في عهد فاروق الأمة سيدنا عمر بن الخطاب تمكنت الدولة الإسلامية من بسط سلطانها علي أهم در ر تاج الامبراطورتين الرومية والفارسية حيث تمكنت الجيوش الإسلامية من فتح الشام والعراق وبسطت سيطرتها علي أراضي وثروات هاتين الامبراطورتين تنفيذ لوعد نبوي بتمكين الصحابة من تيجان كسري وقيصر
اغلب الفتوحات الإسلامية وقعت أحداثها في عهد الخليفة الراشد عمربن الخطاب وكان كسرى أخر ملوك الإمبراطورية الساسانية في بلاد فارس واسمه هو خسرو الثاني، وقد عرف كسرى بالبذخ والزينة المبالغ فيها، فكان يرتدي تاجا مرصعا بالجواهر النفيسة واللأليء التي تخطف الأبصار.
عمربن الخطاب وتوزيع غنائم كسري
وكان تاج كسري ثقيلًا لدرجة أنه كان لا يستطيع حمله على رأسه، فكان التاج يعلق بالسلاسل فوق عرشه فإذا جلس على العرش دخل تحته وهو مرفوع بالسلاسل، وعندما كان كسرى يقوم من فوق العرش ويرفع عنه التاج كان جميع الحاضرين يخرون سجودًا له.
كما اعتاد كسرى أن يرتدي سواري من الذهب وسيف وقباء مرصعا بالجواهر وكان إيوان كسرى مزينا بالجص، وكان لكسرى أيضًا بساط يطلق عليه بساط الزينة والمسرات وكان يفتخر به على كل ملوك الدنيا، وكان طول هذا البساط ستون ذراعًا قطعة واحدة، وكان كله ذهب منسوجًا بالحرير ومنظوم بالدر والمعادن الثمينة والياقوت الملون،
وكان في جانب البساط منه صور كالشجر وجانب منه كالصور، وفي جانب مثل الأرض المزروعة والروضة المزهرة، وفيه كانت صور لجميع ممالك كسرى بجميع أقاليمها وقلاعها وزروعها وأنهارها وكنوزها.
كسرى من جانبه كان لا يبسط هذا البساط إلا في أيام الشتاء في إيوانه، فكان يبسطه ويجلس على عرشه ويدخل تحت تاجه فينظر إلى بلدانه واحدة واحدة ويسأل عن أحوالها ومن فيها من أمراء وحكام وهل حدث فيها شيء من الأحداث فيجيبه ولاة الأمور الواقفين بين يديه.
بعد فتح القادسية في العام 16 للهجرة، على يد سيدنا سعد بن وقاص رضي الله غنم المسلمين الكثير من ممتلكات الفرس، فوزع سعد بن أبي وقاص الكثير على الجنود، وبقي الكثير من الغنائم فأرسل لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب يستشيره في طريقة توزيعها، فأمره عمر رضي الله عنه بتوزيعها على حملة القرآن الكريم.
بعد القادسية استمر زحف المسلمون على بلاد فارس واتجهوا نحو بهرسير وقد حاصروها واستخدموا المنجنيق لضربها، وقد حاصرها المسلمون لمدة شهرين تقريبًا، وقد بعث أهلها رسولًا للمسلمين يخبروهم برغبتهم في الاستسلام مقابل أن يتركوا للمسلمين كل ما هو في غرب دجلة، وأن يكون للفرس كل ما في شرق نهر دجلة.
عمر بن الخطاب و سواري كسري
لكن المسلمين لم يكن هدفهم الغنائم بل كانوا يهدفون لنشر الإسلام وتخليص أهل تلك البلاد مما هم فيهمن كفر وظلم وإخراجهم من الظلمات إلى النور، ولما رفض المسلمون هذا الاتفا، بدأ سكان بهرسير يتسللون خلسة منها واتجهوا للمدائن والتي بها إيوان كسرى، وقد أخذوا كل ما هو ثمين معهم، وأيضًا أخذوا السفن التي كانت تنقلهم عبر النهر.
وقد استمر جيش المسلمين في ضرب بهرسير حتى خرج رجل يطلب الاستسلام وقد أخبرهم أن المدينة شبه فارغة، فدخلها المسلمون واستقروا بها، وعندما وقفوا على ضفة النهر شاهدوا قصر كسرى والذي به إيوانه على الضفة الأخرى صاحوا الله أكبر هذا أبيض كسرى هذا ما وعد الله ورسوله، وكان كسرى ينوي الهروب من المدائن التي بها إيوانه ومقر حكمه وأن يأخذ كل ما بها لأنه أدرك أن المسلمين سيعبرون النهر لا محالة.
وكان نهر دجلة في وقت المد والفيضان في ذلك الوقت، وقد اعتقد الفرس أن المسلمون عليهم انتظار انحصار مياه النهر بعد عدة أشهر حتى يمكنهم العبور.
لكن سعد بن أبي وقاص وجد أن الانتظار ليس في صالح المسلمين، وأن الجيش في أوج قوته وقد وصله إمدادات من المدينة لمنورة ومن الأمصار الإسلامية الأخرى، ووصل عدد الجيش إلى 60 ألف مقاتل.
وهنا قرر سعد بن أبي وقاص أن يعبر النهر بالخيول، وقد جمع المسلمين وكلمهم وسألهم في أمر عبور النهر، فقالوا له جميعًا عزم الله لنا ولك على الرشد ، فافغل، وقد بدأ العبور ستمائة فارس من المسلمين بقيادة عاصم بن عمرو حتى يشجعوا غيرهم ويكتشفوا الجهة الأخرى من الشاطئ.
وكان بعض الفرس يشاهدون من الجهة الأخرى، فصاحوا أنهم مجانين ، وقال بعضهم أنهم ليسوا بشر بل من الجن، وقد تقدم بعض فرسان الفرس ليمنعوهم من المرور فأمر عاصم بأن يستهدفوا أعين خيولهم بالسهام، وقد فعلوا، فهرب فرسان الفرس وتبعهم عاصم.
وتبع كتيبة عاصم كتيبة أخرى ولما عبرت تبعهم سعد بن أبي وقاص ببقية الجيش، وفتحت المدائن، ففر كسرى بأهله وكل ما يستطيع حمله من الكنوز، ومع ذلك فقد وجد المسلمون آلاف من القطع الذهبية فأخذ المسلمون كل ما استطاعوا أخذه من كنوز كسرى وتركوا ما يقارب ما غنموه.
وعندما بدأوا توزيع الغنائم وجد سعد بن أبي وقاص بساط كسرى بينها، فأشار أصحابه فاستكثروا تقسيم هذا البساط بينهم وأرسلوه من بين خمس الغنائم الذي سيبعثون به لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب في المدينة المنورة.
سجال بين فاروق الأمة وسيدنا علي
وحين وصل البساط لسيدنا عمر بن الخطاب قال والله إن قومًا أدوا مثل هذا إلى لأمناء، ويروي بن كثير عن علي بن أبي طالب قال له عففت فعفت الراعية ولو رتعت لرتعت.
وقد استشار عمر بن الخطاب أصحابة عما يفعله بالبساط، فقالوا له رأيك أعلى فقال له علي رضي الله عنه لم يدخل عليك جهل ولا تقبل شكًا، وأن ليس لك من الدنيا إلا ما أعطيت فأمضيت ولبست فأبليت ولبست فأفنيت، فقال له عمر والله لقد صدقتني يا أبا الحسن.
في إحدى الروايات أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال اللهم إنك منعت هذا نبيك ورسولك وكان أحبك إليك مني وأكرم عليك مني ومنعته أبا بكر وكان أحب إليك مني وأكرم عليك مني، وأعطيتنيه، فأعوذ بك أن تكون أعطيتنيه لتمكر بي.
ولم يطأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه بساط كسرى أبدًا، لأنه رسالته التي يصبو إليها ليست الدنيا، وقد خاف أن يزهو بها ويغتر كما اغتر الملوك السابقين فلم يحتفظ بالبساط وأمر بتقطيعه.
وقد تم تقسيم البساط تقطيعًا وتم تقسيمه على المسلمين كما قسم جواهر التاج والمغانم الأخرى على المسلمين، وكان نصيب علي بن أبي طالب رضي الله عنه قطعة من البساط باعها بعشرين ألفًا كما ذكر بن كثير.
يروي بن كثير أيضًا أن عمر بن الخطاب وقت توزيع الغنائم التي غنمها المسلمون من كنوز كسرى، كان من بين الحاضرين سراقة بن مالك بن جعشم، فقال أمير المؤمنين لسراقة قم فألبس فألبسه سواري كسرى، فبلغا منكبي سراقة، فقال عمر رضي الله عنه لسراقة قل الله أكبر.
فقال سراقة الله أكبر، فقال أمير المؤمنين الحمد لله الذ سبلها من كسرى وألبسها سراقة بن مالك الأعرابي من بني مدلج.