تحت عنوان “الدول الخليجية تمد يدها لتركيا في خطوة حذرة لتهدئة التوترات”، نشرت وكالة “بلومبيرغ” الأميركية تقريراً نقلت فيه عن مصادر مطلعة قولها إنّ الإمارات والسعودية تدرسان إمكانية تحسين العلاقات مع تركيا، ما من شأنه أن ينعكس إيجاباً على حركة التجارة والوضع الأمني في هذه المنطقة المضطربة.
ونظراً إلى التوترات الخليجية-التركية القديمة والصراع على النفوذ، حذّرت الوكالة من أنّ هذه الخطوات قد تصطدم بإصرار الإمارات والسعودية على أن توقف تركيا دعمها لجماعة “الإخوان المسلمين”، مستدركةً بالقول: “إلاّ أنّه من شأن إحراز تقدّم وإن كان محدوداً أن يهدئ الخلافات حول القضايا الإقليمية الأكبر”.
وتابعت الوكالة بالقول إنّ التواصل الخليجي-التركي “العلني والسري” يتزامن مع عملية إعادة تحريك لعجلات السياسة الخارجية في كل من الخليج وواشنطن، متحدثةً عن إنهاء الخلاف مع قطر “حليفة أنقرة” وسعي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. كما أبرزت الوكالة تنصيب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة، مرجحةً أن تكون إدارته أكثر صرامة في التعامل مع تركيا والإمارات والسعودية.
من جهته، كشف مسؤول تركي للوكالة أنّ تركيا والإمارات بحثتا رفع القيود التجارية، علماً أنّ الرحلات التجارية استؤنفت بين العاصمتيْن بعد توقف دام 9 أشهر بسبب جائحة كورونا. بدوره، قال مصدر مطلع على الموقف الخليجي إنّ التواصل الخليجي-التركي ما زال في مراحله الأولى، مبيناً أنّ مسألة دعم “الإخوان المسلمين” محورية بالنسبة إلى الخليج وحليفته مصر.
في السياق نفسه، نفى المسؤولون الأتراك أن تكون أبو ظبي والرياض قد تواصلتا مباشرة وبشكل غير مباشر مع تركيا مطالبتيْن بتغيير السياسة إزاء “الإخوان”، مؤكدين أنّهم مدركون أنّ هذه المسألة تمثّل أولوية بالنسبة إلى دول الخليج.
الوكالة التي ذكّرت بالتباينات الخليجية-التركية الكثيرة ومنها على مستوى ليبيا وسوريا والعراق وشرق المتوسط، وضعت الخطوات الأخيرة في سياق الخطاب الأكثر واقعية وتصالحية الذي يتبناه الخليج اليوم، مشيرةً إلى أنّه سَبَقَ للإمارات أن اعتبرت إنهاء الأزمات جزءاً من رؤيتها للعالم في مرحلة ما بعد كورونا.
وبناء على ما سبق، سلّطت الوكالة الضوء على سوق التصدير، مشيرةً إلى أنّها “تمثّل ورقة ضغط قوية”. وأوضحت “بلومبيرغ” أنّ الإمارات تُعدّ الشريك التجاري الثاني بالنسبة إلى تركيا في الشرق الأوسط (يحتل العراق المرتبة الأولى)، إذ بلغت قيمة التبادل التجاري الثنائي 8 مليارات دولار في 2019. وتصدّر تركيا مجموعة واسعة من السلع من أحجار كريمة وصولاً إلى قطع غيار للطائرات. أمّا بالنسبة إلى السعودية التي تزوّد تركيا بالنفط والمواد الكيميائية، فهي تُعد واحدة من أكبر أسواق التصدير في المنطقة بالنسبة إلى أنقرة.
وإذ ذكّرت الوكالة بالدعم التركي للرئيس المصري الراحل محمد مرسي والتحقيق التركي بمقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، نقلت عن الأستاذ المساعد في قسم دراسات الدفاع في كلية “كينغز كوليدج” في لندن، أندرياس كريغ، قوله: “ستستمر الخلافات الأيديولوجية وستستمر النزاعات”، لافتاً إلى إمكانية عمل الرياض وأنقرة على بناء الصناعة الدفاعية السعودية، ولا سيّما المسيّرات. وفي تعليق على “تكيّف” أردوغان مع وصول بايدن إلى البيت الأبيض، تحدّث كريغ عن تأثير ضغوط الداخل الناجمة عن كورونا والتمدد العسكري في الخارج ومشاكل الاتحاد الأوروبي، قائلاً: “عليه تقديم تنازلات أيضاً ولا يمكنه أن يختار أن يكون لديه أعداء إضافيين”.
يُذكر أنّ وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، قال في تصريح الشهر الفائت: “لا يوجد لدينا أي سبب لكي نختلف مع تركيا، فلا توجد مشكلة”.