أولا لا بد أن نحمد الله على سلامة ابن الجالية “محمد بشار قوصرة” و عائلته ولا بد من شكرهم على مشاركتهم قراء الفرقان تجربتهم الخاصة ، و إليكم التفاصيل:
يقول السيد قوصرة: كانت زوجتي قد اشتكت من خفقانٍ و ارتجافٍ في القلب و قررت أن تعملَ تخطيطاً للقلب و لكن فًضًلًت الإنتظار إلى ما بعد “أزمة الكرونا”. ثم عانت من آلام في الجسم و من ثم حرارة, لكن ظنت أنها أصيبت بالكريب(Flu)! ثم فَقَدَت حاستي الذوق و الشم كلياً! عندها بدأت تراودها الشكوك.
في الوقت الذي بدأت صحة زوجتي بالتحسن, فَقَدْتُ أنا شهيتي عن الطعام و ارتفعت حرارتي بشكل كبير, فظننت أنّي قد التقطت عدوى الكريب من زوجتي. استمرت الحرارة العالية بملازمتي لأيام, و بدأ تنفسي يضيق تدريجياً.
اعطتني زوجتي نوعين من مخفضات الحرارة و وضعت كمادات الماء البارد و أعطتني حمامات بماء بارد و مع ذلك دون جدوى, الحرارة بقيت عالية و ملازمة.
استشارت زوجتي طبيب العائلة و أشار أن عَلَي الذهاب للمشفى و إجراء الفحوصات اللازمة لتحديد ما لدي, لكنني لم أنصت و لم أذهب وبقيت على هذا الحال لمدة 8-9 ايام, أرجف تارة و أتعرّق تارة, حتى يأست من تحسني و قررت الذهاب للمشفى.
اتصلنا بال911 و اصطحبتني الإسعاف إلى المشفى حيث أُجريت لي بعض الفحوصات و بعد مرور حوالي ثلاث ساعات, أُعطِيتُ الخَيارَ بالبقاءِ في المشفى أو الذهاب إلى البيت مع نوعين من بخاخات التحسس الربيعي و قيل لي التهاب رِئَوي فيروسي و على جسمي مهمة المقاومة, فقررت الذهاب للبيت (أريح).
أستمرت معاناتي في البيت, و حالتي من سيئ إلى أسوء, و الحرارة لازالت ملازمة لي, و تنفسي يزداد ضيقاً إلى أن توقفت عن الكلام و أصبحت أستخدم الإشارة للتعبير و غير قادر على القيام من سريري إلا للضرورة.
في اليوم الثالث بعد زيارتي للمشفى (اليوم 11 من بداية أعراض مرضي), جائني اتصال من وحدة الصحة (Heath Unit) لإخباري أن الفحوصات التي أجريتها في غرفة الإسعاف أوضحت أنني مصاب بفيروس الكرونا و أن علي الإتصال بالإسعاف و الذهاب للمشفى لأن الممرضة كانت تسمع بوضوح ضيق تنفسي.
رفضت الإذعان لنصيحة الممرضة و لم أذهب. بصراحة؟ خفت! خفت لأن الذهاب هو اعتراف بأني مريض جداً و في حالة قد تكون خطرة! خفت أن يحتفظوا بي في المشفى و أبقى مكبلاً, غير قادر على الحركة, و وحيداً بين أربع حيطان!
في صباح اليوم التالي, أشرت لزوجتي بيدي (كنت غير قادر على الكلام) أنني لم أعد أحتمل و يجب إسعافي. حَضّرتني زوجتي و اتصلت لي بالإسعاف الذين حضروا في وقت قياسي, وكانوا مستعدين تماما و يرتدون الكمامات و الملابس المناسبة, و في الوقت الذي اصطحبني اثنان منهم و وضعوا لي الأكسجين, كان الثالث يتحدث مع زوجتي و يأخد تاريخي الطبي و يكتب الأعراض التي أعاني منها و من ثم اتجهوا بي الى المشفى.
في المشفى, تلقاني الكادر الطبي بكل سرعة و بكل احترام و بكل تقنية! و عملوا على علاجي و التفريج عني قدر ما استطاعوا و بأفضل الطرق.
قضيت ثمانية أيام في المشفى من أبطأ أيام حياتي, لكن الحق يقال أن الكادر الطبي في مشفى الريجونال الواقع على شارع اوليت عاملني بكل عطف و تقنية و بذلوا مجهودا جباراً و لهم فضل كبير في تحسني و عودتي إلى بيتي.
شاركتكم قصتي لعدة أسباب, منها:
1- الوضع الذي نحن فيه هو جديّ و خطير للغاية و على الجميع أن يدرك هذا و يلزم بيته, و إن حدث و أُضْطُرَّ للخروخ لأمر ضروري كإقتناء الطعام أو الدواء, فعليه الإلتزام بقوانين الصحة العامة. استهتار الفرد باتباع القوانين هو ليس استهتار بصحته فقط بل هو استهتار بصحة عائلته و العالم أجمع
2- ليس عيباً أن أمرض أنا أو أنت, هذا قدر الله, و إنما العيب أن يتملك الإنسان العند و الخوف إلى أن يتفاقم مرضه إلى حد قد يودي بحياته بدل أن يتكلم و يطلب المشاورة والمساعدة. العيب أن يخفي مرضه على الآخرين, و ينقل العدوى لهم دون أن يشعروا فقط حتى لا يقولوا عنه “معدي” و يتجنبوه. عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) فهل يحب أحد منا أن يخفي الآخرين أمراضهم المعدية عنا و يصيبونا؟
3- لا شك أن للأطعمة و البهارات فوائد عديدة لا يعلم بعدتها إلا الله, و لكن لكل داء دواء خاص به, و لا يجوز الإتكال على الوصفات السحرية من صيدلية المنزل و خزانة البهارات لعلاج مرض خطير كهذا, لذلك أهيب بجاليتنا الكريمة باللجوء إلى المختصين للتشخيص و العلاج.
4- رزقنا الله بنعم كثيرة, وكثيراً من هذه النعم لم نعد نفكر بها أو نشكر الخالق عليها و منها بكل بساطة نعمة تنفس الهواء, نعمةَ أن تتنشق الهواء و يدخل رئتيك دون ألم أو ضغط أو ضيق, فعلينا أن نحمد الله عز و جل على الصحة و العافية و على نِعَمِهِ التي لا تعد و لا تحصى, فلنجعل هذا الوباء تذكرة لنا بالعودة إلى الله. ” ياأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك …”.
5- الكادر الطبي العامل على وقايتنا و من ثم علاجنا و من ثم متابعتنا, يُعَرّض حياته للخطر كل يوم لأجل إنقاذنا, و من لا يشكر للناس لا يشكر لله, فعلينا أن نقدر الجهود المبذولة و ندعوا لهم بالصحة و العافية و نحمد الله أننا في بلد يحترم الإنسان و قيمة الإنسان و حقوق الإنسان بغض النظر عن إنتمائه الديني أو العرقي أو المذهبي و يسعى للعناية بنا و تأمين احتياجاتنا على كافة الصُعُد سواء كان ذلك عن طريق النظام الطبي أو التعليمي و لا ننسى أبداً نظام التكافل الإجتماعي الذي يضمن لكل إنسان حياة كريمة حتى في ظروف كالظروف التي نمر بها الآن من إغلاق للمدارس و أماكن العمل, فشكراَ كنداَ, و اليوم أشعر بالفخر للإنتماء لهذا البلد الطيب أكثر من أي يوم مضى.
أخيراً أشكر جميع من وقف إلى جانبنا خلال هذه المحنة و واسانا و لو بكلمة طيبة و أخص بالذكر الدكتور مراد أكتس على متابعته اليومية لي و لأستري و أشكر الكادر الطبي في مشفى الريجونال في شارع أوليت على الرعاية الفائقة و أشد على أيديهم و أدعوا لهم أن يحفظهم من أي مكروه, و أشكر جريدة الفرقان و القائمين عليها لإعطائي هذه النافذة للمشاركة بتجربتي مع كورونا عسى أن يستفيد منها من يقرأ هذه الكلمات و دمتم.
أخوكم محمد بشار قوصرة
إقرأ أيضا :كندا : وفيات كورونا إلى 22 ألف و خسارة مليون وظيفة !
إقرأ أيضا : 262 إصابة في وندسور… و آخر مستجدات المدن المجاورة.