كتب منير الربيع في “المدن”: سارعت مصر إلى المبادرة تجاه لبنان. زيارة وزير الخارجية المصري حملت الكثير من المؤشرات والدلالات. الموقف المصري يتطابق مع الموقف الفرنسي. اهتمام مشترك بين البلدين، من الاتفاق مع اليونان وقبرص، إلى ليبيا وكذلك في لبنان.
الالتقاء الاستراتيجي بين مصر وفرنسا ركيزته منع تركيا من تعزيز نفوذها وحضورها في بيروت، بعدما زارها الوفد التركي الذي ضم نائب أردوغان ووزير خارجيته. ومضمون موقف سامح شكري ولقاءاته، يلتقي إلى حدّ بعيد مع الطرح الفرنسي: التشديد على الاستعداد للمساعدة في إعادة إعمار المرفأ، إضافة إلى ضرورة إجراء إصلاحات مقبولة تقوم بها حكومة جديدة وفاعلة.
في المقابل، لا تزال المملكة العربية السعودية غائبة عن المشهد اللبناني سياسياً، باستثناء تصريح أطلقه وزير خارجيتها، معتبراً أن الاضطراب والقلق يتسبب بهما حزب الله وسيطرته المدمرة، مطالباً بتحقيق شفاف لكشف ملابسات ما جرى في مرفأ بيروت. وخصوصاً في ظل تخزين الحزب إياه متفجرات في مناطق سكنية ودول متعددة. والموقف السعودي هذا يشير إلى عدم القبول بأي حكومة تضم حزب الله، إلا إذا حصل توافق أميركي – فرنسي على هذه النقطة.
لا أحد يقدر على تحديد موعد ولادة الحكومة الجديدة. الكلام عن قرب تشكيلها هدفه ضخ أجواء إيجابية، وناجم عن ضغوط دولية حول وجوب الإسراع بعملية التشكيل، لبدء العمل الجدي على أكثر من مسار.
قد تصح التقديرات الإيجابية حول توافق سريع على تشكيل الحكومة. لكنها ترتبط بزيارة ديفيد هيل بيروت ونتائجها. وهي ستكون قصيرة، مدتها ثلاث ساعات يلتقي فيها رئيسي الجمهورية ومجلس النواب، ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب. لا حديث في شكل الحكومة وتفاصيلها قبل معرفة حقيقة الموقف الأميركي، المرتبط بما يتحقق في موضوع ترسيم الحدود.
بين باريس وواشنطن
يأخذ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على عاتقه استكمال البحث عن تسوية لبنانية. بعض المعطيات تفيد أنه حصل على ضوء أخضر أميركي، فيما تفيد معطيات أخرى أن واشنطن أفسحت في المجال إلى حدود معينة، وبعدها هي التي ستدير العملية، إذا ما نجحت باريس في تحقيق خروقات.
حتى الآن، وما قبل زيارة هيل، باريس هي من يدير العملية مباشرة. وتشير معلومات إلى أن ماكرون تواصل مساء الإثنين مع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري ووليد جنبلاط. فرست المحادثات حالياً على التعجيل في عملية تشكيل حكومة تنجز الإصلاحات وتشرف على إعادة الإعمار، وتعدّ لانتخابات نيابية، وسط توجه لإجرائها على أساس القانون الحالي، لتجنب الخلافات بين الكتل.
البورصة
وتتراوح بورصة رئاسة الحكومة حالياً بين سعد الحريري وشخصية مستقلة أخرى قد تكون نواف سلام. لكن الثنائي الشيعي أبلغ المعنيين أنه يرفض سلام. لذا يجري البحث في كيفية تشكيل الحريري الحكومة، والعقبات التي تعترض ذلك: أولاً، الشروط التي يفرضها. ثانياً، كيف يشكل حكومة بمشاركة حزب الله، فيما تصدر المحكمة الدولية حكمها في اغتيال والده؟! إضافة إلى الموقفين الأميركي والسعودي. وكيف يمكن عون الاستجابة إلى ما طُلِب منه: باسيل خارج هذه الحكومة.
في موازاة هذا، هناك بحث جدّي في عقد جلسات حوار وطني برعاية دولية، للبحث بملفات كثيرة عالقة: الاستراتيجية الدفاعية، المعابر مع سوريا، مراقبة المطار والمرافئ الأخرى، وغيرها.