داهمت شرطة الإحتلال، فجر الأربعاء، منزل عائلة صالحية بحي الشيخ جراح في القدس الشرقية، واعتقلت المتواجدين فيه، قبل أن تهدم طواقم البلدية، المنزل.
وقال المحامي وليد تايه، محامي العائلة، لوكالة الأناضول: “في الساعة الثالثة فجرا، اقتحمت قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية منزل عائلة صالحية، واعتدت على بعض المتواجدين فيه بالضرب، واقتادتهم إلى مركز للشرطة”.
وأضاف: “تم اعتقال نحو 26 شخصا بينهم مالك المنزل محمود صالحية، وبعض أفراد العائلة ومتضامنين”.
وأشار المحامي تايه إلى أن البلدية الإسرائيلية في القدس “هدمت المنزل بعد إخلائه”.
وأشار شهود عيان لوكالة الأناضول إلى أن الشرطة الإسرائيلية استخدمت القوة في تنفيذ الاعتقال المباغت.
وبدورها، قالت الشرطة الإسرائيلية في تصريح مكتوب أرسلت نسخة منه لوكالة الأناضول: “في الساعات الأخيرة، ساعدت الشرطة، بلدية القدس في تنفيذ أمر إخلاء للأرض والحديث يدور عن أرض تمت مصادرتها من قبل البلدية لغرض إنشاء مؤسسات تعليمية لصالح سكان الحي”.
وأضافت: “يوم أول من أمس (الإثنين)، تم تنفيذ اخلاء قسم من الأرض، وهذه الليلة تمت مواصلة الإخلاء، حيث تم إخلاء أشخاص تحصنوا في المبنى بشكلٍ منافٍ للقانون”.
وتابعت: “تم توقيف قسم منهم وأحيلوا إلى التحقيق بشبهة خرق أمر قضائي، والتحصن العنيف والاخلال بالنظام العام”.
وأغلقت الشرطة الإسرائيلية، منطقة المنزل بالكامل، ومنعت الوصول إليها.
ولاحقا، أفرجت الشرطة عن غالبية المعتقلين، عدا خمسة، بينهم مالك المنزل محمود صالحية، وعدد من أقاربه والمتضامنين مع العائلة.
ورغم إصدار محكمة الصلح الإسرائيلية، قرارا بالإفراج عن المعتقلين الخمسة، إلا أن الشرطة أبلغت المحكمة قرارها تقديم استئناف على الإفراج عنهم، ما حال دون تنفيذه على الفور.
وقال المحامي ناصر عودة، محامي المعتقلين، للأناضول: “تفاجئنا مع نهاية المحكمة بأن مندوب شرطة الاحتلال، قد تقدم بطلب لوقف قرار الإفراج نظرا لرغبتهم بتقديم استئناف إلى المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس، وما زلنا ننتظر تطورات القضية”.
وأدانت الرئاسة الفلسطينية عملية الهدم الإسرائيلية، واعتبرتها “بمثابة جريمة حرب تتحمل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن تداعياتها الخطيرة”، وفق وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية “وفا”.
وطالبت الرئاسة الإدارة الأميركية، “بتحمل المسؤولية والتدخل الفوري لوقف هذه الجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق أبناء شعبنا في القدس، وتحديداً حي الشيخ جراح”.
ودعت إلى “الإسراع بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لسياسة تمييز عنصري لم يشهد لها العالم مثيلاً”.
كما أدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية “بأشد العبارات الجريمة البشعة التي ارتكبتها قوات وشرطة الاحتلال”.
وحذرت، في بيان وصل وكالة الأناضول من “المخاطر الكارثية لهذه الجرائم وتداعياتها على فرصة تطبيق مبدأ حل الدولتين”.
وطالبت الوزارة “الإدارة الأمريكية الوفاء بالتزاماتها وتعهداتها التي أعلنت عنها تجاه المواطنين الفلسطينيين المدنيين العُزل، وتجاه منازل حي الشيخ جراح والقدس عامة، وفي مقدمتها سرعة إعادة فتح القنصلية الأمريكية بالقدس، وتوفير الحماية للمقدسيين ومنازلهم وأرضهم ومقدساتهم، والضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف استقوائها الاستيطاني في القدس”.
من جانبه، قال وزير شؤون القدس في الحكومة الفلسطينية، فادي الهدمي إن “جريمة إخلاء وهدم منزل عائلة صالحية، تجمع ما بين التهجير القسري والتطهير العرقي”.
وأدان الهدمي في تصريح مكتوب وصلت نسخة منه لوكالة الأناضول: “إقدام شرطة وبلدية الاحتلال على إخلاء واعتقال وتشريد عائلة صالحية والمتضامنين معها في عملية لصوصية في فجر يوم قارس البرودة”.
وأشار الى أن “أكثر من 100 من عناصر شرطة الاحتلال شاركوا في جريمة دهم منزل عائلة صالحية بطريقة وحشية ترقى الى جريمة حرب وتكرار لنكبة تهجير العائلة من (بلدتهم الأصلية في القدس الغربية قرية) عين كارم عام 1948”.
بدورها، قالت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، إن “هدم المنزل، هو جريمة وتصعيد خطير لحرب الاحتلال المستمرة ضد مدينة القدس والمقدسيين”.
وأضاف محمد حمادة، المتحدث باسم الحركة بمدينة القدس، في بيان وصل وكالة الأناضول: “هذه الجريمة الصهيونية لن تكسر عزيمة الصمود لأهلنا في القدس، ولن تزيد أهل القدس إلا وقودًا لاستمرار المواجهة وتصعيد المقاومة بكل أشكالها”.
ودعا حمادة، سكان القدس إلى “حماية المنازل المُهددة بالهدم، والرباط فيها، والتصدّي لآلة الحرب الإسرائيلية”.
من ناحيته، انتقد موسي راز، عضو الكنيست من حزب “ميرتس” الإسرائيلي اليساري، هدم المنزل.
وقال راز في تغريدة على تويتر: “أكتب بخجل أنه مثل لصوص في الليل، وصلت القوات (الإسرائيلية) لإجلاء عائلة الصالحية إلى الشارع المجمد”.
وأضاف: “هذا ما تبدو عليه الحياة الفلسطينية، في القدس الشرقية”.
وكان صالحية يتحصن مع عدد من أفراد أسرته، وأصدقائه، ومتضامنين يساريين إسرائيليين، وأجانب، في المنزل منذ يوم الإثنين الماضي.
وتبلغ مساحة الأرض التي يملكها صالحية، ومُشيد عليها منزله، ومشتل ومعرض سيارات تم هدمهما يوم الإثنين، نحو 6 آلاف متر مربع.
وهدد صالحية، آنذاك، بإحراق نفسه وعائلته ومنزله، في حال إقدام الشرطة الإسرائيلية على إخلاءه، وهو ما منع الشرطة من تنفيذ الإخلاء.
في حديث سابق، مع وكالة الأناضول، قال صالحية، إن عائلته تتواجد في هذا المنزل منذ 1948، بعد تهجيرها إبّان نكبة فلسطين من قرية عين كارم، في القدس الغربية.