يقول خبير آسيا الوسطى الموالي للكرملين يوري كروبنوف معلقا على ما تشهده كازاخستان من قلاقل “اليوم واليوم فقط يمكن القول إن الاتحاد السوفياتي لفظ أنفاسه الأخيرة”.
هذا ما نقلته عنه صحيفة “ديلي بيست” (Daily Beast) الأميركية في تقرير لمراسلتها بموسكو آنا نيمتسوفا اختارت له العنوان “والآن أصبح كابوس بوتين حقيقة رغم أنفه”.
ذكّرت المراسلة في بداية تقريرها بالوضع الحالي في كازاخستان، حيث دفعت الاحتجاجات غير المسبوقة الحكومة إلى الاستقالة والرئيس قاسم جومارت توكاييف إلى إعلان حالة الطوارئ، ناهيك عن إعلان تحالف تقوده موسكو ويضم 6 دول سوفياتية سابقة نيته إرسال “قوات حفظ السلام” للسيطرة على الوضع، (وقد بدأت بالفعل طلائع القوات الروسية في الوصول إلى كازاخستان)، وذلك بعد كتابة المقال.
وتضيف الكاتبة أن المحتجين الكازاخستانيين كانوا صريحين للغاية في رسالتهم إلى الرجل الذي استبد بحكم البلاد طوال 3 عقود نور سلطان نزارباييف، إذ هتفوا “اذهب خارجا يا عجوز”.
وتوضح الكاتبة أن هذا الأمر أثار رعبا حقيقيا في موسكو التي يصاب المسؤولون فيها بهوس حقيقي كلما هددت احتجاجات بالقضاء على أحد أنظمة الاتحاد السوفياتي القديمة، وبالذات كازاخستان، فهذا البلد يعتبر المركز الاقتصادي لآسيا الوسطى، بمناجمه المعدنية الثمينة ونفطه وغازه.
ولم تعد موسكو -حسب الكاتبة- تشك في أن النظام الكازاخستاني القديم قد انهار مع بداية هذه الاحتجاجات، خصوصا بعد أن أقال الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف العجوز نزارباييف من أعلى منصب في مجلس الأمن القومي أمس الأربعاء، ليسقط بذلك أقرب حليف للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ولم يكن أحد يجرؤ حتى الأسبوع الماضي -حسب الكاتبة- أن ينتقد نزارباييف الذي التقى بوتين خلال الأيام الماضية، لكن يبدو أن القضايا الاجتماعية -بما في ذلك البطالة والفقر والزيادة المفاجئة في أسعار الوقود- لم تترك لشعب كازاخستان قدرة على التحمل، فاندلعت هذه الاشتباكات التي تميزت بالعنف.
ويقول الخبير في شؤون الكرملين سيرجي ماركوف لصحيفة ديلي بيست “لم يكن أحد يتوقع أعمال الشغب البروليتارية التي قام بها شباب كازاخستان حتى قبل أيام قليلة، وكازاخستان لم تكن مستعدة لاشتباكات دامية وأعمال شغب عنيفة”، على حد قوله.
ويرى خبير آسيا الوسطى الموالي للكرملين يوري كروبنوف أن هذه الأعمال أخذت موسكو على حين غفلة من أمرها، إذ كانت مشغولة للغاية في التعامل مع بيلاروسيا وأوكرانيا، وقللت اهتمامها بآسيا الوسطى رغم أنها منطقة مهمة بالنسبة لفكرة بوتين لإحياء الاتحاد السوفياتي.
وعن موقف القوميين الروس -بمن فيهم الروائي والسياسي زاخار بريليبين- فإن الكاتبة تقول إنهم لجؤوا إلى إستراتيجيتهم المألوفة، فألقوا اللوم على الغرب في المسؤولية عما يحدث في كازاخستان، إذ قال بريليبين أمس الأربعاء “العملاء الأجانب كانوا على استعداد جيد”.
لكن الخبير في شؤون الكرملين سيرجي ماركوف يختلف معه في ذلك كليا، ويرى أن “هذه ليست ثورة ملونة، (في إشارة إلى ثورات سابقة في العقدين الأخيرين، مثل البرتقالية والقرمزية.. إلخ)، إذ قد أسكت نزارباييف كل المعارضة الموالية للغرب منذ فترة طويلة، كما أنها ليست احتجاجا إسلاميا، فهذه انتفاضة فوضوية للطبقة البروليتارية الشابة التعيسة التي تعمل في ظروف سيئة”، وفقا لما قاله ماركوف لديلي بيست.
وعلى الرغم من خروج نزارباييف الآن من المشهد وأن الحكومة الكازاخستانية بالوكالة كشفت عن خطط لإعادة فرض بعض الحدود القصوى لأسعار الوقود فإن الاضطرابات مستمرة والحشود غاضبة من الوحشية التي أبدتها الشرطة هذا الأسبوع.
أما المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف فقد علق أمس الأربعاء على ما يحدث في كازاخستان قائلا إن “أهم شيء هو تجنب التدخل الأجنبي”، مؤكدا على أن السلطات الكازاخستانية الصديقة لروسيا قادرة على السيطرة على الوضع، حسب قوله.