قبل عام، أصدر المعهد الكندي العربي (Canadian Arab Institute / Institut canado-arabe)، وهو مركز أبحاث مقره تورنتو، تقريراً حول العوائق التي تواجهها النساء العربيات أثناء بحثهنّ عن مناصب عمل في كندا.
وجاء التقرير في ما لا يقلّ عن 64 صفحة. لكن ليس الكلّ من يستمتع بقراءة وثيقة من هذا الحجم مليئة بالجداول والأرقام والإحصائيات. ومن هنا ولدت فكرة إنتاج فيلم يعتمد على التقرير.
’’في حذائها‘‘ (In her shoes) هو عنوان هذا الفيلم الروائي القصير من 25 دقيقة والذي أخرجته الكندية الأردنية مريم المومني.
تقرير المعهد الكندي العربي
انطلقت الدراسة من ملاحظة أن البطالة عند النساء العربيات كانت أعلى مما هي عليه بين النساء الأخريات في كندا.
ففي مارس/آذار 2022، أشارت دراسة لوكالة الإحصاء الكندية حول القوى العاملة إلى انخفاض معدلات البطالة بين السكان.
ومع ذلك، لا يزال لدى العرب ثاني أعلى معدل بطالة بين جميع الأقليات الظاهرة بنسبة 8,2٪ ، بعد الجالية المنحدرة من غرب آسيا.
كما أن المرأة العربية لديها ثاني أعلى معدّل بطالة بين نساء الأقليات الظاهرة بنسبة 10٪.
وبحسب الدراسة، فإن أكثر المعوقات تكرارا وأهمية التي تواجهها المرأة العربية هي 5 حواجز.
يتعلّق الأول بخدمات التوظيف غير الملائمة.
وفقًا للاستطلاع، تقول بعض النساء ’’إنني لم أشعر أبداً في حياتي بتمييز مثل ذلك الذي تعرضت له عند دخولي وكالات التوظيف.‘‘
وشكّلت الهوية أيضاً مشكلة لبعضهنّ. ’’أشعر باستمرار أنني مضطرة إلى فرض رقابة على نفسي‘‘، وفقاً لإحداهنّ.
كما ذكرت المشاركات مشكلة عدم الاعتراف بالشهادات الأجنبية، ومطلب الخبرة الكندية للتوظيف وكذلك الحواجز اللغوية كعوائق للتوظيف تواجهها هؤلاء النساء.
تحويل الإحصائيات إلى فيلم
حصل المعهد الكندي العربي على منحة حكومية لإنتاج هذا الفيلم، كما أشارت مريم المومني في حديث مع راديو كندا الدولي.
“الهدف من هذا التمويل هو صنع محتوى يساهم في محاربة العنصرية وبما أنّ المعهد الكندي العربي هو مؤسسة عربية وكندية فإنّ اهتمامهم اتجه إلى صناعة محتوى له علاقة بالعنصرية ضد العرب بشكل عام ونشر الوعي حول هذا الموضوع.
نقلا عن مريم المومني
وتمّ اختيار شركة مريم المومني، (ii3Studios)، ومقرها في ميسيساغا للقيام بذلك.
ونظرًا لأن مريم المومني تهتمّ بموضوع تمكين المرأة وحقوقها بشكل عام، أخبرت المشرفين على المعهد بإمكانية استعمال الدراسة حول العوائق التي تعترض توظيف النساء العربيات في كندا كمادة خام للفيلم.
واختارت الخيال كوسيلة لسرد الحقائق التي أظهرها تقرير المعهد الكندي العربي.
وقالت المخرجة الشابة : ’’اخترنا الخيال على وجه الخصوص، لأننا نتطرق إلى موضوع حساس للغاية‘‘.
ونهجت في ذلك طريق الكوميديا السوداء التي تسمح بالضحك ولكن في نفس الوقت هناك القليل من المرارة.
’’نتعلم ونتطوّر [بفضل الكوميديا السوداء]، لكنها ليست ثقيلة‘‘، كما قالت في حديثها. لذلك فضلت الخيال على الفيلم الوثائقي.
وبالنسبة لها، ’’نظراً لأن هذا الأخير يجب أن يكون واقعياً للغاية، فقد يكون ذلك صعباً على الجمهور.‘‘
قد يكون الأمر أصعب ’’خاصة في حالة هؤلاء النساء اللائي يعانين من وضعيات صعبة وهنّ غاضبات من ذلك.‘‘
واستخدمت مريم المومني بعض الإجابات التي قدمتها هؤلاء النساء خلال الاستطلاع في سيناريو الفيلم.
وفي الوقت نفسه، سمح لها الخيال بأن تعطي للفيلم خاتمة إيجابية يمكن اكتشافها بمشاهدته.
ولم تكتفي المخرجة بتحويل إحصائيات تقرير المعهد الكندي العربي إلى فيلم بل حاولت أيضا كسر بعض الصور النمطية عن العرب.
“على سبيل المثال كصور نمطية منتشرة، نجد تلك التي تقول إنّ كل العرب مسلمون، هناك أيضاَ عرب مسيحيون. أو أنّ كل العرب ذوو بشرة داكنة أو أنّ النساء اللاتي يرتدين الحجاب كلهن من العرب، هذا غير صحيح فهناك مسلمات محجبات غير عربيات وهناك مسلمات غير محجبات.
نقلا عن مريم المومني
وإجمالاً، استشهدت مريم المومني بـتسع صور نمطية استطاعت أن تبني بها سبع شخصيات في الفيلم.
وأوضحت في مقابلتها أنها لم تتعرّض هي شخصياً للتمييز في التوظيف لأنها اختارت ريادة الأعمال على عكس هؤلاء النساء اللواتي تقدمن للعمل.
بالإضافة إلى ذلك ، أوضحت أنها تلقت تعليمها في كندا.
مريم المومني
وُلدت مريم المومني في كندا ونشأت في الأردن حتى بلغت الثامنة عشرة من عمرها. وبعد عودتها إلى كندا، درست في جامعة يورك في مجال الاتصال والإعلام.
وبعد تخرّجها أسست شركة إنتاج فيديو، (ii3studio)، في ميسيساغا وهي مدينة مجاورة لتورونتو في مقاطعة أونتاريو.
وتنتج هذه الشركة الإعلانات التجارية وأشرطة الفيديو الخاصة بالشركات. وهذا الفيلم هو الأول لها كمخرجة.
وفيما يخصّ توزيع الفيلم، أوضحت مريم المومني أنّها اقترحته على مهرجان تورونتو السينمائي الدولي (Toronto International Film Festival – TIFF) والمهرجان السينمائي الدولي للمرأة الكندية (Canadian Women International Film Festival).
RCI
إقرأ أيضا: الحفاظ على الأخلاق في وندسور تحديدا ! … ( صدر العدد الجديد )!