*بقلم: محمد هشام خليفة / وندسور – كندا
ما إن يهل علينا هذا الشهر الفضيل حتى تأخذني الذاكرة إلى تلك الأيام والليالي الجميلة في ربوع وطني الحبيب لبنان مذ كنت طفلا ولي مع رمضان فصول و حكايات باتت تمتزج مع الأشواق والآهات.
فكم كانت بريئة و جميلة طفولتنا ففي المدرسة كنا نتفاخر بأننا على صيامنا ثابتون و إن شكك أحد بصيامنا “نمد اللسان” الأبيض ليكون الشاهد والدليل.
و من هذه الحكايات الجميلة إجتماع العائلة الدائم عند الإفطار و انهماك النساء في تحضير الوجبات الرمضانية الشهية ولا ننسى الحلويات والعصائر التي يأتي بها رب البيت لتروي ظما ساعات طوال.
و كم اشتاق إلى أواني الطعام التي تجوب منازل الجيران و تحط رحاها عند من ضاقت عليهم السبل وما أجملها من خطوات يخطوها أبناء الحي مجتمعين في ذهابهم مشيا على الأقدام إلى صلاة التراويح وسط الزينة الرمضانية التي تضيء ليالي رمضان لتزيدة بهجة و سرور.
اما في ايامه فلا انسى عبارة ” اللهم إني صائم ” التي يقولها ذلك الرجل الجالس على قارعة الطريق حين تهم نفسه البشرية على إرتكاب ما يفسد الصوم حتى لو شُتم أو جُهل عليه ليعلمنا درسا أن الصوم ليس بالامتناع عن الطعام والشراب فحسب إنما هو تزكية للنفس وسمو للأخلاق والشعور مع بني البشر ممن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت.
و من ذكريات رمضان الجميلة جيراننا من أبناء الطوائف الأخرى حيث لم يكن رمضان إلا ليزيد من عيشنا المشترك من خلال الإحترام المتبادل للأعراف والتقاليد حتى أننا ما كنا نلحظ إفطارهم و الشيء الجميل أني أرى هذه الإلفة و المحبة هنا في بلدي الثاني كندا و خاصة بعد الأنشطة المشتركة التي تقوم بها الجمعيات العربية و الكلدانية.
ما ذكرت هو جزء يسير من ذكريات جعلت من رمضان محطة ننتظرها بفارغ الصبر كل عام وهذا ما يجعلني اليوم أسعى جاهدا لأن اقتبس تلك الأيام والليالي في وطني كندا لأبني ذكريات جميلة لأبنائي يكون رمضان فيها أيقونة الشهور وأجملها.
و كل عام و أنتم بألف خير