تستغل سلطات الاحتلال الإسرائيلي تفشي فيروس كورونا للإمعان بسياساتها العنصرية والتمييزية التي تتبعها منذ 70 عاماً. ففي ما يتعلق بالعرب في دولة الاحتلال الذين يشكلون نحو 19 في المائة من نسبة السكان، أشارت إحصائيات وزارة الصحة الإسرائيلية الأسبوع الفائت إلى أنّ عدد المصابين منهم قُدّر بـ 227 شخصاً من أصل 9404، أي أنّ نسبة المصابين العرب لم تتعدّ الـ0.024% الأسبوع الفائت، من دون أن يتم تسجيل أي حالة وفاة. ومساء أمس الثلاثاء، أعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية عن تسجيل 7 حالات وفاة و460 إصابة جديدة بفيروس كورونا، لترتفع الحصيلة الإجمالية إلى 12,046 إصابة من بينها 123 حالة وفاة. وفي فلسطين، أعلنت وزارة الصحة تسجيل 10 إصابات بكورونا، ليرتفع إجمالي الإصابات إلى 320، من بينها إصابات في القدس.
ماذا يجري؟
ظهرت الإصابة الأولى بفيروس كورونا في دولة الاحتلال في 27 شباط الفائت، وفي 10 آذار الفائت، جرى الإعلان عن أول عدوى جماهيرية بالفيروس، أي إصابة لا يُعرف مصدرها، فقامت وزارة الصحة الإسرائيلية بالإعلان عن خطوات مثل فرض الإغلاق وضرورة التزام المواطنين منازلهم. وحتى اليوم، لم يتم التعامل بشكل جدي مع أزمة كورونا في البلدات العربية، ورغم أن المواطنين العرب في إسرائيل يشكلون خمس السكان، ونسبتهم من بين الطواقم الطبية والصحية هي ضعف ذلك (إذ تصل نسبتهم إلى 40% من الصيادلة، و17% من الأطباء، وحوالي الثلث من الممرضات)، إلا أنه لم يتم أخذ الاحتياجات الصحية في بلداتهم في حالة الطوارئ منذ بداية الأزمة. من ناحية الصحة العامة، فإن المجتمع الفلسطيني في إسرائيل هو مجتمع في خطر من ناحية إمكانية انتشار كورونا، ومن ناحية إمكانيات مواجهة انتشاره، رغم أن أغلبية الفلسطينيين يسكنون في بلدات منفصلة عن الأغلبية اليهودية، ورغم أن معدل الأجيال فيه يعتبر منخفضا أو شاباً، ناهيك عن تدني الوضع الاقتصادي في البلدات العربية ومشاكل البنى التحتية للخدمات.
وفي هذا السياق، يمكن الحديث عن مجموعة من الفجوات:
• النشر الرسمي عن كورونا باللغة العربية من قبل وزارة الصحة جاء بعد أسبوعين وأكثر من حصول الأزمة. ثم إن طريقة النشر التي تمت يمكن القول إنها مستعربة وفوقية ومريضة، بحيث أنها تستثني قطاعات واسعة من المجتمع العربي، خصوصًا استثناء المختصين في الصحة العامة والنساء، ولا تخاطب المجتمع العربي بل تحاول حماية المؤسسة.
• الفجوة في المعطيات المتعلقة بعدد الفحوصات التي أجريت في البلدات العربية، وعدد المصابين بالمرض. قامت وزارة الصحة وبشكل ممنهج حتى نهاية شهر آذار الماضي بعدم نشر أي معطيات عن الوباء وانتشاره في البلدات العربية. كما قامت وزارة الصحة بنشر معلومات عن المرضى وأماكن تواجدهم، وإمكانية نقلهم للمرض في أماكن مختلفة، ولم يتم أي نشر مثل هذه المعلومات باللغة العربية.
• تعاني البلدات العربية في إسرائيل من فجوات بنيوية في الخدمات الصحية، لذلك، فإن عدد الفحوصات المخصصة لاكتشاف الإصابة بكورونا في البلدات العربية لا يتعدى نسبة 6% من مُجمل الفحوصات في البلاد، ومن هنا جاء الانطباع بانخفاض عدد المصابين بكورونا في البلدات العربية، بحيث لا تتجاوز نسبة المصابين العرب بفيروس كورونا 3% من مجمل المصابين بناء على ما نشرته وزارة الصحة.
القدس الشرقية
تبدو مدينة القدس الشرقية المحتلة، خالية تماما، من أي إصابات بفيروس “كورونا“، في الخارطة التي تنشرها وزارة الصحة الإسرائيلية. لكنّ مراكز غير حكومية مقدسية، وشهود عيان، يؤكدون وجود عشرات الإصابات بالمدينة المحتلة. ولا تملك وزارة الصحة الفلسطينية، أي صلاحيات داخل القدس الشرقية، ما يترك المعلومات عن الإصابات بالمدينة، حصريا بيد وزارة الصحة الإسرائيلية. وتشير تقديرات غير مؤكدة إلى وجود عشرات الإصابات بالفيروس في أحياء مدينة القدس الشرقية.
تحذير من انخفاض عدد الفحوص وتكتم عن أعداد الوفيات
انخفض عدد الفحوصات لتشخيص مرضى كورونا في دولة الاحتلال بالآلاف في غضون أسبوع، وفقًا للمعطيات الصادرة عن وزارة الصحة السبت. وبحسب المعطيات، فقد تم إجراء 9903 فحصا في 3 نيسان، مقارنة بـ 5980 اختبارًا تم إجراؤها الجمعة الفائت. توازياً، شكك تقرير نشره موقع يديعوت أحرونوت، أمس الثلاثاء، في صحة ودقة المعطيات الرسمية التي تنشرها وزارة الصحة الإسرائيلية بشأن عدد الوفيات الناجمة عن الإصابة بـفيروس كورونا. وقال التقرير إن المعطيات الرسمية التي تنشرها وزارة الصحة الإسرائيلية عن عدد الوفيات يومياً لا تتضمن عدد الذين توفوا مصابين بالمرض في بيوتهم، وليس في المستشفيات. وأوضح الموقع أن السلطات الإسرائيلية تتطرق فقط للموتى الذين توفوا بعد إصابتهم بالمرض، أثناء تلقيهم العلاج في المستشفيات وليس من توفوا في بيوتهم دون أن يصلوا إلى المستشفى، لكونهم يعانون أيضاً من أمراض مزمنة أخرى.
المصدر: وكالات – عرب 48 – القدس العربي