صدق الكونغرس الأميركي في جلسة مشتركة لمجلسيه، صباح اليوم، على فوز جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة الأميركية. وقد توقفت الجلسة مساء أمس لساعات؛ بسبب اقتحام أنصار الرئيس دونالد ترامب لها.
وأعلن نائب الرئيس الأميركي موافقة الكونغرس على نتائج أصوات المجمع الانتخابي؛ مما يمهد الطريق لتولي بايدن الرئاسة في 20 يناير/كانون الثاني.
وصوت أغلب أعضاء مجلس النواب الأميركي صباح اليوم، الخميس، برفض اعتراض حلفاء الرئيس دونالد ترامب على تأكيد فوز الديمقراطي جو بايدن بولاية بنسلفانيا في انتخابات الرئاسة، في محاولة أخيرة إما لإلغاء فوز بايدن أو تأجيل المصادقة عليه.
وأتى رفض مجلس النواب لهذا الإجراء بعد ساعتين من تصويت مجلس الشيوخ برفضه أيضا.
قتلى واعتقالات
وقال قائد إدارة شرطة العاصمة الأميركية، روبرت كونتي، إن 4 أشخاص لقوا حتفهم داخل الكونغرس، يوم الأربعاء، وإنه تم اعتقال 52 شخصا بعدما اقتحم أنصار الرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترامب، مبنى الكونغرس محاولين منع التصديق على فوز الرئيس المنتخب جو بايدن.
تزامن ذلك مع رفض مجلس الشيوخ بأغلبية ساحقة الاعتراض، الذي قدّمه مشرّعون جمهوريون على فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية بولاية أريزونا، في تصويت جرى في وقت متأخر من ليل الأربعاء بعيد ساعات من اقتحام أنصار الرئيس المنصرف مبنى الكابيتول.
وبأغلبية 93 مقابل 6 أصوات، صوّت أعضاء المجلس ضدّ الاعتراض، الذي قدّمه برلمانيون جمهوريون، على نتيجة الانتخابات في ولاية أريزونا.
وبعد ذلك اجتمع مجلسا الكونغرس في جلسة مشتركة ترأسها مايك بنس، نائب الرئيس، وذلك لإكمال عملية المصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية، وبدأ المجتمعون باستعراض نتائج مختلف الولايات للمصادقة عليها، كما استعرضوا بعض الاعتراضات على نتائج ولايات أخرى مثل بنسلفانيا.
ورفض مجلس الشيوخ الاعتراض على نتائج الانتخابات في بنسلفانيا بـ92 صوتا مقابل 7 أصوات.
بنس يندد
وفي مجلس الشيوخ استهل بنس الجلسة بالتنديد بـ”أعمال العنف”، التي شهدها مقر الكونغرس، والتعبير عن أسفه لهذا “اليوم المظلم”.
وقال بنس “حتى بعد أعمال العنف والتخريب غير المسبوقين في مبنى الكابيتول هذا، ها هم أولاء ممثلو الشعب الأميركي المنتخبون يجتمعون مرة أخرى في اليوم نفسه للدفاع عن الدستور”.
وعصر الأربعاء بتوقيت الولايات المتحدة، اقتحم متظاهرون مؤيّدون لترامب مبنى الكابيتول، وعطلوا جلسة المصادقة على فوز بايدن بالرئاسة، ودارت بينهم وبين قوات الأمن مواجهات، وسادت المكان فوضى انتهت بمقتل 4 أشخاص، واضطر البرلمانيون للاحتماء ريثما وصلت تعزيزات أمنية، واستعادت السيطرة على المبنى بعد حوالي 4 ساعات.
واقتحم أنصار ترامب المبنى بعدما شاركوا في مظاهرة قرب البيت الأبيض، دعا إليها الرئيس المنصرف احتجاجا على هزيمته في الانتخابات، التي ما زال يصر على أنّها “سرقت” منه.
“لا للترهيب”
وإثر استئناف مجلس الشيوخ جلسة المصادقة على نتيجة الانتخابات، شدّد زعيم الأكثرية الجمهورية، ميتش ماكونيل، على أن المجلس “لن يتم ترهيبه”. وأضاف “لقد حاولوا تعطيل ديمقراطيتنا وفشلوا”.
من جهته قال زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، إن ما جرى الأربعاء نتيجة “كلمات وأكاذيب” ترامب، وستترك “وصمة لن تمحى بسهولة”.
ولم يتوان السيناتور الجمهوري، ميت رومني، عن تحميل ترامب المسؤولية عما جرى. وقال رومني الذي انتقد ترامب مرارا “ما حدث اليوم تمرد بتحريض من رئيس الولايات المتحدة”.
وفي مستهل الجلسة نددت رئيسة المجلس، الديمقراطية نانسي بيلوسي، بـ”الاعتداء على الديمقراطية”.
وأضافت بيلوسي “إلى من حاولوا صرف انتباهنا عن مسؤوليتنا: لقد فشلتم. وإلى من شاركوا في تدنيس معبد ديمقراطيتنا: العدالة ستتحقق”.
من جهته أشاد زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب، كيفن مكارثي، بعناصر الشرطة، الذين أعادوا بسط الأمن في المبنى، وقال “لقد حان الوقت لنظهر للأميركيين أننا قادرون على العمل معا”.
استقالات
بالتزامن مع هذه التطورات، بدأت استقالات بإدارة ترامب احتجاجا على أحداث الكونغرس، حيث أعلنت ستيفاني غريشام (كبيرة موظفي ميلانيا زوجة ترامب) استقالتها. كذلك أعلنت سارة ماثيوز، نائبة المتحدثة باسم البيت الأبيض، استقالتها. وقالت ماثيوز في بيان، “الولايات المتحدة تستحق انتقالا سلميا للسلطة”.
يأتي ذلك في وقت أفادت شبكة “سي إن إن” (CNN) الإخبارية المحلية بأن مسؤولين آخرين يبحثون تقديم استقالاتهم، ومنهم مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين، ونائبه مات بوتينغر، وكريس ليدل نائب كبير موظفي البيت الأبيض.
تويتر وفيسبوك
وجمد موقعا تويتر وفيسبوك، الأربعاء، حسابي ترامب “مؤقتا” في إجراء غير مسبوق من منصتي التواصل الاجتماعي الشهيرتين.
وقال “تويتر” في بيان إنه حذف 3 تغريدات لترامب بدعوى “خطر العنف”، وأضاف أنه جمد النشر على حساب ترامب لمدة 12 ساعة، مهددا بغلق هذا الحساب بصورة دائمة حال استمر الأخير في انتهاك قواعد الاستخدام المتعلقة بـ”النزاهة المدنية”.
على النحو ذاته، قال فيسبوك “لقد قمنا بتقييم انتهاكين لسياستنا إزاء صفحة الرئيس ترامب”، وأضاف في بيان “ستكون النتيجة حجبا لمدة 24 ساعة.. وهذا يعني أنه لن يتمكن من كتابة منشورات في الموقع خلال مدة الحجب”.
ونشر ترامب مقطع فيديو ناشد فيه أنصاره إثر اقتحامهم مقر الكونغرس “العودة إلى ديارهم”؛ لكنه كرر مزاعمه بأن الانتخابات “سرقت” منه، بدون تقديم دلائل على ذلك. وحذف هذا الفيديو كلا من فيسبوك ويوتيوب.
واعتبر ترامب أن اقتحام مبنى الكونغرس من جانب مناصريه جاء نتيجة تجريد من وصفهم بـ”الوطنيين العظماء” من الفوز بالانتخابات.
وقال ترامب، عبر تويتر “هذه الأحداث تقع عندما يجرد الوطنيون العظماء، الذين عوملوا بطريقة سيئة وغير عادلة لوقت طويل، من فوز ساحق ومقدس بطريقة وحشية وغير قانونية”.
وتابع مخاطبا مناصريه “اذهبوا إلى منازلكم بحب وسلام، وتذكروا هذا اليوم إلى الأبد”.
موقف الأمم المتحدة
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، القادة السياسيين في واشنطن إلى “احترام العملية الديمقراطية وسيادة القانون”، فيما أعرب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو عن قلقه العميق إزاء الهجوم على الديمقراطية بالولايات المتحدة.
وقال غوتيريش في بيان “أشعر بالحزن جراء الأحداث، التي وقعت في مبنى “الكابيتول” (الكونغرس) في واشنطن”.
من جانبه، قال ترودو، في تغريدة، إن “الكنديين يشعرون بقلق وحزن عميقين من الهجوم على الديمقراطية بالولايات المتحدة”.
وشدد على أن “العنف لن ينجح في إلغاء إرادة الشعب”.