لا بوادر في الافق، تشير الى قرب ولادة الحكومة المنتظرة. ورغم الظروف الاقليمية الملتهبة في المحيط، والاوضاع المعيشية الاقتصادية والمالية والنقدية الاشد لهيبا في الداخل، المناكفاتُ على جنس “الحقائب” وحجم الحصص، مستمرة بين المعنيين بتأليف الحكومة العتيدة.
بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، فإن خلافا على الخارجية والطاقة والداخلية، يعوق اليوم إبصار مجلس الوزراء الجديد، النور. فالوزير جبران باسيل لا يزال يصر على اختيار شخصيات تريحه وفريقه السياسي في هذه الوزارات (خاصة في الخارجية والطاقة وهما من حصة المسيحيين) ويرفض اي تدخّل للرئيس المكلف في تسميتهما، في حين لا يزال اسم وزير الداخلية (سني) مدار أخذ وردّ بين دياب ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون..
الا ان المصادر، ترى ان هذه العقبات هي في الواقع “الجزء الظاهر” من جبل الجليد الذي تصطدم به “سفينة” الرئيس المكلف. ففي الحقيقة، أهل البيت السياسي الواحد، مختلفون “تحت الطاولة” على أكثر من نقطة، لعلّ أبرزها رفض الثنائي الشيعي محاولات الوزير باسيل الاستحصال على الثلث المعطل في الحكومة العتيدة (مع حصة رئيس الجمهورية). كما انهم حتى الساعة، مختلفون مع الرئيس المكلّف على حجم الحكومة، فالاخير يريدها من 18 في حين تفضّل القوى السياسية توسيعها لتمثيل الاطراف السياسية والمذهبية (خاصة الدروز والكاثوليك) بصورة أفضل في الحكومة.
هذا اذا سلّمنا جدلا ان حزب الله لا يزال على موقفه الداعم لحكومة الاختصاصيين التي يضعها دياب. فالمخاوف كبيرة، وفق المصادر، من ان يكون “الحزب” يتلطّى خلف هذه “الغابة” من التعقيدات، ويُحجم عن التدخل لتذليلها، الى حين اتضاح المشهد في الاقليم بعد اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني. فالتركيبة التي يضعها الرئيس المكلف قد لا تكون صالحة لمواكبة المرحلة الجديدة، التي ستتطلب في رأي الضاحية “حكومة سياسية” (ليس من الضرورة من لون واحد).
على اي حال، تشير المصادر الى لقاء سيجمع في الساعات المقبلة رئيس الجمهورية ودياب في بعبدا وتدعو الى رصد مواقف الوزير باسيل التلفزيونية مساء اليوم. فهاتان المحطتان ستؤشران الى المسار الذي ستسلكه أمور التشكيل في قابل الايام. وهنا، تتجه الانظار الى موقف الرئيس المكلف. فماذا سيفعل إذا لمس ان ثمة ميلا الى رمي العصي في دواليبه، أكان عبر تكبيله بالشروط ومحاولة التدخل في مهمة التشكيل التي يقول هو- اي دياب- انها من مسؤوليته ورئيس الجمهورية، أو عبر اعادة النظر، ولو في صورة خفية حتى اللحظة، في “طبيعة” الحكومة؟
المصادر تكشف ان الرجل أمهل الاطراف السياسية اياما، ملوّحا أنه بعد انقضائها، سيكون له موقف آخر، مرجّحة ان يكون “الاعتكاف”. غير ان هذه الخطوة غير محبّذة في ظل الاوضاع الحرجة التي يمر فيها لبنان. وبحسب المصادر، الافضل هو ان يعتذر عن التكليف، ويُعيده الى اصحابه، وليتحمّل المعرقلون، حينها، تبعاتِ الانهيار الاقتصادي – الاجتماعي المقبل الى لبنان. فهل يفعل هذا التحذير فعله، فيسرّع التأليف عبر تدخّل مباشر من مايسترو 8 آذار اي حزب الله، ليضع مكسب حكومة تابعة له، في جيبه؟ أم بالعكس، يُناسبه إبعادُ دياب من المشهد، لاعادة خلط الاوراق على الطاولة الوزارية؟