تعرض سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه لأذي كبير من قريش بسبب ثباته على إيمانه فما كان منه الا ان استأذن رسول الله صلّ الله عليه وسلم في الهجرة إلى الحبشة حتى يلحق بمن سبقه من المسلمين إليها ، فأذن له النبي صلّ الله عليه وسلم خرج أبو بكر الصديق رضي الله عنه من مكة حتى وصل منطقة تسمى برك الغماد وهي تبعد عن مكة المكرمة مسافة 5 ليال ،
خلال هذه الرحلة قابل رجلا يدعي سيد القارة ابن الدغنة وهو أحد سادات العرب وهو رجل مشرك كافر ولكنه كان يعرف لأهل الفضل فضلهم فما كان منه الا مخاطبة سيدنا أبو بكر بالقول أين تريد يا أبا بكر فرد عليه وقال أخرجني قومي وأنا أريد أن أسيح في الأرض لأعبد ربي ،
أبوبكرالصديق والهجرةإلي الحبشة
فما كان من ابن الدغنة الا ان رد علي الصديق وقال له يا أبا بكر إن مثلك لا يخرج ولا يُخرج فإنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكل وتقرئ الضيف وتعين على نوائب الحق ، فقد أثنى الرجل المشرك على سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه تلك الصفات نفسها التي وصفت بها السيدة خديجة رضي الله عنها النبي صلّ الله عليه وسلم .
ثم وصلت القصة الي أعلي مراحلها إثارة حيث أخبر ابن الدغنة سيدنا أبو بكر الصديق بالقول :أنا أجيرك وأمنعك مما يؤذيك فأرجع إلى مكة وأعبد ربك في بلادك ، فرجع الصديق رضي الله عنه إلى مكة المكرمة معه وطاف ابن الدغنة على أشراف قريش وقال لهم إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يُخرج ،
ثم تابع ابن الدغنة مخاطبا سادة قريش بالقول أتخرجون رجل يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويكرم الضيف ، فقبلت قريش شفاعة إن الدغنة وجاوره لأبا بكر رضي الله عنه ولذلك كفت قريش عن أبا بكر الصديق الأذى ولكنهم اشترطوا عليه شرطًا فقالوا أمر أبا بكر أن يعبد ربه في داره فيفعل ما يشاء ولا يستعلم به فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا ، فظل سيدنا الصديق يعبد الله في داره .
وبل ان سيدنا أبو بكر صمم علي استمرار دوره الدعوي رغم وجوده في جوار ابن الدغنة حيث بني مسجد اصغيرا في فناء داره فكان يصلي فيه ويقرآ القرآن الكريم ، ومع الأيام بدأت نساء المشركين وأبناؤهم يجتمعون على أبا بكر الصديق رضي الله عنه ، وينظرون إليه يصلي ويعجبون من قراءة القرآن ويستمعون للتلاوة وشيئًا فشيئًا بدؤوا يزدحمون عليه لسماع القرآن الكريم ،
جوارابن الدغنةلأبوبكر
سلوك نساء وأطفال قريس أزعج ذلك سدنة الشرك من قريش فأرسلوا إلى ابن الدغنة وقالوا له إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره ولكنه جاوز ذلك ، فإن اقتصر على أن يعبد ربه في داره ففعل وإن رفض وأصر على الجهر بدينه فأطلب منه أن يرد الأمان إليك
واستمر سادة قريش في مخاطبة ابن الدغنة بالقول : إنك لم تجر هذا الرجل ليؤذينا ، إنه رجل إذا صلى وقرأ ما جاء به محمد يرق ويبكي ، وكانت له هيئة ونحو ، فنحن نتخوف على صبياننا ونسائنا وضعفتنا أن يفتنهم ، فأته فمره أن يدخل بيته فليصنع فيه ما شاء .
فأتى ابن الدغنة لسيدنا أبو بكر وقال قد علمت الذي عقدت لك فإما أن تقتصر على ذلك أو ترد إلي ذمتي متابعا :إني لم أجرك لتؤذي قومك ، إنهم قد كرهوا مكانك الذي أنت فيه ، وتأذوا بذلك منك ، فادخل بيتك ، فاصنع فيه ما أحببت ؛ قال : أو أرد عليك جوارك وأرضى بجوار الله ؟
وتابع ابن الدغنة مخاطبا الصديق : فاردد علي جواري ؛ فقال سيدنا أبو بكر : قد رددته عليك . قالت : فقام ابن الدغنة ، فقال : يا معشر قريش ، إن ابن أبي قحافة قد رد علي جواري فشأنكم بصاحبكم .