جاء في “المركزية”:
كل ما يدور في الفلك المحيط بالعهد من الاقربين الى الابعدين لا يدعو الى الطمأنينة. منسوب القلق الذي يعتري اركانه والمحيطين به يرتفع مع كل يوم يمر على البلاد المتجهة بسرعة قياسية نحو الانهيار الشامل بفعل سبحة الازمات المتناسلة سياسيا وماليا واقتصاديا واجتماعيا المتجمعة كله، منذرة بانفجار شعبي لم يعد بعيدا بحسب التوقعات اذا لم تسلك الجهود الحكومية درب التشكيل الفعلي واصدار المراسيم في اسرع وقت، علما ان الواقع الامني لا يبشر بالخير في ضوء ارتفاع نسبة الجريمة وعدم استبعاد الاستهداف الامني لخاصرة لبنان الرخوة.
يشعر العهد بحسب ما تقول اوساط سياسية معارضة لـ”المركزية” وكأن البساط يُسحب من تحت رجليه، ولا ينظر بارتياح الى ما يجري على المسرح التشكيلي حتى بات يفقد الثقة بمن تبقى من الحلفاء. يحاول استخدام كل اسلحة المواجهة لضمان موقعه. من هنا، يمكن فهم تمسكه بالثلث المعطل في الحصة المسيحية اي 7 وزراء من اصل تسعة في حكومة الـ18 وزيرا. فالثلث بحد ذاته ليس هو الهدف بقدر توفير الضمانات . حتى حزب الله لم يعد لديه ملء الثقة به، ويخشى ان تقوده التطورات والعواصف الاقليمية الى تقديم مصلحته على تحالفاته.
ولا تقف الخشية عند هذا الحد، تضيف الاوساط، بل تتعداها الى احتمال ان يأتي يوم يسعى فيه الرئيس سعد الحريري، اذا ما شكل حكومة غير سياسية لا ثلث فيها لرئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، الى التفرد بالقرار والذهاب نحو انتخابات نيابية مبكرة تلبية لمطلب الثوار الذين نزل عند رغبتهم في اعقاب اشتعال ثورة 17 تشرين وقدم استقالة حكومته، ما يعني عمليا تغيير معادلة التحكم بانتخابات رئاسة الجمهورية التي اوصلت الرئيس ميشال عون الى بعبدا، خصوصا ان الظروف المحيطة برئيس التيار النائب جبران باسيل لم تعد بالسهولة التي تحكمت بانتخاب الرئيس عون، فالعقوبات الاميركية التي طالته سددت ضربة موجعة سيكون لها مفعولها حكما على حلمه الرئاسي.
ويزيد الطين بلّة رفض الرئيس الحريري رفضا قاطعا اعادة ترتيب العلاقة مع شريك تسوية الامس البرتقالي مقابل اعادة وصل ما انقطع مع بعض حلفائه في فريق 14 اذار اضافة الى علاقاته التقليدية الراسخة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس تيار المردة سليمان فرنجيه، وسط خشية لدى التيار من الا يكون حزب الله بعيدا من هذا التحالف على رغم التطمينات باستمراره عبرتفاهم مارمخايل الذي تجتمع لجنة مشتركة من الطرفين لاعادة البحث في بعض بنوده.
الى كل هؤلاء، لا تستبعد الاوساط توسيع دائرة التحالف المشار اليه في المرحلة المقبلة، اذا ما تشكلت حكومة الانقاذ وشرعت في المسار الاصلاحي لتشمل حزبي القوات اللبنانية والكتائب ربما، او على الاقل قد لا يكونان بعيدين منه، خصوصا ان التواصل على خط بيت الوسط معراب بدأ يستعيد شيئا من عافيته، اذ تشير الى ان تواصلا مباشرا يتم بين الحريري وجعجع وليس عبر وسطاء، وان ملف العلاقات بين الجانبين يتولاه جعجع شخصيا ويحرز تقدما قد تتظهر نتائجه في الفترة المقبلة من دون استبعاد ان يتوج بلقاء بين الرجلين.
مجمل هذه الاعتبارات يضعها العهد في حساباته ويراقب كل تطور في مسارها ويعد عدة المواجهة لعدم استفراده من خلال عودة نغمة التحالفات الرباعية او الخماسية، لذلك يخوض معركة تشكيل الحكومة تحت شعار وحدة المعايير ومن خلفه الثلث المعطل الذي يكفل وحده عدم ترك المسرح الحكومي للرئيس الحريري في المرحلة المفصلية من تاريخ لبنان.