أكدت رئاسة الجمهورية العراقية أنها لن تتوانى في إصدار مراسيم الإعدام بحق الإرهابيين، في وقت تخشى فيه منظمات حقوقية تنفيذ سلسلة إعدامات في العراق رداً على تفجيري بغداد.
وأكَّد اسماعيل الحديدي، مستشار برهم صالح، عدم وجود ضغوطات على رئيس الجمهورية في إصدار مراسيم أحكام الإعدام.
وقال الحديدي لوكالة الأنباء العراقية “واع”، اليوم الاثنين إن “رئاسة الجمهورية لن تتوانى في إصدار مراسيم أحكام الإعدام بحق الإرهابيين”، لافتاً إلى أن “هناك لجاناً كبيرة تقوم بتدقيق الأحكام دستورياً وقانونياً وبعضها يتم إعادته إلى مجلس القضاء لإعادة النظر به”.
مطالب بتخفيف عقوبة الإعدام
وأضاف أنه “لا توجد أي ضغوطات على رئيس الجمهورية بشأن إصدار مراسيم أحكام الإعدام، ولكن هناك مطالبات من قبل مواطنين وشيوخ عشائر ومنظمات مجتمع مدني وجهات دولية بحكم علاقاتها مع العراق بتخفيف عقوبة الإعدام”.
وأشار إلى أن “رئاسة الجمهورية مستمرة في دراسة الملفات الواردة من مجلس القضاء لغرض تدقيقها ومعرفة المشمولين بالعفو أو الذين بحاجة إلى إعادة النظر بأحكامهم ومراجعتها مرة ثانية، من أجل إصدار مراسيم أحكام الإعدام وإرسالها إلى وزارة العدل”.
وحول وجود 3000 حكم بالإعدام لم تتم المصادقة عليه، نفى الحديدي “وجود هكذا رقم لدى رئاسة الجمهورية”، مؤكداً استمرار الرئاسة في تدقيق وإصدار مراسيم الإعدام. وأكد أن “الرئاسة لم تتعمد في التأخير بإصدار مراسيم الأحكام، وإن حصل تأخير فهذا يرجع الى التدقيق”.
المصادقة على 340 حكما بالإعدام
من جهتها، أعربت منظمات حقوقية عن خشيتها أن تعطي الرئاسة العراقية الضوء الأخضر لتنفيذ سلسلة إعدامات كرد فعل بعد التفجيرين الانتحاريين الداميين في بغداد.
وقُتل 32 شخصاً وأصيب 110 آخرون في تفجيرين انتحاريين وقعا في وسط بغداد الخميس تبناهما تنظيم داعش وأوقعا أكبر عدد من الضحايا في العاصمة العراقية منذ ثلاث سنوات.
وكان مصدر مسؤول في رئاسة الجمهورية قد أعلن أنها “صادقت على أكثر من 340 حكم إعدام صادراً من المحاكم العراقية المختصة مكتسبة الدرجة القطعية وفي قضايا مختلفة ارهابية وجنائية وأصدرت المراسيم الجمهورية وفقاً للدستور والقانون”.
وأضاف “لا تزال الرئاسة مستمرة في المصادقة على الأحكام الواردة اليها تباعاً وفقاً للسياقات المتبعة وتتعامل مع هذا الملف بتوخي الدقة والحذر بعيداً عن أي اعتبارات أخرى”.
وبحسب المسؤول، فإن غالبية الأحكام صدرت في فترة الرئيس السابق فؤاد معصوم وبينها عدد قليل خلال فترة الرئيس برهم صالح.
“أداة سياسية”
من جانبها قالت بلقيس والي الباحثة المتخصصة في العراق لدى منظمة “هيومن رايتس ووتش” لوكالة “فرانس برس” إن هذا الإعلان دليل على أن “عقوبة الإعدام أداة سياسية”.
وأوضحت أن “القادة يستخدمون هذا النوع من الإعلانات ليقولوا للناس إنهم يعملون من أجلهم، من دون الالتفات إلى حقيقة العيوب التي تشوب المحاكمات”.
وتعد المصادقة على أحكام الإعدام أمراً معتاداً في العراق بعد وقوع مثل تلك الهجمات. وكان قد نفذ مئة حكم إعدام شنقا خلال العام 2019 وحده.
والعام 2018، وجه رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي ضربة قوية تمثلت بإعدام 13 إرهابياً. وتعمد نشر صور شنقهم للمرة الأولى من أجل احتواء الانتقادات التي تعرض لها إثر اغتيال ثمانية مدنيين على يد تنظيم داعش.
غياب مراكز تأهيل المدانين
ورأى عضو مفوضية حقوق الإنسان الحكومية في العراق علي البياتي أن حكومة بغداد محاصرة بين الرأي العام الذي يطالب بالانتقام والمنظومة السياسية والأمنية والقضائية غير القادرة على وقف هجمات الإرهابيين، وفي النتيجة “أصبح العراق أمام خيارات محدودة” في ما يتعلق بحقوق الإنسان.
وأوضح البياتي الذي يعد أحد أبرز المنادين بحقوق الإنسان في العراق، أن “حكم الاعدام جزء من المنظومة القانونية العراقية إذ ليست لدينا مراكز تأهيل حقيقية مثل الدول الديمقراطية التي تهتم بحقوق الإنسان والسجناء، وخصوصاً الارهابيين الذين يحولون السجون مراكز تجنيد للآخرين”.
وأكد البياتي وجود “خلل لجهة عدم توافر ضمانات واضحة وشفافية حقيقية في التحقيق وجلسات الحكم وعدم السماح لمنظمات حقوق الإنسان بأداء دورها”.
“إجراء حكومي تعسفي”
وتعتبر المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه أن العراق يشهد “انتهاكات متكررة للحق في محاكمة عادلة وتمثيل قانوني فعال، مع اتهامات بالتعذيب وسوء المعاملة”، الأمر الذي يجعل عقوبة الإعدام “إجراءً حكومياً تعسفياً بالحرمان من الحياة”.
وأبدت الأمم المتحدة في نوفمبر 2020 قلقها بعد إعدام السلطات العراقية 21 محكوماً دين معظمهم بتهمة “الإرهاب”، ومذاك، لم يتم الإعلان رسمياً عن تنفيذ أي احكام إعدام.
وأصدرت المحاكم العراقية خلال السنوات الماضية مئات أحكام الإعدام والسجن مدى الحياة طبقاً لقانون البلاد الذي يعاقب بالإعدام كل من يلتحق بـ”جماعة إرهابية”، سواء قاتل في صفوفها أو لم يقاتل.
ولم تنفذ بغداد حكم الإعدام في حق أي أجنبي دين بالانتماء إلى تنظيم داعش، لكن 11 فرنسياً وبلجيكيا واحداً ينتظرون راهناً إعدامهم في العراق.