شهد ملف سد النهضة المتنازع عليه، الأربعاء، ساعات عصيبة، عقب إعلان أديس أبابا بدء ملء السد، مع تلميح الخرطوم لذلك، قبل أن تتراجع إثيوبيا وتنفي إتمام ذلك، وتطللب مصر منها توضيحا عاجلا، تلاه اعتذار إثيوبي عما أعلن.
وفي خضم ذلك، دعت الأمم المتحدة البلدان الثلات لعدم إضاعة الفرص المتبقية لحل الخلافات في ملف السد، بجانب إعلان مجلس الأمن إمكانية عقد جلسة جديدة عن السد حال طلب الأعضاء ذلك.
ورصدت الأناضول تفاصيل تلك الساعات العصيبة على النحو التالي:
أولا: إثيوبيا والملء: إعلان فتراجع فاعتذار
نقل التلفزيون الإثيوبي الحكومي، الأربعاء، تصريحات لوزير المياه والري والطاقة، سيليشي بيكيلي، تؤكد بدء بلاده ملء السد، بعد يومين من ختام مفاوضات بين بلاده ومصر والسودان، لم تفض لاتفاق بينهم.
وبعد تداول سريع للإعلان الإثيوبي في وسائل الإعلام، تراجع بيكيلي في تصريح لـ””أسوشيتيد برس” عن تصريحه السابق عن بدء الملء.
وأوضح أن حديثه كان مرتبطا بصحة الصور التي نقلتها الأقمار الصناعية قبل أيام للسد، مشيرا إلى أن توضح فقط “الأمطار الغزيرة وليس الملء”.
والثلاثاء، نشرت وكالة “أسوشيتيد برس” الأمريكية صور أقمار صناعية رصدتها وكالة الفضاء الأوروبية بتاريخ 9 يوليو/ تموز الجاري، تشير إلى بدء ملء خزان السد الإثيوبي.
وبعد التراجع، قالت هيئة الإذاعة الإثيوبية الوطنية (التلفزيون الحكومي)، في بيان على صفحتها بفيسبوك: “نعتذر عن الخطأ الذي ارتكبناه في تفسير تصريحات وزير الري والمياه والطاقة بشأن سد النهضة”.
وأضافت أن سوء التفسير كان “بالخطأ”، وغير متعمد.
ثانيا: السودان : تلميح لملء السد
وفي رواية مغايرة بشأن تجمع الأمطار، قالت وزارة الري السودانية، في بيان، الأربعاء، إنها تحرت عن طريق أجهزتها المختصة عما نشر من معلومات وصور ملتقطة بالأقمار عن بدء إثيوبيا في ملء سد النهضة بالمياه.
وأضافت الوزارة: “اتضح جليا من خلال مقاييس تدفق المياه في محطة الديم الحدودية مع إثيوبيا أن هناك تراجعا في مستويات المياه بما يعادل 90 مليون متر مكعب يوميا ما يؤكد إغلاق بوابات السد”، في إشارة لبدء أولى خطوات ملئه.
وأكدت الخرطوم أنها “تجدد رفضها لأية إجراءات أحادية الجانب يتخذها أي طرف خصوصا مع استمرار جهود الاتحاد الأفريقي للتوصل إلى توافق”.
وأوضحت أن “الحكومة السودانية ستتابع هذه التطورات بما يؤمن المصالح القومية السودانية”.
ثالثا: مصر: طلب توضيح عاجل من إثيوبيا
بدورها أعلنت وزارة الخارجية المصرية، في بيان الأربعاء، أن بلادها “طلبت إيضاحاً رسمياً عاجلاً من الحكومة الإثيوبية بشأن مدى صحة هذا ملء السد”.
وأكدت أن “مصر تواصل متابعة تطورات ما يتم إثارته في الإعلام حول هذا الموضوع”.
رابعا: دعوة أممية وجلسة بمجلس الأمن قد تعقد
بدوره، قال ستيفان دوغريك، المتحدث باسم أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن “الأمين العام يتابع التطورات الجارية بشأن السد”.
وأضاف المتحدث في تصريحات صحفية: “أعتقد أنه من المهم لقادة مصر وإثيوبيا والسودان، أن يستمروا في اغتنام الفرص المتبقية لحل خلافاتهم والتوصل لاتفاق متبادل المنفعة لجميع شعوبهم الذين يعتمدون على مياه النيل”.
وردا علي سؤال بشأن عدم أهمية إثيوبيا في ملء السد قال دوغريك “أعتقد أننا نعلم أن هناك أمطار غزيرة، وأعتقد أيضا أن هناك نقاشا يدور حول ما يجري بالضبط”.
فيما أعلن مجلس الأمن، أنه مستعد للنظر مجددا في ملف الخلاف بين مصر وأثيوبيا والسودان بشأن سد النهضة حال طلب أعضاء إثارة الموضوع.
جاء ذلك في تصريحات صحفية أدلى بها السفير الألماني، كريستوف هويسجن الذي تترأس بلاده الرئاسة الدورية لأعمال المجلس للشهر الجاري.
وقال هويسجن: “استمعنا في الاجتماع السابق الذي عقده المجلس لوجهات نظر ممثلي الدول الأعضاء”.
ونهاية يونيو/حزيران الماضي عقد مجلس الأمن، جلسة خاصة لمناقشة أزمة السد، بعد أيام من تقديم مصر طلبا بذلك خشية ملء منفرد من إثيوبيا، وآنذاك شهدت الجلسة حث أعضاء المجلس للدول الثلاث مواصلة الحوار والابتعاد عن الإجراءات الأحادية.
وأعرب هويسجن عن “أمله أن تثمرالجهود التي يبذلها الاتحاد الأفريقي بين الدول الثلاث إلى نتائج إيجابية”.
ومن 3-13 يوليو/ تموز الجاري، استمرت اجتماعات للبلدان الثلاثة، عبر تقنية الفيديو، بين وزراء المياه، لبحث التوصل إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل السد، وذلك برعاية الاتحاد الإفريقي، لكنها انتهت دون اتفاق رغم إعلان تحقيق تقدم في المفاوضات.
ولم يصدر الاتحاد الإفريقي موقفه بشأن نتائج تلك المفاوضات.
وتتمسك إثيوبيا بملء وتشغيل السد خلال يوليو الجاري، فيما ترفض مصر والسودان إقدام أديس أبابا على هذه الخطوة قبل التوصل إلى اتفاق.
وتخشى مصر من المساس بحصتها السنوية من مياه نهر النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، وتطالب باتفاق حول ملفات، بينها أمان السد، وتحديد قواعد ملئه في أوقات الجفاف.
فيما تقول أديس أبابا إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح مصر والسودان، وإن الهدف من بناء السد توليد الكهرباء وتنمية بلادها.