أعلن رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد ورجل الأعمال المعاقب دوليا لتورطه بالفساد، منذ عام 2008، أنه قرر التنازل عن أسهمه في مصارف وشركات تأمين، لصالح شركة “راماك” للأعمال الخيرية والتنموية التابعة له، بحسب تدوينة جديدة له، الخميس، على حسابه الفيسبوكي.
وقال مخلوف إنه سينقل ملكية أسهمه في البنوك وشركات التأمين، لتصبح تابعة لمؤسسة “راماك” الخيرية التي وصفها بأنها “وقْف” لا يمكن توريثه لأحد، مؤكداً أن بيع أو ربح تلك الأسهم، ستكون لصالح جرحى جيش النظام السوري وذوي قتلاه.
وكان نظام الأسد اتخذ قرارات حجز احتياطي على أموال مخلوف المنقولة وغير المنقولة، ثم قرر حرمانه من التعاقد مع مؤسسات النظام لمدة خمس سنوات، بعدها منعه من مغادرة البلاد، وتلاه بحجز أمواله في 12 مصرفاً، بعدما امتنع ابن خال الأسد عن دفع مستحقات مالية لخزينة النظام، تبلغ 130 مليار ليرة سورية.
خطوة ذكية
واعتبر بعض المعلقين على حساب رامي مخلوف، أن ما قام به من تنازل عن أسهمه، لصالح شركة “راماك”، بمثابة “خطوة ذكية” من فريقه القانوني، بحد تعبيرهم الذي ورد فيه تساؤل عن ردّ “الفريق الآخر” المتوقع، على تلك الخطوة.
وبنقل أسهم مخلوف، لصالح شركة خيرية تقدم معونات لصالح مصابي جيش الأسد، يصبح وضع يد النظام على تلك الأموال، كما لو أنه وضع اليد على أموال جرحاه وفقرائه.
الخطوة التي يمكن تفسيرها، بالمحرجة لنظام الأسد، تقصَّد مخلوف القيام بها، خاصة وأنه رفض الإعلان عن دفعه الأموال التي طالبه بها النظام. الأمر الذي حدا ببعض أنصار مخلوف، لوصف خطوته بالذكية، متسائلين عن موقف النظام منها.
وسبق لمخلوف، في 23 من الجاري، أن تحدى قرارات الأسد بالحجز على أمواله، فأعلن تحويل مبلغ مليار ليرة ونصف المليار، لصالح جمعية “البستان” التي يصفها أيضا بالخيرية، وأصبحت تحت إشراف الأسد، منذ عام 2019. فردّت مصادر الأسد على مخلوف، سريعاً، بإعلان مؤسسة البستان، أنها تعمل تحت إشراف بشار الأسد.
صراع على بيئة الأسد
ويحرك رامي مخلوف خطابه الإعلامي والدعائي، داخل بيئة الأسد، عبر إعلانه الدائم بمناصرته لجرحى جيش النظام وفقرائه، خاصة بعدما وضع الأسد يده على مؤسسته “الخيرية” المعروفة باسم البستان، وظهور اسم أسماء الأخرس، زوجة الأسد، كطرف يريد الإشراف والسيطرة مباشرة على مجمل نشاطات مخلوف المالية والاقتصادية.
فكثّفت زوجة الأسد ظهورها الإعلامي داخل البيئة التي يخاطبها مخلوف، وهي جرحى الأسد وفقراؤه، وأعلنت في 17 من الشهر الجاري، تقديم منحة مالية لجميع جرحى جيش الأسد، تلاها النظام بإصدار قرارات تعيين فوري لزوجات وأبناء قتلى جيشه، في مختلف وزارات حكومته، بدءا من 26 مايو.
كما يأتي تنازل مخلوف عن أسهمه، لصالح مؤسسة ترعى مصابي جيش الأسد، كجزء من معركته داخل بيئة الأسد لتجييرها لصالحه.
في حين يسعى الأسد بالمقابل، إلى سحب ملف الجرحى والفقراء، من يد مخلوف، عبر قرارات مختلفة. لتكون المعركة بينهما بانتظار رد مؤسسات الأسد، على خطوة مخلوف الأخيرة، الخميس.
وأكد مخلوف أنه بدأ بنقل ملكية هذه الأسهم، دون أن يحدد إذا ما كانت كل أسهمه في جميع المصارف وشركات التأمين، أم فقط تلك التي أوقع عليها نظام الأسد، الحجز الاحتياطي ضماناً لتسديده المبالغ المطلوبة منه. ووعد مخلوف بنشر وثائق تنازله، بعد الانتهاء من الإجراءات.
كما اعتبر في تدوينة وهو يخاطب فقراء الأسد وجرحاه، أن ما سيتنازل عنه من أمواله هو “إعادة الملك لأهله وأنتم الأولى والأحق به من نفسي ومن أولادي!” مختتما بالقول على الطريقة العامية السورية: صحتين على قلبكم!
شرخ داخل الطائفة العلوية
وتتمحور “المعركة” بين الأسد وابن خاله، في الأيام الأخيرة، على بيئة النظام الموالية، من طرف رامي مخلوف من جهة، والأسد من جهة ثانية. ويسعى مخلوف لتقديم نفسه بأنه “راعي فقراء” بيئة النظام، لتعزيز مواقعه بمواجهة الأسد وتهديده بإمكانية تحريك تلك البيئة، بحسب محللين.
وأقرت شخصيات من داخل الطائفة العلوية التي ينحدر منها رئيس النظام السوري بشار الأسد، بما سمّته الشرخ الذي تسبب به مخلوف. وقال الدكتور أحمد أديب الأحمد، أستاذ الاقتصاد في جامعة “تشرين” التابعة لحكومة الأسد، على حسابه الفيسبوكي الموثق بعلامة زرقاء، إن رامي مخلوف لا يزال “يشرخ في صفوف العلويين” متهماً مخلوف باستعمال الدعاء “بطريقة شيعية” على حد وصفه، واتهمه بتحريض الفقراء والبسطاء، على بشار الأسد.
كما أكد أحمد في سياق هجومه العنيف على مخلوف، أن الأسد أقال عماد نداف، وزير تجارته السابق، من الحكومة، بسبب علاقته بمخلوف الذي اتهمه بأنه اشتراه بالمال. وختم بتهديد مباشر لمخلوف: لا تختبر صبر الأسد.
وشهدت نهاية العام الماضي، بداية تضييق الأسد على ابن خاله، رامي مخلوف، عندما أوعز لجهاته الحكومية بإصدار قرارات بالحجز الاحتياطي على أمواله، سبقها، في شهر آب/ أغسطس الفائت، وبإيعاز روسي، بإصدار أمر بحلّ ميليشيات جمعية “البستان” التي كانت تعمل تحت إمرة مخلوف، وتضم عددا كبيرا من المسلحين الذين يتقاضون مرتبات أكبر بكثير من مرتبات ضباط الأسد وجنوده.