سيطرت قوات النظام السوري كليا على مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، بعد معارك مع المعارضة التي تفقد معقلا إستراتيجيا جديدا لها مما تبقى من المناطق الخاضعة لسيطرتها شمال غربي سوريا، بينما اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان روسيا بعدم احترام الاتفاقات المبرمة مع بلاده بشأن سوريا.
ونقل مراسل الجزيرة صهيب الخلف عن مصادر في المعارضة المسلحة أن المقاتلين الذين ظلوا يدافعون عن المدينة انسحبوا منها، مشيرا إلى أن سقوط معرة النعمان (نحو 40 كلم جنوب مدينة إدلب) يعد خسارة كبيرة للمعارضة المسلحة، حيث كانت تشكل خزانا بشريا كبيرا لها، فضلا عن أنها كانت معقلا مهما للثورة منذ سيطرة الفصائل عليها عام 2012.
كما أشار المراسل إلى أن المعارضة المسلحة صارت في وضع صعب، حيث تدافع الآن عن مدينة سراقب وبلدات أخرى في جبل الزاوية شمال معرة النعمان.
وأوضح أن المعارضة فقدت المدينة لعوامل عدة، منها تدمير الطيران الحربي الروسي معظم آلياتها الثقيلة، وافتقارها إلى معدات أساسية مثل مناظير الرؤية الليلية.
وعن التطورات الأخيرة جنوبي محافظة إدلب، قالت صحيفة “الوطن” المقربة من النظام السوري إن الجيش سيطر أيضا على بلدة كفروما ومعسكر وادي الضيف.
عمليات تمشيط
وكانت وسائل إعلام تابعة للنظام السوري أفادت بأن قوات الجيش باشرت ما سمتها عمليات تمشيط واسعة في أحياء مدينة معرة النعمان والمزارع والتلال المحيطة بها، وأن وحدات الهندسة بدأت إزالة الألغام والعبوات الناسفة من الشوارع.
وبينما كانت قوات النظام تبسط سيطرتها على المدينة وأجزاء من الطريق الدولي الذي يمر عبرها، حذرت وزارة الدفاع التركية -التي تنشر 12 نقطة مراقبة في إدلب- من أنها سترد في إطار ما وصفته بالحق المشروع في الدفاع عن النفس، على أي محاولة تهديد لتلك النقاط.
وشنت قوات النظام بإسناد جوي روسي هجوما على معرة النعمان رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنت عنه تركيا وروسيا ودخل حيز التنفيذ يوم 12 يناير/كانون الثاني الجاري. وقالت دمشق وموسكو إن الهجوم يأتي ردا على ما وصفتاه بانتهاك “المجموعات الإرهابية” للهدنة.
وبسبب الهجوم الحالي لقوات النظام، فر عشرات آلاف المدنيين نحو الحدود مع تركيا، مما يرفع عدد النازحين من ريفي إدلب وحلب منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى نحو 400 ألف نازح.
اتفاقات والتزام
وفي رده على هذه التطورات، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن روسيا غير ملتزمة باتفاقي سوتشي وأستانا، مضيفا أنه إذا ظلت موسكو ملتزمة بالاتفاقين فستستمر أنقرة في الالتزام.
وأوضح أردوغان أنه “لم يتبق شيء اسمه مسار أستانا.. علينا -نحن تركيا وروسيا وإيران- إحياؤه مجددا والنظر فيما يمكن أن نفعله”.
وتابعا “إذا التزمت روسيا باتفاقي سوتشي وأستانا، فإن تركيا ستواصل الالتزام بهما.. روسيا لم تلتزم حتى الآن بالاتفاقين”.
وأكد الرئيس التركي أن بلاده حاليا تعتبر لاعبا أساسيا على الطاولة في الشرق الأوسط. كما أكد أن المباحثات الجارية بين تركيا وروسيا تتناول وقف القصف الروسي على إدلب، مضيفا أن أنقرة لا تسعى للحصول على مكاسب أو قطع أراض من سوريا، وإنما لإنقاذ المدنيين الأبرياء المتضررين هناك.
واستطرد أردوغان قائلا إن “المسؤولين الأتراك يواصلون التشاور مع نظرائهم الروس حول الأوضاع في إدلب، ونقول للروس: أوقفوا هذه الهجمات وإلا فإن صبرنا بدأ ينفد، وسنقوم بما يلزم”.