لا يمكنُ أبداً نفي وجود أجواء إيجابية على مسار تشكيل الحكومة، لكن ما لا يستطيع أحد إخفاءه أيضاً هو أن الطريق ليست سهلة، بل مُعبّدة بالأشواك. وفي الحقيقة، عندما اختار الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الدخول في قلب النار من أجل الإنقاذ، كان يدرك بأن المهمّة صعبة، إلا أنه اختار التحدي متسلحاً بضمانات دولية وعربية ما زالت قائمة ومستمرة، لا بل إن هناك تأكيدات عليها.
ووسط كل ذلك، فإن الإيجابية التي يتعاطى بها ميقاتي يجب أن تقترن بتسهيلات من الأفرقاء الآخرين، وفي حال لم يحصل ذلك فإن العراقيل ستزداد وقد نصل إلى أفقٍ مسدود، ما يعني عدم وجود حكومة ولا إنقاذ.
وبشكل صريح وواضح، تقول أوساط مطلعة ان الحكومة “سالكة” بنسبة 60%، وهي تؤكد أن الرئيس المكلف يتمسك بمبدأ “تدوير الزوايا” لتبديد العراقيل قدر الإمكان. وفي ظل ذلك، تشير المعطيات إلى أن الحديث عن عقدة وزارة المالية لم ينتهِ بعد، وما يتبين أيضاً هو أن “حزب الله” سيدخل في تباين ظرفي جديد مع التيار “الوطني الحر”. فتيار النائب جبران باسيل (الوطني الحر) يرفض اسناد “المالية” إلى يوسف خليل، مدير العمليات المالية في مصرف لبنان، لكن ما يظهر مؤخراً هو أن “حزب الله” مرتاح لخليل بدرجة كبيرة، وكذلك حركة “أمل” التي طرحت اسمه.
وهنا، تقول أوساط سياسية مُتابعة أن في حال استمر “الكباش على الأسماء وحقائب المالية والداخلية والعدل” بين الأحزاب السياسية، فإن الحكومة “قد تطير”، مشيرة إلى أن “طرح اسماء استفزازية بين الأطراف يعني أن ليس هناك من نية لوجود حكومة”، وأضافت: “على كل فريق ألا يستفز الآخر، ويمكن البحث في أسماء كثيرة”.
وفي ظل هذا المشهد، لا يمكن لأي أحد أن يتصور السيناريوهات التي ستفرض نفسها في حال تم إفشال مساعي ميقاتي لتشكيل حكومة الإنقاذ المطلوبة دولياً.
ووسط كل ذلك، يطرح سؤال أساسي نفسه: ماذا سيحصل في حال لم تتشكل حكومة؟”.
من دون أدنى شك، فإن البلاد ستشهد تدهوراً كبيراً على مختلف الأصعدة، فالدولار سيرتفع إلى سقف غير محدد، ويقول الخبراء أنه ما من أحدٍ سيستطيع وضع حد للسعر لأن السوق السوداء ستتحكم أكثر بالتداول، ولن توجد ضوابط جديدة تضبط الأسعار والغلاء.
وإضافة إلى ذلك، فإنّ الدول لن “تغفر للمعرقلين”، وستقرّ عقوبات صارمة على العديد من المسؤولين اللبنانين، خصوصاً أن هناك مفاوضات أميركية – فرنسية قائمة حالياً على هذا الصعيد. أما الأمر الأبرز فهو أن العقوبات لن تشمل فئة واحدة، إذ عُلم مؤخراً أنها ستطال مقربين من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس سعد الحريري.
ووسط هذه السيناريوهات، فإن عدم تشكيل حكومة إنقاذ برئاسة ميقاتي سيطيح بالضمانات الدولية لمساعدة لبنان، خصوصاً أن قيادة الحكومة تحتاج إلى شخصية ذات ثقة أقله لدى المجتمع الدولي. ولهذا، فإن انعدام الفرصة الحالية سيفتح الباب أمام تدهور أمني كبير وهذا ما تخشاه الدول حالياً، كما أن الضغوطات ستزداد أكثر على الجيش عندما تنهار الليرة أكثر.
ومن الممكن أن يساهم هذا التدهور في حال عدم تشكيل حكومة إلى انقلاب شعبي كبير، وقد يكون ذلك مقروناً بتحركات كبيرة تصل حدتها نحو استهداف مرافق حكومية وعامة، في حين أن السفارات في لبنان كثفت إجراءاتها خوفاً من أي تدهور قد يحصل في أي لحظة.
ويبقى الامل في نجاح مهمة الرئيس المكلف وتجاوب كل الاطراف مع مساعيه لانضاج الحل المنشود.