سبع سنوات مرّت على اعتقال الفلسطينية أمل جهاد طقاطقة، إلا أن الإصابات الست في جسدها ما زالت تذكرها بكل تفاصيل تلك اللحظة، التي رافقها اعتداء عليها وركل من قبل المستوطنين وجنود الاحتلال الإسرائيلي.
أفرج الاحتلال عن أمل طقاطقة (27 عاما) من بلدة بيت فجار بيت لحم جنوب الضفة الغربية، مساء الثلاثاء، بعد أن أمضت 7 سنوات متواصلة داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، وكإحدى الأسيرات المصابات، وبقيت خلفها 31 أسيرة فلسطينية.
كانت ترتدي الثوب الفلسطيني عندما زرناها في بيتها في اليوم التالي للإفراج عنها، ورغم فرحة التحرر من السجن، إلا أن غصّة الحديث عن لحظة الاعتقال لا تفارقها.
تقول عن ذلك للجزيرة نت: إنها عند اعتقالها مطلع ديسمبر/كانون الأول 2014، بحجة محاولة تنفيذ عملية فدائية، أُطلقت عليها 6 رصاصات، اثنتان في منطقة الصدر، وثالثة في الخاصرة، ورابعة وخامسة في قدميها، عدا عن قنبلة صوت أصابت يدها اليسرى، وبدأ المستوطنون رغم إصابتها بالاعتداء عليها بكل أرجاء جسدها، مختصرة ذلك بالقول “كسّروني من الضرب”.
وكان الشعور الصعب وقتها، وفق أمل طقاطقة، أنها لم تستطع الدفاع عن نفسها، وتم نقلها إلى مستشفى عين كارم بالقدس المحتلة، وبقيت في العناية المكثفة 7 أيام، ولحظة استعادة وعيها، قابلت محقق الشاباك الذي قال لها: “جئنا بكِ إلى المستشفى ليس لأننا نريدك أن تبقي على قيد الحياة، وإنما لنرى لماذا قمتِ بمقاومتنا”.
تعذيب وإهانات
تقول أمل للجزيرة نت إنها تعرضت لأبشع أنواع التعذيب من ضرب وإهانات وشتائم بذيئة وسب للذات الإلهية وكذلك الإسلام، لأنها مسلمة.
نقل الاحتلال أمل عدة مرات إلى مستشفى سجن الرملة، وتم وضع بلاتين في قدمها اليسرى، وكان من المفترض أن يتم استبداله بعد عامين ولكن لم يتم ذلك إلا بعد 6 أعوام، لأن هناك مماطلة طويلة في العلاج، وفق تعبيرها.
وعندما ذكرت عيادة سجن الرملة، ابتسمت وقالت: إن الإسرائيليين متطورون جدا بعلاج المرضى، لكنهم يريدون القتل المتعمد للأسرى، وإن قدموا علاجا للأسير فلأنهم يريدون التحقيق معه وانتزاع المعلومات منه بالقوة.
كلام صعب
قالت عن عيادة سجن الرملة: إن الكثير من شهداء الحركة الأسيرة ارتقوا في هذا السجن، آخرهم الشهيد سامي العمور، الذي استشهد بسبب الإهمال الطبي في الـ18 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وعندما تحدثت أمل عن العمور دعت الله، أن يرد جثمانه إلى أهله، قائلة: “سبحان الله، بدلا من أدعو الله أن يرده إلى أهله.. أقول: رد الله جثمانه إلى أهله، وما أصعب هذا الكلام، وفقط دعائي اليوم كي يوارى جثمانه الثرى في بلدته”.
تصف أمل معاملة الأطباء والممرضين في عيادة سجن الرملة بأنها كانت همجية وعنصرية، ورغم أنها لم تستكمل علاجها، فقد تم نقلها إلى سجن الدامون على الكرسي المتحرك، وهناك قامت الأسيرات بعلاجها اليومي حتى عادت للمشي على قدميها مرة أخرى.
ذكرت أمل طقاطقة الأسيرة إسراء الجعابيص، التي وصفتها بذات الجسد المحترق، وقالت للجزيرة نت: “إن إسراء وكل الأسرى والأسيرات المرضى يطالبون بحق بسيط هو العلاج”، مشيرة إلى أن الاحتلال وعد إسراء بأن يقوم بإجراء عملية لفك أصابعها الملتصقة عن بعضها، ولكن شرْطَه كان أن يتم تجميع 700 حالة مشابهة لها! معلقة على ذلك بالقول: “إن الهدف من هذا المطلب تعجيزي، فربما تخرج من السجن ولا يتم تجميع هذا العدد للبدء بعلاجها”.
التحدي والأمل
رغم كل هذه التفاصيل المؤلمة، ترى أمل طقاطقة أن الأسيرات الفلسطينيات اليوم حوّلن ساحة السجن، المراقبة بالكامل بكاميرات السجانين وعلى مدار الساعة، إلى ساحة للنشاطات والثقافة والتعليم والترفيه، مؤكدة أن هناك أسيرات يكملن تعليمهن الجامعي، ويتعلمن مهارات مختلفة.
ترى أمل أن الأسرى والأسيرات ينظرون اليوم إلى المقاومة الفلسطينية كأمل لتحريرهم، وتحرير كامل المقدسات وكامل أرض فلسطين.
لم يكتفِ الاحتلال بأسر أمل طوال 7 سنوات، بل استمر في بث حقده عليها، كما يقول والدها للجزيرة نت.
وكان التعب والإجهاد واضحين في عيون والدها ووالدتها، اللذين انتظراها عند حاجز الجلمة العسكري في جنين شمال الضفة الغربية، قرابة 6 ساعات متواصلة، رغم معرفتهم بأنها غادرت السجن مبكرا، ليتبين لاحقا أن الاحتلال كان يحقق معها، وينقلها من غرفة إلى أخرى، في محاولة لإرهابها حتى في اللحظات الأخيرة من أسرها، وفق والدها.
قبل أن نغادر وضعت والدة أمل إكليلا من الورد على رأس ابنتها المحررة، ونزلت أمل من بيتها إلى ساحة المنزل، واستنشقت هواء بلدتها، وهي مبتسمة متجهة إلى ضيوفها القادمين لتهنئتها بالحرية.