جاء في “المركزية”:
تشبه الاجواء الحكومية الاجواءَ المناخية الملبّدة الرمادية التي تسيطر على لبنان. التشاؤم والتخبط سيّدا الموقف، ولا معطيات تفيد بأن اي خرق ايجابي يمكن ان يحصل في الساعات او الايام القليلة المقبلة… لكن الى متى يمكن ان يستمرّ هذا التخبّط، والاصحّ هل لبنان قادر على تحمّل تبعات فصول مماطلة اضافية؟
هذه الاسئلة تطرحها مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية”، معتبرة ان ظهر اللبنانيين انكسر، والوضع المعيشي والمالي والصحي الذي يعيشون، يحتاج عناية فائقة سريعة، اليوم قبل الغد. فأي انتكاسة جديدة من قبيل ارتفاع جديد في سعر الدولار، وشح اضافي في المحروقات وفي المازوت وقد حلّ الشتاء بين ليلة وضحاها، او على صورة زيادة في الاسعار وفي ساعات التقنين الكهربائي، مقابل نقص في الادوية وفي أسرّة المستشفيات فيما كورونا يضرب بلا شفقة… اي انتكاسة كهذه، ستكون قاضية هذه المرة على اللبناني الجائع والمريض والمنهك على الصعد كافة.
عليه، بات واجبا على القوى السياسية المعنية بالتشكيل، التصرّف. الرئيس المكلف سعد الحريري امام خيارين: إما الانكفاء واعلان انتهاء مبادرته، أو القبول بتنازلات اضافية لصالح مَن سمّوه او لم يسمّوه للتأليف… فما يجب ان يدركه- وهو على الارجح يدركه- ان القوى السياسية ليست في وارد التخفيف من شروطها، بل على العكس، خاصة اذا ما اخذنا في الاعتبار ان الكفة الانتخابية الرئاسية الاميركية ميّالة حتى الساعة، لصالح المرشح الديمقراطي جو بايدن. وهذا يعني ان الفريق الممانع في بيروت المؤلف من حزب الله وحركة امل وحلفائهما، ذاهبون نحو رفع سقف مطالبهم كلّما طال امد التأليف، ولن يكونوا ابدا في وارد خفضه…
انطلاقا من هنا، ترى المصادر ان قد يكون من الافضل للرئيس الحريري السير منذ الآن، بما يريده الفريق الرئاسي، لناحية استثناء الطاقة كما المالية من مبدأ المداورة. فاذا كانت هذه هي العقدة الاساسية التي تعرقل الحكومة اليوم، فإن عراقيل كثيرة اخرى ستضاف اليها في الايام المقبلة اذا استمرّت المماطلة.
اما اذا لم يكن الحريري يريد التراجع عن “مبادئه التشكيلية”، لناحية حكومة مصغّرة تكون المداورة فيها سارية على الوزارات كلّها (ما عدا المالية)، لا ثلث معطلا فيها لاي فريق، فمن الافضل له، تتابع المصادر، اما ان يقدم تشكيلته التي يريد الى الرئيس ميشال عون ويترك الكرة في ملعب بعبدا، او ينسحب من المشهد الحكومي عبر رد التكليف لاصحابه، لأن اصراره على شروطه – على أحقّيتها – سيجعله شريكا في “جريمة” حرق الوقت واستنزاف البلاد والعباد وما بقي من عروق تنبض فيهم، في حين انه اعلن ان مبادرته الحكومية هدفها انقاذ لبنان المنازع.
المصادر لا ترى حلا آخر للكباش الحكومي: على واحد من الطرفين التراجع. الفريق الرئاسي لن يفعل – متمسّكا بوحدة المعايير – والثنائي الشيعي ايضا لن يتنازل لا عن المالية وربما عن الصحة او الاشغال ايضا (وقد أنعشه انتصار بايدن المفترض)، حتى ان الاشتراكي يبدو غير راض عن اخلال الحريري بوعود وزارية يقول انه قطعها له. اما الاخير، فعلى شروطه حتى الساعة.. هذا الستاتيكو يفترض ان يكسره فريق من الفريقين المتنازعين والا لا حكومة…