شارفت مهلة المئة يوم التي طلبتها الحكومة من اللبنانيين والعالم، ليحكموا بعدها على أدائها، سلبا او ايجابا، على الانتهاء. مساء اليوم، يطل رئيسها حسان دياب على الناس المحجورين في منازلهم بسبب كورونا، والمحجورة أموالهم في المصارف لألف سبب وسبب، والمكويين بالاسعار التي تحلّق بلا حسيب او رقيب، ليخاطبهم.
فما الذي سيقوله لهم يا ترى؟ مصادر سياسية معارضة تسأل عبر “المركزية”، هل سيعلن ان الوباء الذي “ما كان لا على البال ولا على الخاطر”، “ما خلانا نشتغل”؟ ام أنه سيعدّد إنجازات حكومته والتي تمكّنت من تحقيقها رغم كل شيء، أكان “صحيا” كاعادة اللبنانيين الفارين من كورونا الى بلادهم، او “اقتصاديا” حيث “صارحت” المواطنين بأن البلاد في أزمة اقتصادية مالية نقدية، بينما صرف الدولار بات يتخطى الـ3000 ليرة؟! وهل سيكرر على مسامعهم ان حكومته تحمل الارث الثقيل الذي تركته لها السلطات السابقة، وانها غير مسؤولة تاليا، عن الوضع الراهن؟
من الضروري الا يكتفي الرئيس دياب بهذه المواقف التي حفظناها عن ظهر قلب، والتي لا تبرر تأخّر حكومته عن معالجة لبنان المنازع. فاللبنانيون، يريدون أجوبة شافية عما تنوي الحكومة فعله، وعن التخبط غير المقبول الذي يطبع أداء الحكومة التي وعدت بالاصلاح والنهوض. فالخطة الاقتصادية التي يُفترض ان تكون عجلتها انطلقت، خاصة وان الحكومة من لون واحد، لم تبصر النور بعد حتى انها لا تزال عالقة في المربع الاول، ويقاربها مجلس الوزراء بعشوائية وارتجال، حيث يرمي طروحات في سوق التداول ويجسّ النبض حيالها، فاذا لمس رفضا شعبيا – تقنيا لها، نفض يديه منها! وهذا تماما ما حصل مع اقتراحي الكابيتال كونترول والهيركات. فهل سيكشف دياب اليوم عن البدائل التي ستلجأ اليها الدولة لسد عجزها؟ وهل سيحدد بوضوح معالم خريطة الطريق الانقاذية الموعودة التي كان يفترض أصولا كشف النقاب عنها، بالتزامن مع اعلان الحكومة قرارها وقف سداد ديونها، أي في 9 آذار الماضي؟ و هل سيعلن صافرة انطلاق المعالجة الفعلية لقطاع الكهرباء وتعيين هيئات ناظمة في الاتصالات والكهرباء واقفال الحدود بإحكام ووقف التهريب، مرفقة بمواعيد وتواريخ محددة؟ فهذا ما يتوق الشعب الى سماعه، وكل ما دون ذلك في نظره، كلام “هوائي” فارغ، تضيف المصادر.
في الموازاة، يسأل اللبنانيون عن “نَفَس” ثورة 17 تشرين وانتفاضتها على الفساد والطائفية ومنطقِ تقاسم الجبنة، والتي قال دياب ان حكومته تمثّله. أين هو؟ هل ظهر في التعيينات المالية التي طارت عن طاولة مجلس الوزراء بسبب المحاصصة السياسية – الطائفية؟ أم انه، في التشكيلات القضائية التي سجّلت امس وزيرة العدل سابقةَ خطيرة في التعاطي معها، حيث، وبعد ان حجزتها في ادراجها شهرين، شطرتها الى نصفين فوقّعت الشق العدلي منها وتركت العسكري، في انتهاك للدساتير والقوانين تبدو اهدافه سياسيةَ ايضا؟ ام انه في الاصرار على التمسك بانشاء سد بسري رغم كل مساوئه البيئية والمالية؟ ربما هو في فضيحة لوائح المساعدات الاجتماعية للاسر الأكثر فقرا التي فخختها المكونات الوزارية بأسماء محسوبيها!
وليكتمل المشهد، النأي بالنفس والحياد الذي ترفع الحكومة لواءهما مبدئيا، لا ترجمة عملية لهما. فحزب الله يفعل ما يريد. والدليل كان امس حيث ثبت ان مواكبه العسكرية، لا تزال في حركة ذهاب واياب ناشطة من والى سوريا. كل ذلك، فيما يضغط “الحزب” لتبنّي الحكومة (التي هو عرّابها) توجهاتِه المالية الخاصة، وعمودُها الفقري تحميلُ المصارف وحيدة، مسؤولية الازمة الاقتصادية الراهنة، وتغييرُ صورة نظام لبنان الاقتصادي الليبرالي الحر، لإرساء آخر مجهول المعالم حتى الساعة.
بعد جردة الحساب هذه والتي تشكّل مضبطة اتهام تدين الحكومة وتفضح عجزها عن الالتزام بتعهداتها ووعودها على الصعد كافة، قد يكون من الافضل لدياب الاقرار بالفشل، تختم المصادر.
“المركزية”