على العدوان الإسرائيلي المتواصل على المدنيين.
وأضافت كتائب القسام أنها قصفت موقع ناحل عوز العسكري بعدد من قذائف الهاون، مؤكدة حدوث إصابات، كما قصفت تجمعا لقوات الاحتلال قرب مستوطنة نير عام بقذائف الهاون.
كما قالت سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي- إنها قصفت سديروت ونتيفوت و”شعار هنيغف” بدفعات صاروخية مكثفة ردا على القصف الإسرائيلي وإرهاب المدنيين الآمنين، وقد بثت وسائل إعلام إسرائيلية صورا لآثار القصف على مستوطنة نتيفوت.
بدورها، أعلنت كتائب المقاومة الوطنية -الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين- وألوية الناصر صلاح الدين -الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية- أنها قصفت منطقة أشكول شمالي قطاع غزة بدفعة صواريخ.
حصيلة القصف الإسرائيلي
كما أفادت وزارة الصحة في غزة بأن عدد الشهداء منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع، بلغ 197، بينهم 58 طفلا، و34 امرأة، بينما أصيب 1235 بجروح مختلفة.
واستنكرت وزارة الصحة الفلسطينية غارة إسرائيلية خلّفت 42 شهيدا في شارع الوحدة بغزة ووصفتها بالمجزرة. وقالت إن من ضحاياها الطبيبيْن الفلسطينييْن معين العلول، وأيمن أبو العوف، وأن استهدافهما يفضح وجه المحتل القبيح حسب تعبيرها.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد بلغ عدد المباني التي قصفت من قبل الاحتلال في قطاع غزة 90 بناية، بينها 6 أبراج سكنية دمرت 3 منها تدميرا كاملا.
ردود الفعل
وعلى مستوى ردود الفعل الخارجية، قالت الخارجية الإيرانية إن إسرائيل تزعزع الأمن على المستويين الإقليمي والدولي، وطالبت مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته، كما طالبت الحكومات والمؤسسات الدولية بوقف “انحيازها للمعتدي”.
وأكدت أنه “يجب تصنيف جرائم الكيان المحتل في فلسطين جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية لشعب بأكمله”.