ما أن أعلن الإحتلال في 6 سبتمبر/أيلول الجاري تمكن 6 أسرى من الفرار عبر نفق من سجن جلبوع (شمال)، حتى سارعت مؤسسات رسمية وحقوقية فلسطينية إلى المطالبة بحماية الأسرى الفلسطينيين من أي عقوبات جماعية إسرائيلية.
فعلى المستوى الجماعي، ووفق مؤسسات مختصة بشؤون الأسرى فإن العقوبات لم تتأخر، إذ جاء القرار الإسرائيلي بتفريق أسرى حركة الجهاد الإسلامي، التي ينتمي إليها خمسة من الأسرى الهاربين، من الأقسام والغرف التي يعيشون فيها، إلى أقسام وغرف الأسرى من باقي الفصائل، لمنع اجتماعهم.
أما على المستوى الشخصي، فإن العقوبات بدأت فور إعادة اعتقال أربعة من الأسرى الفارين يومي الجمعة والسبت، وذلك بتعريضهم للتنكيل ومنعهم من لقاء محاميهم وتوجيه تهم جديدة لهم.
** مخاوف فلسطينية
والأحد، حَمّلَ نادي الأسير الفلسطيني (غير حكومي)، سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن “أي أذى يتعرّض له الأسرى الأربعة المُعاد اعتقالهم” .
وقال رئيس النادي قدورة فارس، في بيان، إن “المخاوف تتصاعد على مصير الأسرى زكريا الزبيدي ومحمود العارضة ومحمد العارضة ويعقوب قادري، بعد إعادة اعتقالهم وتعرّضهم للضّرب ونقل أحدهم إلى المستشفى”.
والإثنين، أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين أن محكمة الناصرة المركزية (إسرائيلية) رفضت الالتماس الذي تقدم به محامي الهيئة للسماح له بزيارة الأسرى الأربعة الذين أُعيد اعتقالهم خلال الأيام الماضية.
وطالب رئيس الهيئة في بيان وصل الأناضول “الكل الفلسطيني (…) بالضغط بكل الوسائل والطرق على كافة الجهات الدولية” لحماية المعتقلين.
وفي السياق، تحدثت وكالة الأناضول إلى خبير في قضايا الأسرى، ومحامي اثنين من المعتقلين المعاد اعتقالهم، حول تعامل إسرائيل مع الأسرى الفارين، ومن يحاولون الفرار من سجونها، والعقوبات التي تفرض عليهم.
** العزل الانفرادي لمدة طويلة
يتوقع عيسى قراقع، وهو خبير بقضايا الأسرى ووزير الأسرى السابق، أن ينفذ الاحتلال أقصى عقوبة بحق الأسرى الفارين الذين أعاد اعتقالهم وهي العزل الانفرادي لمدة طويلة.
وأضاف “يتوقع أن يتم عزلهم في زنازين انفرادية لمدة تزيد عن خمس سنوات، وبعض الأسرى قضى فيها أكثر من عشر سنوات”.
كما توقّع اتخاذ إجراءات مشددة بحقهم كأن يمنعوا من الخروج إلى ساحة السجن إلا مقيدي الأيدي والأرجل، مع تعامل استفزازي وتفتيشات ومضايقات مستمرة”.
ومن العقوبات المتعلقة بشخص الأسير، توقع قراقع “حرمان الأسرى الفارين من زيارة عائلاتهم لفترة طويلة وعدم تلبية احتياجاته الخاصة من الكانتين (متجر السجن)”.
وأشار إلى عرض الأسرى مجددا على المحاكم، مع أن بعضهم محكوم بالسجن مدى الحياة، وتوقّع إضافة أحكام جديدة بالسجن.
وحسب الوزير الفلسطيني السابق، فإن إسرائيل وفور فرار الأسرى الستة “تصرفت بطريقة ثأرية مع باقي المعتقلين، ومارست عقابا جماعيا بحقهم، وفرضت تشديدات عامة ستنعكس على الحياة داخل السجون، وعلى حقوق الأسرى”.
وتوقّع قراقع مزيدا من الاقتحامات وإجراء التفتيشات في السجون، وفرض قيود على إدخال الأغراض والملابس والمواد الغذائية للأسرى.
كما رجّح “حرمان عدد كبير من الأسرى من الزيارات، وفرض تنقلات وتشتيت الأسرى عن بعضهم”.
وأشار إلى أن الشيء الوحيد الذي قد يمنع هذه العقوبات هو “وحدة الحركة الأسيرة داخل السجون بتحديها، ومواجهتها لهذه الإجراءات القمعية والعقوبات الجماعية التعسفية”.
وشدد على أهمية أن تخوض الحركة الأسيرة “المواجهات والخطوات النضالية مجتمعة للدفاع عن حقوقها الأساسية”.
وأشار إلى أهمية “التفاف الناس والمؤسسات والفصائل والتنظيمات خارج السجن مع الحركة الأسير، بخطوات نضالية جماهيرية شعبية، وتحريك المؤسسات الحقوقية الدولية”.
** محاكمة وتهم جديدة
من جهته، يقول خالد محاجنة، محامي الدفاع عن الأسير محمد العارضة ويعقوب القادري، المعاد اعتقالهما إن المخابرات الإسرائيلية قررت منع الأسرى من لقاء محاميهم.
وأضاف “هذا إجراء (منع لقاء المحامين) جاء بناء على نص في قانون العقوبات الإسرائيلي يسمح للمخابرات إصدار أمر يمنع لقاء المعتقلين الأمنيين (على خلفية مقاومة الاحتلال) مع محاميهم لمدة أقصاها 21 يوما”.
وحسب المحامي محاجنة، فإن المخابرات الإسرائيلية أضافت، غير الهروب، شبهات أمنية لتتمكن من إصدار أمر المنع منها: التخطيط والتآمر لتنفيذ عملية إرهابية بعد الهروب من السجن”.
وذكر أن أمر المنع الحالي ينتهي منتصف ليلة الثلاثاء/الأربعاء، “لكن مندوبة النيابة صرحت اليوم (الإثنين) في المحكمة بوجود نية لتجديد المنع عدة أيام أخرى”.
ويوضح محاجنة أن القانون الإسرائيلي يفرض عقوبة قد تصل إلى خمس سنوات على تهمة الهروب، لكن في حال توجيه لائحة اتهام فيها تهمة أمنية قد يكون الحكم أكثر.
وذكر محاجنة أن مرحلة التحقيق قد تصل إلى مدة شهر، ثم تقدم لائحة اتهام بحق المعتقلين “وحينها يكون هناك إمكانية لتصوير كل مواد التحقيق، بما فيها الصور وتسجيلات مصلحة السجون التي توثق عملية الخروج”.
واستنادا لتجارب سابقة، يتوقع المحامي أن تمارس مصلحة السجون سياسة الحبس الانفرادي، والإبعاد للفارين عن كل سجون منطقة الشمال، وأن تضعهم في سجون الجنوب.
كما توقّع “عزل كل منهم في زنزانة بعيدا عن زنزانة الآخر، لمدة 6 أشهر قابلة للتمديد، وهناك من أمضوا سنوات طويلة في زنازين العزل (الحبس الانفرادي)”.
ووفق مركز “أبو جهاد” لشؤون الحركة الأسيرة التابع لجامعة القدس، فإن الأسرى الفلسطينيين نفذوا 22 عملية فرار أو محاولة فرار من السجون الإسرائيلية.
ويبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية نحو 4650، بينهم 40 أسيرة، ونحو 200 قاصر، إضافة إلى 520 أسيرا إداريا (دون تهمة أو محاكمة)، وذلك حتى 6 سبتمبر/أيلول الجاري، وفق بيان لنادي الأسير.