لعلها الانتخابات البرلمانية الأكثر هزلية في تاريخ النظام السوري، وكيف لا وهي تأتي في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة للبلاد والتي رفعت نسبة المواطنين الذي يعيشون تحت خط الفقر إلى 80% من السكان، هذا وشهدت البلاد ارتفاعاً في قيمة السلة الغذائية إلى المواطن بنسبة 107% خلال ثلاثة أشهر فقط. وفي ظل غياب التغطية الإعلامية العربية والدولية للانتخابات البرلمانية أصرّ النظام على إجراء الانتخابات رغم التفشي الواضح لفيروس كورونا في الأيام الأخيرة وعدم توفر الرعاية الصحية والإحصائيات الدقيقة التي تحصي عدد الإصابات الدقيقة على امتداد البلاد.
وعلى ذلك تابع النظام الانتخابات بعد تأجيلها من شهر نيسان الفائت بسبب إجراءات الوقاية من الفيروس وحدد موعداً نهائياً لها في التاسع عشر من الشهر الجاري، في حين انبرت وسائل الإعلام المحلية بالتهليل للانتخابات واصفة إياها بـ”العرس الديمقراطي” وهو المصطلح الذي أثار سخرية طيف واسع من السوريين ومن داخل بطانة النظام بشكل كبير الذين علقوا عبر صفحاتهم على مواقع التواصل بعبارات تحتوي المصطلح منتقدين بشكل ساخر انفصام الحكومة في إقامة الانتخابات بظل الأوضاع الراهنة وأساليب الدعاية المخزية مع ترشح أسماء متورطة في الفساد في لوائح الانتخابات.
حيث برز للواجهة قائمتين تضمان أبرز رجال الأعمال المواليين للنظام بتمويل كبير للحملتين وملصقات إعلانية ولوائح كبرى ملأت شوارع وساحات العاصمة، وهذا ما عكس حالة التمويه التي عمل عليها النظام بشكل مباشر لإيهام الشعب بالروح الديمقراطية والتعددية في محاولة فاشلة بالكامل أمام عسر ما يعانيه المواطن السوري في حياته اليومية. فانهيار العلاقة بين الشعب والمجلس كانت قد تمت بشكل نهائي في مطلع عام 2011 بعد خروج الأسد من المجلس لينكر ما حدث في درعا ويصفق له الأعضاء بحرارة واصفاً أحدهم إياه بأنه يستحق رئاسة العالم، وتابع بعدها المجلس السقوط في أفخاخ متعددة كان أكثرها استفزازاً خروج رجل الأعمال محمد قبنض في إحدى الجلسات ليصف ما يحدث في سوريا بالطبل والزمر.
أما انتخابات 2020 فجاءت مع انهيار مدوي للعملة بمستويات قياسية والعقوبات الاقتصادية على النظام جراء قانون “قيصر” مع أزمة كورونا وإغلاق الحدود والضربات الإسرائيلية المتكررة التي جاءت آخرها تزامناً مع إعلان النتائج الانتخابية مساء أمس، فضحك رواد مواقع التواصل حد السخرية من مشاهد “العرس الوطني”، فسوريا المُنهكة تعاني الأمرين ولا صدى لصوت الألم أو ضوء في آخر النفق يخلّص الشعب من نظام الأسد المتعنت ويعيد للبرلمان هيبته وهو من أوائل البرلمانات العربية تاريخياً.