مقالات - Articles

فتوى أطاحت بالمفتي

*بقلم: الأستاذ الشيخ عبدالمنعم الرياحي / وندسور – كندا

 

-المفتي في سورية، كلمة يوصف بها العالم الشرعي، المشهود له بالعلم والتقوى. والمكلف بإصدار الفتاوى الشرعية في تصرفات المسلمين عقيدة وعبادة ومعاملة. ولكل منطقة في الدولة مفت خاص تعينه الدولة بموافقة علماء الشرع في المنطقة. وللدولة مفت عام يختاره المفتون بالانتخاب ويصدر مرسوم باعتماده مفتياً للدولة. وقد شغل هذه الوظيفة علماء فضلاء مشهود لهم بالعلم والتقوى والاستقامة. فلما تولى الحكم حافظ الأسد عهد بهذه الوظيفة للشيخ أحمد كفتارو، الذي احتفظ بالوظيفة حتى وفاته. فتولى الوظيفة الشيخ أحمد حسون في عهد بشار الأسد.

2- أحمد حسون، في مجلس عزاء بمدينة حلب، طلع على الناس بتفسير غريب لقول الله تعالى في سورة التين لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين. فقد زعم أن الذين خلقوا في أحسن تقويم هم أنصار الرئيس ينعمون بالأمن والرزق والعيش الطيب، وأن الذين ردوا أسفل سافلين هم خصوم الرئيس جماعات المعارضة الذين يعانون من الخوف والفقر والتشرد فكانت هذه هي السقطة التي أسقطته وصدر قرار رئاسي بعزله وإلغاء وظيفة المفتي، وهذا جزاء من يلتمس رضى الناس بسخط الله، أن يسخط الله عليه ويسخط عليه من أرضاه في سخطه. كما ورد في الحديث الشريف. ولعلنا نذكر غضبة الخليفة المهدي العباسي على الكذاب غياث بن إبراهيم الذي أباح له اقتناء الحمام بحديث مكذوب فطرده وأمر بذبح الحمام.

3- وزير الاوقاف محمد بن عبدالستار السيد اهتبل  الفرصة فأعلن مشروعاً بتشكيل مجلس علمي فقهي يحل محل المفتي، يتكون من 44 عضواً هم الوزير ومعاوناه وابنه ممثل الفقهاء الشباب، والقاضي الشرعي الأول ورئيس اتحاد علماء الشام، وممثل جامعة بلاد الشام، وممثل لكلية الشريعة بدمشق، وممثل لكلية الشريعة بحلب و 5 شيخات قبيسيات وثلاثون عضواً يختارون من الطوائف الإسلامية السنة والشيعة الأمامية والنصيريين والمرشديين والاسماعيليين والموحدين الدروز. يتولون مهمة الفتوى الشرعية.

 

4- يرى بعض المراقبين أن القرار يمثل عدواناً صارخاً على الطائفة السنية التي تمثل الأكثرية الكاثرة في المجتمع السوري وقد جعلها القرار واحدة من الأقليات. وأن القرار يخول المجلس السيطرة على الأوقاف السنية التي تتبع المفتي وتقدر بملايين الدولارات، وأنه ينسف المذهب الحنفي المرجع الأول لقانون الأحوال الشخصية، ويصادم كثيراً من العادات الشائعة في المجتمع السوري وأنه يعطل الطريقة الشرعية في اختيار المفتي بالانتخاب من قبل جماعات المفتين التي عطلها القرار.

 

5- كنت أتمنى على صاحب القرار أن يضيف إلى المجلس عضواً آخر ليصبح العدد 45. ذلك لأن السوريين يعرفون حشرة تسكن البيوت يسمونها بعدد أرجلها، أم 44 وأكاد أجزم أن صاحب القرار يعرفها وأنه يحتفظ بها في ذاكرته قيمة لهذا المجلس شأنه في ذلك شأن مجالس المحافظات ومجلس النواب الذي يدعى لدى المراقبين مجلس التصفيق.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى