تتواصل في عدد من الدول العربية والإسلامية حملات مقاطعة البضائع الفرنسية، ردا على تصريحات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن الرسوم المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
يترافق ذلك مع استمرار دعوات المقاطعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تصدّر وَسم #قاطعوا_فرنسا باللغة الإنجليزية قوائم التداول على تويتر في دول عدة.
وأكد ناشطون أن هذه الحملات تأتي ردا على ما اعتبروه إصرارا فرنسيا على نشر الصور المسيئة للرسول تحت ذريعة حرية التعبير، كما طالبوا الحكومة الفرنسية بالاعتذار، وسن قوانين تجرم التعرض للرموز الدينية.
وفي داكا عاصمة بنغلاديش تظاهر عشرات الآلاف ضدّ فرنسا، داعين إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية.
وحمل المتظاهرون صورا ولافتات مندّدة بالرئيس الفرنسي، وأحرقوا دمية تمثله، وأفادت الشرطة أن المسيرة نظمها حزب إسلامي، وتم إيقافها قبل أن تصل إلى محيط السفارة الفرنسية في المدينة.
وخرجت في مدينة كراتشي (جنوب باكستان) مظاهرات منددة بتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن الرسوم المسيئة للرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بمقاطعة المنتجات الفرنسية ردا على الموقف الفرنسي.
كما تظاهر مئات الفلسطينيين، في بلدة الرام (شمالي القدس)، للتنديد بتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المسيئة للإسلام.
إدانات رسمية
وفي سياق ردود الفعل، أدانت 13 دولة عربية وإسلامية خطابات الكراهية والإساءة، التي أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ضد الإسلام والمسلمين، والتي مست شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وقالت وكالة الأنباء السعودية إن المملكة تستنكر الرسوم المسيئة للنبي محمد، صلى الله عليه وسلم، وترفض أي محاولة للربط بين الإسلام والإرهاب.
وفي الأردن، أبلغ وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي السفيرة الفرنسية، فيرونيك فولاند، في عمّان استياء بلاده الشديد من نشر الرسوم المسيئة للرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، مؤكدا أنه لا يمكن القبول بهذه الإساءة تحت عنوان حرية التعبير.
من جانبه، حذر مجلس الوزراء الكويتي من مغبة دعم تلك الإساءات واستمرارها، سواء بالنسبة للأديان السماوية كافة، أو الرسل عليهم السلام، من جانب بعض الخطابات السياسية الرسمية؛ وأشار إلى خطورة الاستمرار في دعم هذه الإساءات.
وفي طهران، استدعت الخارجية الإيرانية القائم بالأعمال الفرنسي لديها، فلوران ايدالو، احتجاجا على ما وصفته بإهانة فرنسا للدين الإسلامي وللرسول محمد، صلى الله عليه وسلم.
بدوره دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زعماء أوروبا إلى وضع حد لما سمّاه أجندة الرئيس الفرنسي المعادية للإسلام، كما دعا الشعب التركي إلى مقاطعة البضائع الفرنسية.
وفي باكستان، صدق البرلمان أمس، الاثنين، على قرار يحث الحكومة على استدعاء سفيرها من باريس؛ بسبب نشر رسوم مسيئة للنبي محمد في فرنسا، متهما الرئيس الفرنسي بنشر الكراهية ضد المسلمين.
وجاء قرار البرلمان، وهو غير ملزم، بعد ساعات من استدعاء السفير الفرنسي في إسلام آباد في وزارة الخارجية الباكستانية للاحتجاج.
وفي العراق، استنكر البرلمان العراقي، في جلسته اليوم، الإساءة للنبي محمد من خلال الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة في فرنسا.
مقاضاة شارلي إيبدو
وفي مصر، أعلن مجلس حكماء المسلمين خلال اجتماع عقده، الاثنين، برئاسة شيخ الأزهر عزمه على رفع دعوى قضائية ضد صحيفة “شارلي إيبدو” الفرنسية الساخرة، التي نشرت رسوما كاريكاتيرية للنبي محمد، وكذلك أيضا ضدّ كل من يسيء للإسلام ورموزه المقدسة.
وقال المجلس في بيان صدر في أعقاب اجتماع عقده عبر الفيديو إنه “يرفض بشدة استخدام لافتة حرية التعبير في الإساءة لنبي الإسلام محمد ومقدسات الدين الإسلامي”.
كما دعا مفتي سلطنة عمان أحمد بن حمد الخليلي إلى مقاطعة جميع منتجات من أساؤوا إلى النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، وسحب أموال المسلمين من المؤسسات، التي يديرها “المعتدون” حسب وصفه.
وقال الخليلي في بيان نشره، الاثنين، على صفحته الرسمية بموقع تويتر “أحيي همة الذين غاروا على حرمات نبيهم، ودعوا المسلمين إلى مقاطعة جميع الصادرات من قبل الذين تعدوا على شخصيته العظيمة، ولم يبالوا بمشاعر هذه الأمة تجاه هذه الشخصية، التي أكرم الله بها الوجود”.
وفي الجزائر، استنكر المجلس الإسلامي الأعلى الإساءة للإسلام ورسوله، عليه الصلاة والسلام، معتبرا أن التطاول على الرموز الدينية والإساءة لها يعتبر إساءة للإنسانية برمتها وتطرفا، خصوصا إذا كان صادرا عن مسؤول يعتبر نفسه حاميا لقيم الإخاء والحرية والمساواة.
من جهته أعرب المجلس العلمي الأعلى في المغرب عن رفضه واستنكاره لكل أنواع المس بمقدسات الأدیان، وأعلى ھذه المقدسات رسل الله الكرام.
بدورها، أعلنت جمعية “التجمع ضد الإسلاموفوبيا بفرنسا” (CCIF)، اعتزامها نقل مقرها إلى خارج فرنسا، لعدم شعورها بالأمان، عقب تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون المناهضة للإسلام والمسلمين.
وأفادت الجمعية -التي تقوم بالدفاع عن المسلمين، الذين يتعرضون للتمييز والاعتداءات في فرنسا- أنها تعرضت للعديد من الافتراءات والإساءات خلال الأسبوع الأخير.
كما أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن بالغ قلقه إزاء تصاعد الخطاب الرسمي الفرنسي، الذي وصفه بغير المنضبط تجاه الديانة الإسلامية، محذرا من خطورة تبعات ذلك على الجالية المسلمة في فرنسا، وعلى مشاعر المسلمين حول العالم.
وقال المرصد في بيان اليوم إن الخطاب الفرنسي يسهم في جعل الجالية المسلمة بفرنسا هدفا سهلا لهجوم اليمين الفرنسي والجماعات القومية المتطرفة، ويشجعها على تشويه سمعة المسلمين وممارسة التمييز ضدهم، واتهامهم بالتسبب بالأزمات الداخلية.
تحذير فرنسي
في المقابل، نصحت فرنسا مواطنيها المقيمين في دول إسلامية بتوخي الحذر، والابتعاد عن أي مظاهرات أو تجمعات مناهضة لفرنسا، وتفادي المناطق التي تنظم فيها تلك التحركات.
ودعت الخارجية الفرنسية مواطنيها في بيان إلى اتباع إرشادات السفارات الفرنسية أو القنصليات ذات الاختصاص.
كما طالب وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان اليوم، الثلاثاء، تركيا بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبلاده، وذلك بعدما دعا الرئيس التركي أردوغان لمقاطعة بضائع فرنسا.
وقال دارمانان لإذاعة “فرانس إنتر” (France Inter) من الطبيعي أن يشعر كل واحد منا بالصدمة حين تتدخل قوى أجنبية فيما يجري بفرنسا، مضيفا أنه يشير إلى تركيا وباكستان، حيث وافق البرلمان على قرار يحث الحكومة على استدعاء مبعوثها من باريس.
وقال وزير التجارة الفرنسي، فرانك ريستر، الاثنين، إن بلاده لا تعتزم مقاطعة المنتجات التركية، وستواصل المحادثات والعلاقات مع تركيا ورئيسها.
وأضاف ريستر في تصريحات إذاعية أنه ليس في أجندة باريس رد انتقامي، مُجددا إدانة حكومة بلاده لتصريحات الرئيس التركي أردوغان الأخيرة بشأن الرئيس ماكرون ومعاملته للمسلمين في فرنسا.
وأكد وزير التجارة الفرنسي أن بلاده لا تخشى، ولا تتوقع احتمال مقاطعة المغرب للمنتجات الفرنسية.
دعم أوروبي
من جهته، قال الاتحاد الأوروبي إنه يعمل للدفاع عن قِيَمه، التي تتضمن حرية العبادة وفي الوقت ذاته حرية التعبير.
ودعا للتعاون والحوار من أجل الوصول إلى الفهم المشترك؛ لأن البديل هو طريق الكراهية وزيادة سوء الفهم.
بدوره أكد المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، إيريك مامير، مساندة دول الاتحاد لفرنسا في مواجهة تصريحات الرئيس التركي.
وأضاف المسؤول الأوروبي أن هناك ردود فعل أولية من جانب الاتحاد على تلك التصريحات، وردودا أخرى سيتخذها في المدى البعيد.
من جهته، قال بيتر ستانو، المتحدث باسم العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي، إنه لا يستبعد عقد اجتماع استثنائي لوزراء الخارجية الأوروبيين لمناقشة التوتر في العلاقات بين تركيا وفرنسا.
بدورها، قالت المفوضية الأوروبية إن دعوة تركيا لمقاطعة المنتجات الفرنسية يبعدها أكثر عن الاتحاد الأوروبي.
ودعا متحدث باسم المفوضية الأوروبية تركيا إلى احترام الاتفاقات التجارية، التي أبرمتها مع الاتحاد الأوروبي.