كشف تقريرٌ نشرته صحيفة “الشرق الأوسط” أنّ محاولات تجري بين الأطراف المعنية بالملفّ السوري لإعادة التنسيق بينها، حيث أجريت الأسبوع الماضي اتصالات مكثفة مع الأطراف المعنية بمفاوضات “أستانة” لاستعادة الجهود الثلاثية بين كلّ من روسيا وإيران وتركيا.
وبحسب التقرير، فإنّ التطورات الأخيرة دفعت موسكو للكشف عن مسائل هامة حول استراتيجيتها في سوريا، أولها أنّه على دمشق تنفيذ الأوامر، فلا معركة مع الأتراك، أي أنها مسألة سياسية – عسكرية، ترتبط بالزيارة الأخيرة لوزير الدفاع سيرغي شويغو، وتتعلق بضرورة التزام النظام بالاتفاقات العسكرية الموقعة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، وألا تستجيب قواته لتشجيع على فتح معركة مع الأتراك وفصائل موالية لهم في شمال غربي سوريا، لأنّ موسكو ترى علاقتها بأنقرة أكبر استراتيجياً بكثير من إدلب، وأن معارك شمال غربي سوريا قرارها روسي يخص ملفات كبرى.
أما ثالثاً، محور اقتصادي، يتعلق بتنامي اعتراض شركات روسية، مكمنه عدم توفر عائدات مالية موازية للتدخل العسكري، خصوصاً في قطاعات حصص النفط والغاز والصفقات الاقتصادية.
3 محاور قلق إيرانية
ولإيران حصة بالكعكة السورية، فبعد أن حددت موسكو حدود العلاقة، وصل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى دمشق، والتقى الرئيس السوري بشار الأسد، ثم اتصل الرئيس الإيراني حسن روحاني بنظيره الروسي. وتكمن نقاط القلق الإيراني بنقطتين أيضاً:
الأولى، أنّ إيران بعيدة تماماً عن التفاهمات الروسية – التركية الخاصة بإدلب، والمبرمة في 5 أذار الماضي حول المحافظة ووقف النار. فلا وجود لقوات إيرانية بين الدوريات المشتركة، فإيران بالاسم فقط ضمن مسار أستانة، وليست ضمن الترتيبات العسكرية.
ثانياً، الغارات الإسرائيلية، واستمرار تل أبيب باستهداف مواقع إيرانية في سوريا، بما في ذلك في البوكمال، قرب حدود العراق وقرب دمشق. واستهداف مسؤول “حزب الله” قبل أيام.
وحتى تركيا
ولتركيا أيضا رأي آخر، فأنقرة، بحسب التقرير، من جهتها لديها ما يقلقها في تقسيم الكعكة، فقد التمست جهود أطراف عدة تحاول إيجاد شرعنة سياسية لعدوتها وحدات حماية الشعب الكردية التي تعدها أنقرة إرهابية، تقصد بها الداعم الأكبر للأكراد وهي واشنطن من جهة، وحتى النظام في دمشق والذي على علاقة معها، أو حتى إشارة إلى موسكو التي وسعت وجودها العسكري في القامشلي، وتقيم علاقة طيبة مع الأكراد.
وبعد سنوات طويلة من الحرب السورية، ما زال تقسيم الكعكة غير واضح بين الأطراف، فكل هذه التطورات استدعت اتصالات بين بوتين وأردوغان وروحاني، ثم اجتماعاً عن بعد لوزراء خارجيتهم، وذلك للحفاظ على نقاط التقاطع التي أضحت معرضة للتفكك أو التصادم بأن يقترب طرف من نصيب الآخر من الكعكة.