لعدة أشهر، كان معدل التضخم مستقراً حول 7 ٪ في كندا ( انخفض فقط 0.1 نقطة مئوية في شهر تشرين الثاني / نوفمبر مقارنة بشهر تشرين الأول / أكتوبر، مسجلا 6.8٪.)، ويتساءل الكثيرون الآن عما يتطلبه الأمر لرؤية انخفاض حقيقي في أسعار الاستهلاك خاصة المواد الغذائية.
’’سيتعين على من يأمل في في تهدئة للتضخم في البلاد الانتظار. علينا التريث عدة أشهر قبل أن يعود الوضع إلى طبيعته، وربما علينا أن نمر بفترة ركود حتى ولو كانت محدودة، لتحقيق الانخفاض في معدل التضخم‘‘، بحسب ما كتب الصحفي الإقتصادي في هيئة الإذاعة الكندية أوليفيه بورك .
وبرأيه ليس هناك ما هو أكثر فعالية من هذا العلاج المرير ( الركود الإقتصادي ) لتهدئة ارتفاع الأسعار ، وإلى الآن لم يكن لارتفاع أسعار الفائدة أي تأثير على إنخفاض معدل التضخم مما يثبط عزيمة العديد من الأسر، وخاصة الأسر ذات الدخل المنخفض.
و بحسب الخبير الإقتصادي :” لعله من الضروري أحيانًا الانتظار أكثر من عام ونصف قبل رؤية تأثيرات سياسات بنك كندا (المصرف المركزي) على الاقتصاد”.
يضاف إلى ذلك أنه على الرغم من انخفاض أسعار الطاقة، تظل سلاسل الإمداد هشة فهناك طلب زائد و مستمر على السلع بعد أزمة كورونا بالإضافة إلى العديد من من العوامل الأخرى فقامت من أزمة التضخم.
على سبيل المثال هناك ضعف سعر صرف الدولار الكندي وفي فصل الشتاء هناك حزمة بضائع يتم استيرادها من الجنوب وبحسب الخبير الاقتصادي السيناتور كليمان جينياك، فإن ’’كل هذا يمكن أن يلعب دورًا في إرتفاع معدل التضخم‘‘.
و أيضا بسبب فقد الموظفين لقوتهم الشرائية في الأشهر الأخيرة طالبوا برواتب أفضل ( شهدت أونتاريو مثلا زيادة رواتب المعلمين و الكوادر الطبية بالإضافة إلى رفع رواتب الشركات الخاصة ) ومع نقص العمالة، لم يكن أمام أرباب العمل خيار سوى رفع الأجور خاصة في قطاع الخدمات وهو الأمر الذي له تأثير أيضًا على اترفع معدل التضخم.
و بحسب الخبير الإقتصادي كليمان جينياك:” حتى لو لم تكن الأجور هي السبب في زيادة التضخم، فهي بالتأكيد إحدى الأسباب التي تفسر سبب استغراق التباطؤ الاقتصادي وقتا طويلا”.
لا يزال معدل التضخم في قطاع الغذاء مرتفعاً، وتبلغ النسبة 11.4٪ على أساس سنوي. وقد يصعب تحديد اللحظة المحددة للانخفاض الكبير في الأسعار. وهنا يتفق الاقتصاديون على أنه يتعين على المستهلك التحلي بالصبر، ويمكن أن يتم ذلك في بضع خطوات.
الخطوة الأولى: مارس 2023، في العام الماضي وفي هذا الوقت بالذات، كانت الحرب في أوكرانيا قد بدأت. وارتفعت أسعار النفط والعديد من المواد الخام بسرعة كبرى.
بعد مرور عام، ’’يمكن تقييم المسار الذي لا يزال يتعين علينا السير فيه لعودة الحياة إلى طبيعتها‘‘، كما يعتقد جان رينيه أوليه، استراتيجي الاستثمار في ’’مجموعة ديجاردان‘‘ المصرفية. يضيف قائلا: ’’سيبدأ تأثير الحرب في أوكرانيا في التلاشي في آذار / مارس المقبل. في ذلك الوقت، ستكون لدينا قراءة أفضل لما تبقى لدينا من التضخم‘‘.
ركود إقتصادي
يتفق جميع الاقتصاديين على نقطة واحدة، وهي أنه يمكن للتضخم أن يخمد بسرعة أكبر إذا كان هناك ركود إقتصادي وهو أقل الشرين خطورة.
يقول السيناتور جينياك: ’’يؤثر الركود على فئة معينة من الناس بشكل مؤقت، بينما يؤثر التضخم على الجميع، ويؤثر على الأقل ثراءً بشكل أكبر. […] بالطبع، سيكون من الصعب العودة سريعًا إلى التضخم بنسبة 2٪ دون المرور بذلك: إنه مثل حاجتنا إلى كسر البيض من أجل صنع عِجة‘‘, بدوره يتساءل خبير الاستثمار أوليه: ’’ما الذي يتطلبه الأمر لكسر التضخم؟‘‘ ويجيب على سؤاله: ’’الركود الإقتصادي‘‘.
’’يشكل الركود الأداة للمساعدة على خمد التضخم […] الغريب أننا سنحتفل به، لأن الركود، على المدى الطويل، سيؤدي إلى خفض أسعار الفائدة: الأشخاص الذين لديهم قروض عقارية متغيرة السعر سوف يستنشقون الهواء المنعش. فطالما أننا لم نكسر التضخم، ستبقى معدلات الفائدة مرتفعة ‘‘.
بالنسبة للمتحدث، من الأهمية بمكان تقليل عدد الوظائف الشاغرة. السياق الحالي لارتفاع الأجور يغذي دوامة التضخم. مع التباطؤ الاقتصادي أو الركود الاقتصادي، يمكننا حتى أن نرى التسريح الأول للعمال في قطاعات معينة.
على صعيد آخر، يشير جان رينيه أوليه إلى أنه وفق استطلاع للرأي مؤخرا، ’’فإن النسبة المئوية لسكان كيبيك الذين يعتقدون أن الوقت مناسب الآن لإجراء عملية شراء كبيرة ( مثل شراء منزل ) هي في أدنى مستوياتها … منذ عام 2007‘‘.
الغلاء مستمر في أسعار سلة التسوق الغذائية
مما لا يثير الدهشة أن فاتورة سلة التسوق الغذائية لم تنخفض في نوفمبر الماضي، بل إنها ارتفعت بنسبة 0.4 نقطة مئوية مقارنة بشهر أكتوبر.
و ارتفعت تكاليف الغذاء بنسبة 11.4٪ في نوفمبر مقارنة بزيادة سنوية قدرها 11٪ في أكتوبر و ’’ظلَّ تضخم أسعار المواد الغذائية على نطاق واسع وتجاوز نمو الأسعار في محلات البقالة مؤشر أسعار المستهلك الرئيسي في كل شهر منذ كانون الأول / ديسمبر 2021‘‘، كما تذكر وكالة الإحصاء الكندية وهي مؤسسة فيدرالية.
على الرغم من رفع سعر الفائدة الرئيسي بنسبة 4٪ سبع مرات متتالية هذه السنة، فإن بنك كندا (المصرف المركزي) غير قادر على تهدئة الانكماش الاقتصادي في البلاد. وانخفض مؤشر أسعار الاستهلاك في شهر نوفمبر المنصرم بنسبة 0.1 نقطة مئوية، بعدما سجل في سبتمبر وأكتوبر 6.9٪ على أساس سنوي.
إذا نظرنا إلى الوراء قليلاً خلال هذه السنة، فإن معدل التضخم السنوي في كندا بلغ 8,1% في حزيران / يونيو الفائت، أعلى مستوى له منذ كانون الثاني/ يناير 1983 عندما بلغ 8,2%، وأخذ يتراجع تدريجياً ووصل إلى 6,9% في أيلول / سبتمبر وظل عند هذا المستوى في الشهر التالي، تشرين الأول / أكتوبر.
تجدر الإشارة إلى أنه في أوائل الشهر الجاري ديسمبر،رفع بنك كندا معدل الفائدة الأساسي بمقدار 50 نقطة أساس، من 3,75% إلى 4,25%. كانت هذه هي الزيادة السابعة على التوالي في سعر الفائدة الرئيسي الذي أقره البنك المركزي سنة 2022. في محاولة من المصرف المركزي لإعادة التضخم السنوي إلى نطاق يتراوح بين 1 و 3٪.
To read the article in English press here
إقرأ أيضا : بنات المشتبه به بقتل 5 أشخاص في تورونتو يكشفن أسراره … و ثمانية مراهقات يطعن رجل خمسيني حتى الموت !!!