*بقلم: محمد هشام خليفة
ما إن يهل علينا هذا الشهر الفضيل حتى تأخذني الذاكرة إلى تلك الأيام و الليالي الجميلة في ربوع وطني الحبيب لبنان، مذ كنت طفلا ولي مع رمضان فصولا من الحكايات باتت تمتزج مع الأشواق و الآهات، فكم كانت بريئة و جميلة طفولتنا فيه ففي المدرسة كنا نتفاخر بأننا على صيامنا ثابتون و إن شكك أحد بصدقيتنا “نمد اللسان” الأبيض ليكون الشاهد و الدليل.
و من هذه الحكايات الجميلة إجتماع العائلة الدائم عند الإفطار و انهماك النساء في تحضير الوجبات الرمضانية الشهية ولا ننسى الحلويات و العصائر التي يأتي بها رب البيت لتروي ظمأ ساعات طوال من العطش و الجوع ..
و كم أشتاق إلى أواني الطعام التي تجوب منازل الجيران و تحط رحاها عند من ضاقت بهم السبل، و ما أجملها من خطوات يخطوها أبناء الحي مجتمعين في ذهابهم مشيا على الأقدام إلى صلاة التراويح وسط الزينة الرمضانية التي تضيء ليالي رمضان لتزيدة بهجة و سرور.
أما في أيامه فلا أنسى عبارة “ اللهم إني صائم “ التي يقولها ذلك الرجل الجالس على قارعة الطريق حين تهم نفسه البشرية على إرتكاب ما يفسد الصوم حتى لو شُتم أو جًهل عليه، ليعلمنا درسا أن الصوم ليس بالامتناع عن الطعام و الشراب فحسب إنما هو تزكية للنفس و سمو للأخلاق والشعور مع بني البشر ممن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت.
و من ذكريات رمضان الجميلة جيراننا من أبناء الطوائف الأخرى حيث لم يكن رمضان إلا ليزيد من عيشنا المشترك من خلال الإحترام المتبادل للأعراف و التقاليد حتى أننا ما كنا نلحظ إفطارهم.
ما ذكرت هو جزء يسير من ذكريات جعلت من رمضان محطة ننتظرها بفارغ الصبر كل عام لكن هذا العام مختلف فإجراءات الوقاية من كورونا حرمتنا تلك اللحظات الجميلة لكن أسأل الله أن يكون مع رمضان الخير كله و أن يزول الوباء و أن يرفع البلاء و أن نعيش جميعا بسخاء و هناء. و كل عام و أنتم بألف خير