كتبت جوني فخري في “العربية”: مع إستمرار التأزم السياسي والفشل في تأليف حكومة، وفي ظل الإنهيار المالي والاقتصادي، يتواصل مسلسل سقوط الليرة اللبنانية أمام الدولار من دون معالجات.
فقد هوَت العملة اللبنانية في إتّجاه مستوى 10 آلاف ليرة مقابل الدولار في السوق السوداء، وسط مؤشرات تشي بمزيد من الإرتفاعات من دون سقف محدد.
في المقابل، يحافظ الدولار لدى الصرّافين على حاله، بين 3850 ليرة للشراء، و3900 ليرة للمبيع. وهو الدولار غير المتوفر عملياً.
إنفجار إجتماعي – معيشي
وسرّع تفلّت سعر صرف العملة الخضراء الخطى نحو الإنفجار الاجتماعي – المعيشي الشامل، مع عودة التحرّكات الإحتجاجية الى الشارع في الساعات الماضية في أكثر من منطقة لبنانية، حيث قُطعت طرقات وحُرقت إطارات، إحتجاجا على ارتفاع سعر صرف الدولار وتردي الاوضاع المعيشية.
ارتفاع جنوني للدولار وتفلّت أسعار السلع
ويتزامن الإرتفاع “الجنوني” لسعر صرف الدولار في السوق السوداء وما يجرّ معه من تفّلّت لأسعار المواد الإستهلاكية، مع الحديث عن إتّجاه مصرف لبنان الى رفع الدعم التدريجي عن المواد والسلع الأساسية، وفي ظل تصاعد أسعار المحروقات وإتّجاه نقابة أصحاب الافران الى رفع سعر ربطة الخبز بسبب إستمرار إنهيار الليرة أمام الدولار.
وأدّى تراجع القدرة الشرائية في البلد إلى عجز بعض العائلات عن تأمين مطالبها الأساسية وقوت يومها. وتقول سمر وهي أم لثلاثة أولاد لـ”العربية.نت” “أن زيارتها للسوبرماركت باتت تقتصر على شراء مواد أساسية محددة والمدعومة من مصرف لبنان، مثل الخبز والطحين والحبوب”.
سلع كمالية
وتُضيف “أذهب الى السوبرماركت من دون أن أصطحب أحداً من أولادي كما كنت أفعل دائماً، لأنني لا أستطيع أن أشتري لهم ما قد يطلبوه مثل الشوكولا والعصير أو الكورنفلاكس أو أي من السلع الأخرى التي يحبّونها، فكلّها أصبحت من “الكماليات” بسبب أسعارها الخيالية“.
وحال سمر لا تختلف عن وضع هيام التي كانت تعمل في محل بيع مجوهرات في منطقة برج حمّود في المتن في جبل لبنان، ولم تتقاضَ راتبها منذ بدء قرار الإقفال العام بسبب إنتشار جائحة كورونا.
وتروي لـ”العربية.نت” “كيف أنها تتنقّل بين أكثر من سوبرماركت من أجل التفتيش عن السلع الأرخص. زوجي شوفير تاكسي وما يجنيه من عمله اليومي لا يكفي”.
تحسّر على أيام الليرة الثابتة
أما منير فيتحسّر على أيام (1500 ليرة) أي السعر الرسمي لليرة قبل أن يتدهوّر. ويقول لـ”العربية.نت” “أنا عسكري متقاعد في الجيش اللبناني وكنت أتقاضى مليون و500 ألف ليرة (ألف دولار على سعر الصرف الرسمي). كنّا مستورين أنا وعائلتي، لكن مع تدهور سعر صرف الليرة أصبح معاشي يساوي 160 دولار“.
ويتابع “الله لا يوفقن. أصبحنا بسبب فشل الطبقة السياسية شحّاذين في بلدنا لا نستطيع تأمين حاجاتنا الأساسية. بت أنتظر صندوقة المساعدات التي تصلنا من جمعيات إجتماعية من أجل إطعام أولادي، لأن راتبي التقاعدي لم يعد يساوي شيئاً“.
ولم يستغرب الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمّود لـ”العربية.نت” الإرتفاع المتواصل بسعر صرف الدولار مقابل الليرة، لأن لا أفق واضحاً للحل في لبنان“.
ويقول “الأزمة في لبنان ظاهرها إقتصادي – نقدي غير أن باطنها سياسي بإمتياز، لأن في ظل غياب المناخ السياسي الملائم يفقد الإقتصاد مقوّماته. وللأسف لبنان أصبح زمبابوي، حيث لا ثقة للإستثمار فيه“.
الدولار سيرتفع كثيراً
ويتوقّع حمّود “أن يصل سعر صرف الدولار إلى مستويات قياسية (ستة أرقام. أي أن الدولار الواحد قد يساوي 100 ألف ليرة) في الأشهر المقبلة إذا إستمرّ التأزّم السياسي، لأن عودة الثقة بالليرة مرتبط بهيبة الدولة“.