*بقلم: الأستاذ الشيخ عبدالمنعم الرياحي / وندسور – كندا
- العلو والفساد في الارض مبعث للخوف والقلق والشقاء لكل مخلوق في زماننا. آية كريمة في سورة القصص تصف لنا ما يحصل اليوم في عالمنا المعاصر، هي قوله تعالى (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) صدق الله العظيم. فيها تحذير لنا من العلو والفساد بسوء النهاية وبشارة بنهاية سعيدة لمن يحفظ نفسه منهما. فكيف يكون العلو؟ وكيف يحصل الفساد؟ وكيف يتصرف الإنسان حتى يسلم منهما بنهاية حسنة؟
- عالمنا اليوم في سباق حثيث لطلب العلو. علو عسكري بامتلاك القنابل النووية التي تبيد الأرض بمن عليها وما عليها. والتي يوكل تفجيرها إلى حقيبة سوداء يحملها رئيس دولة عظمى. وعلو اقتصادي بامتلاك مصادر الثروة من البترول والغاز، والذهب والمعادن. وهذا العلو سبب للخوف والجوع والمرض وكل أنواع المعاناة لدى البشر اليوم.
- أما الفساد فقد شاع في العقائد بين الأديان والإلحاد، وفي الأخلاق بين الالتزام والتحرر، وفي المعاملات حيث ضيعت الأمانة وانتشر الغش والاختلاس والسرقة والثراء غير المشروع. وباسم الحرية الشخصية انتشرت المخدرات وتطورت الجرائم، وعم الرعب وانعدم الأمان. كل ذلك والأحوال من سيء إلى أسوأ منه وليس في الأفق أمل في الخلاص.
- منظمة الأمم المتحدة، بعد حربين عالميين في القرن الماضي، تأسست عام 1945 ومن أبرز هيئاتها مجلس الأمن ومحكمة العدل، لو قدر لها أن تباشر أعمالها كما يحقق أهدافها، في معزل عن هيمنة الدول الكبرى، لأمكنها
أن تعالج مشكلة العلو ومشكلة الفساد. - الحق يقتضي أن لكل شعب يمتلك أرضاً، أن تكون له سلطة عليها، دولة مستقلة إذا توفرت لها مقومات الدولة، أو استقلال ذاتي ضمن الدولة التي هو فيها. وحيث لا يحصل
ذلك اليوم، فيمكن أن يرفع الأمر إلى محكمة العدل الدولية لتقضي
فيه وينفذ حكمها. - في فلسطين اليوم صراع على الأرض بين الفلسطينيين والإسرائيليين خلال أكثر من سبعين سنة، وإسرائيل تلتهم الارض وتبني المستوطنات وتجلب المستوطنين، وتمنع المهجرين الفلسطينيين من العودة إلى بلادهم، وترفض قرارات محكمة العدل الدولية، وذلك تهديد للأمن والسلام، وشكل من العلو والفساد في الأرض لابد أن يتوقف.
- اختطاف مدنيين إسرائيليين عمل لم يتقبله العالم، كان يمكن أن يعالج بالمفاوضات، لكن نتنياهو تجاوز الأمر إلى حملة عسكرية واسعة بهدف القضاء على حماس، مستهيناً بأرواح 40 ألف فلسطيني و90 ألف مصاب وتهجير مليوني إنسان، وتدمير مستشفيات ومدارس ومساكن ومؤسسات مدنية، ثم في الوقت الذي تجري فيه المفاوضات أمر باغتيال إسماعيل هنية رئيس حماس.
- اغتيال المفاوض عمل يطيح بالمفاوضات ويدعو إلى الأخذ بالثأر، ومن قبل لم يحل المشكلة اغتيال أحمد ياسين وعبدالعزيز الرنتيسي وفتحي الشقاقي وغيرهم. وذلك دليل على عدم الجدية في المفاوضات. أضف إلى ذلك استمرار عمليات اقتحام المسجد الاقصى التي تكشف مدى طموح إسرائيل في التوسع والعدوان.. هكذا والأحوال كما شهدناها، فإنه لابد من قرارات دولية بوقف القتال واستدعاء قوات دولية لحفظ السلام والعمل بمقتضى حل الدولتين.