نفذت السلطات العراقية حكم الإعدام بحق 3 مدانين في قضايا “إرهابية” بأحد السجون بمحافظة ذي قار جنوب البلاد، ومن جانبها أعربت منظمات حقوقية عن خشيتها أن تعطي بغداد الضوء الأخضر لتنفيذ سلسلة إعدامات كرد فعل انتقامي على التفجيرين الانتحاريين الداميين الخميس الماضي.
وأوضحت مصادر في الشرطة أن المدانين، الذين نفذ فيهم حكم الإعدام أمس الاثنين بسجن الناصرية المركزي، من محافظات نينوى والأنبار وبابل.
وصادقت الرئاسة السبت على تنفيذ حكم الإعدام بحق 340 مدانا بتهم “إرهابية وجنائية” وذلك بعد يومين من سقوط 32 قتيلا و110 جرحى في تفجيرين انتحاريين بالعاصمة بغداد تبناهما تنظيم الدولة الإسلامية.
وتُجرى محاكمة المنتمين للتنظيم بموجب المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب، التي تنص على الحكم بإعدام كل من ارتكب، بصفته فاعلا أصليا أو شريكا، أعمالا إرهابية.
ويتطلب تنفيذ أحكام الإعدام، وفق الدستور، مصادقة رئيس الجمهورية عليها لتكتسب الصفة القانونية، وتتولى وزارة العدل تنفيذها بعد استلام المراسيم الخاصة من الرئاسة.
قلق دولي
وقد أعربت منظمات حقوقية عن خشيتها أن تعطي الرئاسة العراقية الضوء الأخضر لتنفيذ سلسلة إعدامات كرد فعل انتقامي بعد تفجيري بغداد.
وقالت بلقيس والي الباحثة المتخصصة بالشأن العراقي لدى منظمة هيومن رايتس ووتش إن إعلان هذه الأمر دليل على أن “عقوبة الإعدام أداة سياسية”. وأوضحت أن “القادة يستخدمون هذا النوع من الإعلانات ليقولوا للناس إنهم يعملون من أجلهم، من دون الالتفات لحقيقة العيوب التي تشوب المحاكمات”.
ورأى علي البياتي عضو مفوضية حقوق الإنسان الحكومية بالعراق أن الحكومة محاصرة بين الرأي العام الذي يطالب بالانتقام وبين المنظومة السياسية والأمنية والقضائية غير القادرة على وقف هجمات تنظيم الدولة، وفي النتيجة “أصبح العراق أمام خيارات محدودة” في ما يتعلق بحقوق الإنسان.
وأوضح أن “حكم الاعدام جزء من المنظومة القانونية العراقية، إذ ليست لدينا مراكز تأهيل حقيقية مثل الدول الديمقراطية التي تهتم بحقوق الانسان والسجناء، وخصوصا الإرهابيين الذين يحولون السجون مراكز تجنيد للآخرين”. وأكد وجود “خلل لجهة عدم توافر ضمانات واضحة وشفافية حقيقية في التحقيق وجلسات الحكم، وعدم السماح لمنظمات حقوق الإنسان بأداء دورها”.
وتعد المصادقة على أحكام الإعدام أمرا معتادا في العراق بعد وقوع مثل تلك الهجمات. وكان قد نفذ مئة حكم إعدام شنقا خلال عام 2019 وحده.
والعام الذي قبله، وجه حيدر العبادي رئيس الوزراء السابق ضربة قوية تمثلت بإعدام 13 مدانا بالإرهاب. وتعمد نشر صور شنقهم للمرة الأولى من أجل احتواء الانتقادات التي تعرض لها إثر اغتيال 8 مدنيين على يد تنظيم الدولة.
إجراء تعسفي
وتعتبر ميشيل باشليه المفوضة الأممية العليا لحقوق الإنسان أن العراق يشهد “انتهاكات متكررة للحق في محاكمة عادلة وتمثيل قانوني فعال، مع اتهامات بالتعذيب وسوء المعاملة” مما يجعل عقوبة الإعدام “إجراء حكوميا تعسفيا بالحرمان من الحياة”.
وأبدت الأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قلقها بعد إعدام السلطات 21 محكوما دين معظمهم بتهمة “الإرهاب”. ومذاك، لم يتم الإعلان رسميا عن تنفيذ أي أحكام إعدام.
ونفذ العراق حوالي 30 حكم إعدام خلال عام 2020، مما جعله يحتل المرتبة الرابعة بين الدول الأكثر تنفيذا لعقوبة الإعدام، بعد الصين وإيران والسعودية، وفقا لمنظمة العفو الدولية.
وأصدرت المحاكم العراقية خلال السنوات الماضية مئات أحكام الإعدام والسجن مدى الحياة طبقا لقانون يعاقب حتى بالإعدام كل من يلتحق بـ “جماعة إرهابية” سواء قاتل في صفوفها أو لم يقاتل.
ولم تنفذ بغداد حكم الإعدام بحق أي أجنبي أدين بالانتماء إلى تنظيم الدولة، لكن 11 فرنسياً وبلجيكيا واحدا ينتظرون حاليا إعدامهم.