لا يحتاج الواقع المأزوم إلى كثرة عناء لتقديم براهين بكون الافق مسدود ولبنان يتدحرج نزولا صوب الهاوية. في المقابل يتماثل خطاب حسان ديب مع المكابرة و الإنكار المسيطرة على تفكير المسؤولين لناحية رفض الاعتراف بعمق المأزق و تبرئة الذات من ناحية، كما إلقاء اللوم على الآخرين من الناحية الأخرى.
لا يحتاج وصف شظف العيش إلى توصيف. فواقع الحال كارثي و يوميات الحجر المنزلي تحبس مشاعر القهر و الاذلال في النفوس، لكن من حتمية القدر انفجار بركان الغضب الشعبي، في حين يتماهى المسؤولون بشكل اساسي مع التسليم بفكرة الانهيار المحتوم بين لحظة و أخرى، لذلك لجأ رئيس الجمهورية إلى خير وسيلة للدفاع عبر استباق الهجوم و اتهام من خرج من الحكم بمحاسبة الحكومة الحالية على ما اقترفوه هم و لسنوات طويلة بحق الشعب اللبناني.
يكشف النهج السائد بما لا يحتمل اللبس، حدة الانفصام بين و النهج و الخطاب السياسي، فمن خلال العودة قليلا إلى الوراء كان خطاب التيار الوطني الحر يرتكز على نقطتين، الأولى اتهام سعد الحريري التخلي عن مسؤوليته بصفته شريكا في تسوية افضت إلى وصول العماد عون رئيسا للجمهورية و القفز من القارب، اما النقطة الأخرى و الأهم فتتجلى بدعوة الثورة الشعبية التلاقي مع اصرار العهد لتحقيق إصلاح جدي في بنية النظام السياسي.
عند تشكيل الحكومة، تغافلت السلطة عن مطالب الشارع لناحية حكومة محايدة و انتخابات نيابية مبكرة، فأنجز حزب الله تشكيل حكومة مندوبين و مستشارين بعد طول عناء بعدما رص صفوف فريقه السياسي، بالمقابل خرج المستقبل و الاشتراكي والقوات دون تحالف سياسي يجمعهم .
عودة الحريري تشير إلى مواجهة مفتوحة تعيد إلى الاذهان مرحلة 2005 وما تخللها من ظروف متعثرة و خلافات و مناكفات كما اغتيالات َ تهديدات أمنية جسيمة، سبق وليد جنبلاط الحريري و فتح الاشتباك مع العهد إلى غير رجعة، فيما يتريث سمير جعجع قليلا ريثما تتضح معالم حسابات العهد الجديد، ما يعني حكما وضع لبنان في فم التنين و ينبئ بمرحلة عصيبة .
وفق مصد سياسي متابع، لا يمكن الاستهانة بتداعيات المعارك السياسية داخل الطبقة الحاكمة بحكم تضارب المصالح اما الشارع ففي حال انفجاره مرة جديدة فسيتفلت من دون ضوابط و “كلن يعني كلني“.
الأخطر، وفق المصدر السياسي يكمن بتفلت الصراع بين أركان السلطة من اية ضوابط، بما في ذلك المراهنة على عناصر خارجية، فالاحقاد قد تعمي الأبصار عند السياسيين بينما تلقي بمصير لبنان نحو التهلكة .
لعل ما تسرب تلميحا عن الأسباب الحقيقية التي حالت دون زيارة رئيس الحكومة الى صيدا كفيل وحده بحبس الأنفاس، خصوصا في ضوء ورود معلومات عن فتنة كانت قيد التحضير على غرار “بوسطة عين الرمانة“.
مصباح العلي – لبنان 24