العالم ما بعد كورونا ليس كما قبله، هكذا توقع الخبراء الدوليون.. وهكذا انعكس الفيروس على العلاقة التي بين إيران والعراق. فالتقارير الأولية من العراق تفيد بأن الفيروس نجح بشكل أولي في إعادة تشكيل العلاقات بين البلدين.
ولأول مرة ينجح العراق حتى الآن في فرض رؤيته كبلد مستقل عن إيران ورفض فتح الحدود معها رغم الضغوط الإيرانية الكبيرة، وذلك وفقاً لما أوردته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في تقرير لها.
وتقول الصحيفة “عبر الشاحنات ومن خلال النقاط الحدودية، يتجلى صراع على السلطة بين العراق وإيران حول موعد إعادة فتح الحدود بين البلدين، والتي أغلقها العراق قبل خمسة أسابيع للحد من انتشار الفيروس التاجي”.
وتريد
إيران، التي تضررت بشدة من الفيروس إى إعادة فتحها على الفور، وهي تحتاج إلى التجارة مع
العراق للمساعدة باستقرار اقتصادها، بينما يقاوم
العراق الذي يخشى فتح الحدود مع أكثر دول المنطقة إصابة بالفيروس، بحسب الصحيفة.
وأضاف التقرير: “لقد وصل الفيروس كورونا لأول مرة إلى العراق من إيران، وفقط من خلال الجهود المضنية، أبقى العراق عدد الحالات منخفضًا نسبيًا، مع 82 حالة وفاة فقط نسبت إلى الفيروس بحلول يوم الاثنين”.
من جهتهم، يحاول قادة
إيران بدء إحياء اقتصادهم المتدهور في ظل العقوبات الأميركية وانخفاض أسعار النفط، فأعادوا فتح المدن مؤخرًا وأنهوا سياسة الدولة في إغلاق البلاد لمحاولة إعادة الإيرانيين إلى العمل.
ولكن من دون التجارة والتنقل بين
إيران و
العراق، سيكون من الصعب على
طهران أن تعمل بعض صناعاتها غير النفطية بشكل كامل مرة أخرى. وقبل أن يغلق الفيروس التاجي الحدود، كان
العراق سوقاً رئيسياً للمنتجات الزراعية الإيرانية، ومواد البناء، وسلع الألبان، فضلاً عن الأسماك والروبيان وغيرها، وفقاً للصحيفة.
وبحسب التقرير، كان هدف إيران هو زيادة التجارة مع جارتها إلى ما قيمته 20 مليار دولار من السلع على مدى العامين المقبلين. وقد لا يكون العراق أكبر شريك تجاري لإيران، ولكنه يتيح الوصول إلى الدولارات التي تحتاج إليها طهران بشدة. كما تعد إيران موردا رئيسيا للغاز الطبيعى للعراق الذى يعتمد عليه فى تزويد محطات الكهرباء فى جنوب ووسط البلاد بالوقود فى فترات الاستخدام المرتفع.
وفي حين أن عمليات إغلاق الحدود لم تعرقل تسليم الغاز، فإن المنتجات الإيرانية الأخرى لم تصل إلى الأسواق العراقية بكميات كبيرة منذ أكثر من شهر.
وقال علاء الدين القيسي، المتحدث باسم
هيئة الحدود العراقية، “إن معابرنا الحدودية البرية مع
إيران والكويت مغلقة تماما أمام حركة الركاب والتبادل التجاري، وسيستمر هذا الإغلاق حتى إشعار آخر”. وقال
بدر الزيادى عضو البرلمان عن مدينة البصرة الحدودية والذى يعمل فى لجنة الأمن والدفاع إن
إيران تضغط من وراء الكواليس على
وزارة الخارجية العراقية لفتح الحدود.
وفي جنوب
العراق، تعيد مدن من بينها
النجف و
كربلاء الشاحنات المحملة بالسلع الإيرانية – ومعظمها مواد غذائية. وفي الأسبوع الماضي، عندما وصلت 20 شاحنة شحن إلى بوابات مدينة
النجف، أوقفها المحافظ. وحدث الشيء نفسه في
كربلاء، التي هي، مثل
النجف، مدينة الأضرحة الشيعية التي يعتمد اقتصادها بشكل كبير على الزوار الإيرانيين.
وقال نائب محافظ كربلاء، جاسم الفتلاوي، “إن محافظة كربلاء تمنع دخول جميع منتجات الألبان وغيرها من المواد ، سواء من إيران أو غيرها من الدول المجاورة، بسبب احتمال نقل الفيروس التاجي في هذه المواد الغذائية أو على متنها”. ويجري ذلك تمشيا مع توجيهات الصحة العامة”.
وأضاف: “
كربلاء لا تسمح لأي زائر إيراني بالدخول – نريد منع الفيروس التاجي من الانتشار في المدينة”.
وتؤكد الصحيفة أن المراقبين السياسيين يعتقدون أن مقاومة
العراق لإعادة فتح الحدود تعد إشارة لعدم السماح
لإيران بالحصول على ما تريد من بلادهم عندما تريد . وقال أستاذ العلوم السياسية في
جامعة النهرين في بغداد
ياسين البكري إن “الفيروس أعطى العراقيين غطاء ومبررا للتعبير عن مشاعرهم حيال العلاقة بين
العراق و
إيران“. وأضاف: “لدى العراقيين مخاوف من ذكر الأمور علناً، لكن الفيروس اليوم أعطاهم طريقة مقبولة لقولها”.
المصدر: العربية – نيويورك تايمز