لا يقتصر برنامج مهرجان العالم العربي في مونتريال على الجانب الفني والاستعراضي فقط، بل يقول منظموه أنه يشمل أيضاً جانباً “ثقافيَاً” يفتح الباب واسعاً للمناقشات حول مواضيع متعدّدة تهمّ الكنديين من أصول عربية أو الجمهور المهتم بالعالم العربي عموماً.
وفي إطار النسخة الـ23 لهذا المهرجان الخريفي، أُقيم الأسبوع الماضي في مكتبة ’’بولين‘‘ طاولة مستديرة حول مسألة الجنس في العالم العربي. واختار لها المنظمون عنوان ’’جسد مقموع، جسد حرّ‘‘.
شارك فيها المغنّي و الفنّان الاستعراضي مهدي باحماد الذي وُلد في المغرب وهاجر إلى كندا وهو في سنّ الثامنة بالإضافة للأخصائية النفسية نادية قنديل التي تدخّلت عبر تقنية الفيديو من مدينة كيبيك حيث تُقيم و أدارت النقاش الصحفية السابقة في القسم الفرنسي لراديو كندا الدولي آن ماري إيفون.
بدأت الأخصائية النفسية نادية قنديل بالحديث عن الفرق بين العيش في مجتمع جماعي كالمجتمع العربي ومجتمع فردي كالمجتمع الغربي بصفة عامة والكندي خاصة.
وسألت الصحفية آن ماري إيفون مهدي باحماد عن موقعه من هاذين المجتمعين، فردّ قائلاً إنّه ’’لا يستطيع أن يضبط مكانته على الرغم من أنه يفهم أننا نميل دائما إلى تصنيف الأمور‘‘، مضيفاً أنّ ’’لديه مشكلة في تحديد هويته‘‘ حيث يمكنه رؤية نفسه ’’من زوايا مختلفة ومتعدّدة.‘‘
وتقول نادية قنديل إنّنا ’’نحتاج أحيانًا إلى التصنيف لفهم أفضل للأمور. ولا يعني هذا أننا نضع أنفسنا في صناديق.‘‘ وتحدّثت عن تجربتها الشخصية وقالت إنها ’’تتمتع بقدرة على التكيف تستخدمها في كندا والجزائر موطنها الأصلي.‘‘
ومن جانبه، قال مهدي باحماد إنّه يشعر ’’ براحة أكبر في استكشاف شخصيته في كندا.‘‘ وأضاف أنّه من السهل عليه ’’استكشاف جانبه الأنثوي في كندا مقارنة بالمغرب حيث قد تكون الأمور أكثر صعوبة قليلاً‘‘ خاصة وأنّه يمارس الرقص النسائي.
وهل هذا يعني أن جسده أكثر اضطهادا في المغرب؟ يجيب أنه ’’من الصعب جدًا قول ذلك.‘‘ وأنه في كل مرة يعود فيها إلى المغرب يكتشف أشياءً تفاجئه. ’’هناك تغيَر يحدث في المغرب‘‘، كما قال.
وذكر أنّه لم يقم بعد حفلا في المغرب. وفي المرة الأخيرة التي زار فيها بلده الأصلي، أجرى مقابلة مع موقع ’’وي لوف باز‘‘ المغربي و قال :”كان ردّ فعل المتابعين إيجابيّاً على الخاص، لكن التعليقات العلنية على فيسبوك كانت عنيفة”.
وهل للثقافة التي يترعرع فيها المرء تأثير عل تحرّره الجنسي أم أنّ الأمر يتعلّق بشخصية الإنسان فقط؟ تجيب الأخصائية النفسية نادية قنديل إنّ ذلك مرتبط بعدّة عوامل كشخصية المرء ومنشئه وتربيته.
و قالت نادية قنديل : «هناك أشياء يمكن أن نفكر فيها ونريد القيام بها كالتحرّر الجنسي، لكنّ شخصيتنا لا تسمح لنا بالقيام بها في المغرب العربي وبلاد الشرق. وعندما نغير البلد، فهذا يسمح لنا بالقيام بها.
وعن سؤال حول الفروق الموجودة بين المغرب وكندا من حيث ’’امتلاك المرء لجسده‘‘، يقول مهدي باحماد إنّه يرى الكثير من الناس يفرضون وجودهم في المغرب وذكر أنّ صديقة له أخبرته عن ’’مدرستها الثانوية حيث يدرس فيها أشخاص مثليين بشكل علني.‘ وأوضح أنّ هؤلاء الأشخاص كانوا دائمًا موجودين في المجتمع، ولكن ’’بطريقة غير علنية.‘‘
وتقول نادية قنديل إن ’’الانفتاح الذي يمكن رؤيته في المدن الكبيرة لا يوجد دائمًا في القرى الصغيرة.‘‘ ويضيف مهدي باحمد أنّه ’’لهذا السبب لا يمكننا التعميم”, و بحسب النقاش الذي نقله راديو كندا الدولي ويواجه شباب الجيل الثاني من المهاجرين من أصول عربية تحدّيات في ’’امتلاك الجسد‘‘ تختلف عن تلك التي واجهها آباؤهم.
و شاركت إحدى الفتيات في النقاش قائلة أن الفتيات المنحدرات من العالم العربي يواجهن ردود فعل “سلبية” حينما يقرّرن ارتداء الحجاب في كندا، في حين ( حسب قولها ) فأنّه فُرض على أمّهاتهنّ في بلدهنّ الأصلي.
وأضافت المشاركة :’’في كل مرة نتحدث فيها عن الحق في امتلاك الجسد، فإننا نتكلّم عن كشفه. لقد نشأت في مجتمع يتميّز بالإفراط الجنسي. التزمتُ بهذا النموذج في سن أصغر، لكن في العشرينات من عمري أدركت أنه ليس بالضرورة هذا النموذج الذي أريده.‘‘وأكّدت أنّها تفضّل ’’الحياء. لكن في الوقت نفسه، لا أريد أن أبدو مُضطهَدة.‘‘
وتأسّفت المشاركة لأنّ البعض يطلبون منها الكشف عن جسدها رغم عدم ارتدائها للحجاب وممارسة الجنس كي ’’تستعيد امتلاك جسدها.‘‘
وفي ردّها عن سؤال حول امكانية “التمرّد” في مجتمع فردي مقارنة بالمجتمع الجماعي، تقول نادية قنديل إنّ ’’التمرد يأتي من الفرد. فهو الذي يقرّر أين ولماذا يقوم بذلك.
لا يوجد مكان موات أو غير موات للتمرّد. لكن العواقب تختلف من مكان إلى آخر. يمكننا التمرد في الدار البيضاء بدون عواقب لأنها مدينة كبيرة وقد لا يمكننا فعل ذلك في منطقة غاسبيزي في كيبيك مثلاً.‘‘
ويؤكّد مهدي باحماد أنّه يحاول من خلال فنّه ’’إنشاء فضاء آمن للتمرّد‘‘ مُتاح لأولئك الذين ليس لهم إمكانية التمرّد في المجتمع.
دعم كندا للمثليين
و تعمد كندا بشكل كبير على دعم مجتم المثليين حيث أن البرلمان الكندي في عهد رئيس الوزراء جاستن ترودو أقر قانون يمنع العلاج التحويلي الهادف لتغيير الهويّة الجنسيّة والتوجّه الجنسي.
و علاج التحويل الجنسي هو ممارسات “علمية أو روحية” تهدف إلى تغيير التوجه الجنسي من مثليّ الجنس إلى مغاير الجنس و المؤيدين لهذه العلاجات يقدمون تقارير عن أشخاص يدّعون قدرًا من النجاح في تحويل ميولهم الجنسية لتصبح مغايِرة جنسياً غير أنه قامت العديد من الدول في آسيا، أوروبا و الأمريكتان بحظر علاج التحويل.
و في سابقة رفع الطلاب والموظفون في العديد من المدارس الكاثوليكية في جميع أنحاء مقاطعة أونتاريو علم المثليين لأول مرة على الإطلاق منتصف هذا العام .
وتأتي خطوة رفع العلم بعد تصويت العديد من مجالس المدارس الكاثوليكية لصالح رفع العلم لأول مرة العام الماضي ، في حين رفضت بعض المجالس المشاركة.
وكانت هناك احتجاجات خارج مقر مجلس مدارس تورونتو الكاثوليكية احتجاجا على رفع أعلام المثليين العام الماضي.
المتحولون جنسيا أكثر عرضة للإنتحار !
كشفت دراسة جديدة في مجلة الجمعية الطبية الكندية أن المراهقين المتحولين جنسياً وغير ثنائيي الجنس الأكثر تفكيرا في الانتحار.
وقاد الدراسة باحثون من جامعة أوتاوا وتشير إلى أن أكثر من نصف المراهقين المتحولين جنسيا قالوا إنهم فكروا بجدية في الانتحار خلال العام الماضي.
في المجموع ، أفاد 14 في المائة من المراهقين بأن لديهم أفكارا انتحارية خلال العام الماضي ، بينما قال 6.8 في المائة إنهم حاولوا الانتحار.
وكان المراهقين المتحولين جنسياً أكثر عرضة بخمس مرات للتفكير في الانتحار و 7.6 مرات أكثر عرضة لمحاولة الانتحار مقارنة بالمراهقين العاديين.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور إيان كولمان ، مؤلف الدراسة بجامعة أوتاوا: “هذا مقلق للغاية، على الرغم من أننا نرى تقدقا اجتماعيا في هذا المجال ، يبدو أن المراهقين لدينا لا يزالون يواجهون الصعوبات”.
إقرأ أيضا : أب يقتل طفلته ثم ينتحر … وشرطة وندسور تبحث عن فتاة مفقودة ( أحداث متفرقة ) !