*بقلم: الأستاذ الشيخ عبدالمنعم الرياحي / وندسور – كندا
1. قرأت عن الفن، عن التعبير بالشكل واللون والصوت والحركة بما يشمل الرسم والنحت والتصوير والموسيقى والغناء والرقص والتمثيل، تلك الوسائل التي تنقل إلينا مشاعر المبدعين وأفكارهم، وتعتبر من عناصر الثقافة لدى الأمم في الماضي والحاضر، وتصوغ لنا تصوراً عن ثقافة المستقبل. وقرأت عن فنانين وفنانات، عن لوحات رسموها وتماثيل صنعوها، ونظريات في الفن ابتدعوها كانت سبباً في شهرتهم. ولم اقرأ عن عروض جسدية وعلاقات غرامية، كما هي الحال في الاخبار عن الفنانين والفنانات العرب.
2. وسائل الإعلام المقروءة في عالمنا العربي، تخصص للفن صفحات ليس فيها من الفن شيء، غير أخبار شخصية عن الممثلين والممثلات والمغنين والمغنيات، من تزوجت ثلاث مرات وخمس مرات وعشر مرات، ومن تزوج زميلته شهراً وشهرين ريثما أنجز دوره في عمل فني، ثم طلقها ليتزوج أخرى على صورة لا تمت للفن بصلة. وتعرض في هذه الصفحات صور لفنانات يعرضن مفاتنهن الجسدية في الوجه والصدر والظهر، ما هو طبيعي وما هو مجلوب بعمليات التجميل. وكل ذلك ليس من الفن ولا من لوازم الفن، بقدر ما هو ممارسات تخدش الحياء وتفسد الأخلاق.
3. باسم الفن عقدت لقاءات وأقيمت سهرات، حصلت فيها منكرات، جرى في إحداها قتل واغتصاب. كل ذلك جعل كثير من الفنانين والفنانات يعتزلون الساحة الفنية، حتى الذين لم يعتزلوها منعوا أبناءهم وبناتهم من دخولها وقد شجب كثير من العلماء، منهم الشيخ محمد الغزالي رحمه الله، هذه الممارسات الشاذة واعتبروها سبباً في إشاعة الفاحشة، وذكروا الناس بقول الله تعالى (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنو لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون). وحتى لا تشيع الفاحشة، أمر الذين يبتلون بالمعاصي أن يستتروا، ونهي الأزواج والزوجات عن التحدث بما يكون بينهم من المباحات الشرعية.
4. إن فساد الأخلاق سبب خطير في هلاك الأمم، فكم من حضارة ازدهرت وسادت فلما غلب الفساد على أهلها اندثرت وبادت. وقد أعلن هذه الحقيقة أمير الشعراء أحمد شوقي رحمه الله بقوله: وإذا أصيب القوم في أخلاقهم …… فأقم عليهم مأتماً وعويلاً. ورأى أن حياة الأمم بأخلاقها، قال: وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت ……. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا ولنا في قول نبينا محمد(ص) خير دليل على أهمية الاخلاق (بعثت لأتمم مكارم الاخلاق).
5. نحن اليوم في حاجة ماسة لتربية خلقية لأجيالنا تبدأ في نطاق الأسرة والمدرسة، فالأخلاق تنشأ في هذه المرحلة كما ورد في قول الشاعر معروف الرصافي: هي الأخلاق تنبت كالنبات ….. إذا سقيت بماء المكرمات. ثم يأتي دور المجتمع بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما ورد في قول الله تعالى (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ….). وقد حذرنا رسول الله (ص) من إهمال هذا الواجب في الحديث القدسي: قال رسول الله (ص) يا أيها الناس إن الله تعالى يقول لكم: مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوني فلا أجيب لكم وتسألوني فلا أعطيكم وتستنصروني فلا أنصركم) صدق الله العظيم وبلغ رسوله الكريم.