يزور وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان تونس والجزائر لبحث مسائل تتعلق بالأمن والهجرة في أعقاب هجوم نيس، وفي حين دعا رئيس وزراء فرنسا جان كاستيكس إلى معركة أيديولوجية ضد ما سماه الإسلام السياسي المتطرف تتواصل في العالم الإسلامي الاحتجاجات المنددة بالرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم.
فقد أعلن دارمانان اليوم الاثنين في تصريحات لمحطة “بي إف إم” (BFM) التلفزيونية الفرنسية أنه سيزور تونس والجزائر خلال الأسبوع الجاري، وسيناقش المسائل الأمنية مع نظيريه في البلدين.
وقالت المحطة في موقعها الإلكتروني إن دارمانان سيبدأ يوم الجمعة المقبل جولة تشمل مالطا، بالإضافة إلى تونس والجزائر.
وكانت الرئاسة الفرنسية أعلنت أمس الأحد أن الرئيس إيمانويل ماكرون طلب من وزير داخليته التوجه هذا الأسبوع للقاء نظيره التونسي توفيق شرف الدين.
ويتوجه الوزير الفرنسي إلى تونس بعد مكالمة أجريت السبت بين ماكرون ونظيره التونسي قيس سعيد اتفقا خلالها على تعزيز التعاون على صعيد مكافحة الإرهاب، كما بحثا عودة التونسيين الملزمين بمغادرة الأراضي الفرنسية، وفي طليعتهم المدرجون في القائمة الأمنية للاستخبارات الفرنسية، وفق بيان للرئاسة الفرنسية.
كما تناولت المكالمة الهجرة غير النظامية، والحلول التي يجب التوصل إليها معا لمعالجة هذه الظاهرة التي تتفاقم بين حين وآخر بهدف تحقيق أغراض سياسية، حسب نص البيان.
وقالت صحيفة لوباريزيان الفرنسية إن سعيد وافق على تسهيل منح تصاريح قنصلية لتونسيين موجودين في فرنسا بطريقة غير قانونية ويشتبه في تطرفهم، مشيرة إلى أن تفعيل الإجراء المتعلق بالتصاريح القنصلية سيمكن فرنسا من هؤلاء.
وأضافت الصحيفة أن الوزير الفرنسي كان تعهد منتصف الشهر الماضي بالإسراع في ترحيل 231 تونسيا دخلوا فرنسا بطريقة غير نظامية، ويشتبه في تطرفهم.
وقررت باريس إرسال دارمانان إلى تونس بعد أن توصلت التحقيقات إلى أن منفذ الهجوم -الذي وقع في مدينة نيس الخميس وأسفر عن مقتل 3 أشخاص- تونسي يدعى إبراهيم العيساوي (21 عاما) وصل إلى أوروبا بطريقة غير نظامية عبر جزيرة لامبيدوزا الإيطالية في 20 سبتمبر/أيلول الماضي، ووصل إلى نيس قبل الهجوم بيوم أو يومين.
وأكدت السلطات التونسية أن العيساوي -الذي تسكن عائلته في محافظة صفاقس (وسط شرق تونس)- لم يكن مدرجا في لوائح التطرف والإرهاب.
وكان رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي دعا السبت الماضي وزيري الداخلية والعدل إلى التعاون التام مع السلطات الفرنسية في التحقيق بشأن هجوم نيس.
معركة أيديولوجية
من جهته، دعا رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس الفرنسيين إلى خوض ما وصفها بالمعركة الأيديولوجية ضد الإسلام السياسي المتطرف، وندد بما وصفها بالمساومات التي قال إن أحزابا سياسية ومثقفين قاموا بها على مدى سنوات مع التطرف الإسلامي.
وحذر كاستيكس في لقاء مع قناة “تي إف 1” (TF 1) من أن المعركة أيديولوجية، وأن من وصفه بالعدو يسعى لتقسيم الفرنسيين من خلال بث الكراهية والعنف، وإلى إحداث شرخ في المجتمع.
وقال إن الطريقة الأولى للانتصار في هذه الحرب هي توحد المجتمع الفرنسي، والافتخار بهويته وحريته ونظامه الجمهوري، مشددا على ضرورة الانتصار في المعركة التي يدعو إليها.
وأضاف كاستيكس أن ما وصفها بالإسلاموية السياسية المتطرفة عدو أعلن الحرب على فرنسا، وتحدث عن ضرورة تعزيز الناحية الاستخباراتية من أجل محاربة “الإسلاموية الراديكالية”.
وقال أيضا إنه ينبغي على فرنسا تعزيز تشريعاتها للتصدي للكراهية.
مظاهرات ضد الرسوم
في الأثناء، تظاهر اليوم عشرات الآلاف في داكا عاصمة بنغلاديش للتنديد بالرسوم المسيئة للرسول التي نشرت مؤخرا في فرنسا، مما أثار توترات أمنية ودبلوماسية، وتسبب في حملة مقاطعة للمنتجات الفرنسية في دول إسلامية عدة.
وقالت الشرطة إن 50 ألفا شاركوا في المظاهرة التي طالبت بمقاطعة المنتجات الفرنسية، في حين تحدث المنظمون عن 100 ألف متظاهر.
وحاول المحتجون التوجه نحو السفارة الفرنسية لكن قوات الأمن منعتهم من التقدم.
وفي العاصمة الإندونيسية خرج المئات اليوم للاحتجاج على موقف الرئيس الفرنسي من الرسوم المسيئة للنبي.
وحمل المتظاهرون لافتات تدعو إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية والوقوف لنصرة النبي.
وتأتي الاحتجاجات الجديدة في بنغلاديش وإندونيسيا بعد مقابلة الرئيس إيمانويل ماكرون التي قال فيها للجزيرة إنه يتفهم الصدمة التي يشعر بها المسلمون.
وفي الإطار نفسه، وجهت مجموعة من المنتديات الشبابية والروابط الإسلامية في أوروبا خطابا مفتوحا إلى ماكرون طالبته فيه بإعادة النظر فيما سمته الهجوم الذي يشن على المسلمين ونبيهم.
وانتقد الموقعون على البيان الطريقة التي اعتمدها ماكرون للتعامل مع تداعيات قتل المدرس صامويل باتي، وقالوا إنها لم تكن حكيمة، بل أمدت من وصفتهم بالعنصريين والمتطرفين الذين يلجؤون إلى العنف بمزيد من التشجيع.
ووصف البيان إغلاق المساجد ومداهمة المنظمات المدنية بأنه سلوك انتهازي، وانتهاك للمعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان.