*بقلم: الأستاذ الشيخ عبدالمنعم الرياحي / وندسور – كندا
1. إنه صديقي صحبته في السفر أيام العمل، فكان خير صاحب وأفضل صديق، فلما تركت العمل ولزمت البيت لم تعد لي به صلة، غير معلومات يوافيني بها، عن أوقات الصلاة، وأحوال الطقس وأخبار البلد. لكنه لا يكتفي بذلك، فهو يصدر لي كل ساعة أخباراً لا تهمني، ومعلومات لا حاجة لي بها، لكنها أعجبت صاحبي فظن أنها ستعجبني، فشغلتني عن القراءة والكتابة وإعمال الفكر فيما يهم. وهكذا على مدار اليوم والليلة، أخبار ومقولات وصور ورسومات لا حصر لها ولا فائدة منها غير ضياع الوقت.
2. بالأمس أيقظني من النوم بمجموعة من صفحات كتاب أعجبته فلما تصفحتها لم أجد فيها ما يفيدني، وعلى الفور أرسل إلي نكته أضحكته، فلما سمعتها لم أضحك كما ضحك، وبعد ذلك أخبار رياضية وسياسية واجتماعية وسير وسوالف ومعروضات لا فائدة منها غير إشغال البال بسقط المقال.
3. في زيارة لي لأحد الأصدقاء كنا نتداول الحديث في موضوع بالغ الأهمية ويحتاج إلى كثير من التفكير، اتصل صاحبي فقطع علي المتابعة مرة بعد مرة. وفي مجلس عزاء ضم عشرات من الناس، لم أسمع فيه موعظة مفيدة ولا حديثاً نافعاً غير إلقاء السلام من القادمين وعبارات التعزية من المغادرين. كان كل من في المجلس منصرفاً إلى صديقه يستمع اليه حاضر الجسم غائب الوعي، يقهقه تارة ويتأوه تارة، ويقوم ويقعد في مشهد غريب.
4. إنه صديق لدود، وكلمة لدود في الأصل تطلق على الشخص شديد العداوة الذي يكيد لمن يعاديه ويواصل إيذاءه لكنها حين تطلق على الصديق فإنها لا تعني العداوة و لكنها تعني المضايقة لكثرة المحبة، وقد تكلم الشعراء عن الصديق اللدود، ومنهم بشار بن برد في قوله:
إذا كنت في كل الأمور معاتبا…..
صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه…..
فعش واحداً أو صل أخاك فإنه…..
مقارف ذنب مرة ومجانبه …..
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها …..
كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه …..
وفي رأي بشار أنه لابد للإنسان من صديق يحتفظ به على عجره و بجره (أورام في البطن والظهر) وهو القائل :
ولا بد من شكوى إلى ذي مروءة ….
يواسيك أو يسليك أو يتوجع.
5. هذا هو صديقي اللدود لابد أنكم عرفتموه، إنه الهاتف المحمول (الموبايل) هو صديق لدود لا بد من صحبته فإنه ودود.