أكثر تطوع النبي والصحابة.. “خير دينكم أيسره”

كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن التعسير ويأمر بالتيسير ودينه الذي بعث به يسر وكان يقول: “خير دينكم أيسره”، ورأى رجلا يكثر الصلاة فقال: “إنكم أمة أريد بكم اليسر”.

وقال الشاعر:

من لي بمثل سيرك المذلل .. تمشي رويدا وتجيء في الأول

تطوع النبي:

 ولم يكن أكثر تطوع النبي صلى الله عليه وسلم وخواص أصحابه بكثرة الصوم والصلاة بل ببر القلوب وطهارتها وسلامتها وقوة تعلقها بالله خشية له ومحبة وإجلالا وتعظيما ورغبة فيما عنده وزهدا فيما يفنى.

1-عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إني أعلمكم بالله وأتقاكم له قلبا”.

 2- قال ابن مسعود رضي الله عنه لأصحابه: أنتم أكثر صلاة وصياما من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وهم كانوا خيرا منكم قالوا: ولم؟ قال: كانوا أزهد منكم في الدنيا وأرغب في الآخرة.

 3- وقال بكر المزني: ما سبقهم أبو بكر بكثرة صيام ولا صلاة ولكن بشيء وقر في صدره.

قال بعض العلماء المتقدمين: الذي وقر في صدره هو حب الله والنصيحة لخلقه.

4- وسئلت فاطمة بنت عبد الملك زوجة عمر بن عبد العزيز بعد وفاته عن عمله؟ فقالت: والله ما كان بأكثر الناس صلاة ولا بأكثرهم صياما ولكن والله ما رأيت أحدا أخوف لله من عمر لقد كان يذكر الله في فراشه فينتفض انتفاض العصفور من شدة الخوف حتى نقول: “ليصبحن الناس ولا خليفة لهم”.

5- قال بعض السلف: ما بلغ من بلغ عندنا بكثرة صلاة ولا صيام ولكن بسخاوة النفوس وسلامة الصدور والنصح للأمة وزاد بعضهم واحتقار أنفسهم.

 6- وذكر لبعضهم شدة اجتهاد بني إسرائيل في العبادة فقال: إنما يريد الله منكم صدق النية فيما عنده فمن كان بالله أعرف فله أخوف وفيما عنده أرغب فهو أفضل ممن دون في ذلك وإن كثر صومه وصلاته.

7-  وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: يا حبذا نوم الأكياس وفطرهم كيف يسبق سهر الجاهلين وصيامهم ولهذا المعنى كان فضل العلم النافع الدال على معرفة الله وخشيته ومحبته ومحبة ما يحبه وكراهة ما يكرهه، لا سيما عند غلبة الجهل والتعبد به أفضل من التطوع بأعمال الجوارح.

8-  قال ابن مسعود رضي الله عنه: أنتم في زمان العمل فيه أفضل من العلم وسيأتي زمان العلم فيه أفضل من العمل.

 9- وقال مطرف: فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة وخير دينكم الورع.

10- ونص كثير من الأئمة على: أن طلب العلم أفضل من صلاة النافلة وكذلك الاشتغال بتطهير القلوب أفضل من الاستكثار من الصوم والصلاة مع غش القلوب ودغلها.

 ومثل من يستكثر من الصوم والصلاة مع دغل القلب وغشه كمثل من بذر بذرا في أرض دغلة كثيرة الشوك فلا يزكو ما ينبت فيها من الزرع بل يمحقه دغل الأرض ويفسده فإذا نظفت الأرض من دغلها زكى ما ينبت فيها.