كتب غسان ريفي في “سفير الشمال“: يستعيد لبنان حياته الطبيعية اليوم ولو بشكل تدريجي بعد إنتهاء قرار الاقفال الذي إستمر لاسبوعين، في وقت ما تزال فيه الحكومة أسيرة “الحجر السياسي” وقرار منع التجول الساري على طريق بعبدا ـ بيت الوسط، في ظل إلتزام واضح من الأطراف المعنية بعدم كسره أو التحايل عليه، على عكس الشعب اللبناني الذي إبتكر كل أنواع التحايل ليلتف على القرارات الرسمية المتعلقة بجائحة كورونا.
ما يزال الأفق الحكومي مسدودا، واللقاءات التشاورية بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري مقطوعة، والبلاد تتجه أكثر فأكثر نحو الانهيار الكامل، مع بدء النقاش حول كيفية ترشيد دعم المواد الأساسية تمهيدا لتوقيفه، الأمر الذي سيؤدي الى فوضى مجتمعية عارمة لن تخل من توترات أمنية، ومن تزايد للأعمال الجرمية التي بلغت نسبتها مؤخرا أضعاف ما كانت عليه في العام الفائت.
أمام هذا الواقع يبدو الرئيس الحريري محاطا بدائرة من الأزمات، لجهة:
أولا: التهديدات الأميركية في حال ضمّت حكومته ممثلين عن حزب الله، وما يمكن أن يسفر ذلك عن عقوبات شخصية عليه أو على الحكومة بكاملها ما يعني مقاطعتها دوليا.
ثانيا: ضغط الوقت وسرعة سير البلد نحو الانهيار والذي لا يمكن أن ينتظر دخول الرئيس الأميركي جو بايدن الى البيت الأبيض بعد نحو خمسين يوما.
ثالثا: عدم تجاوب الرئيس عون مع الحريري، وإصراره على تسمية الوزراء المسيحيين بمشاركة جبران باسيل في محاولة منه لتعويمه سياسيا بعد العقوبات الأميركية عليه.
رابعا: ضغط طول أمد التكليف على الحريري، وتداعيات الفشل في تشكيل الحكومة على مستقبله السياسي. وعلى تسريع الانهيار الكامل ماليا وإقتصاديا وإجتماعيا وأمنيا.
يأخذ رئيس الجمهورية على الرئيس المكلف أنه في كل لقاء يعقده معه يقدم له جزءً من التشكيلة الحكومية، ما دفع البطريرك بشارة الراعي بعد لقائه الرئيس عون وفي معرض إنتقاده المباشر للرئيس الحريري الى أن يؤكد بأن “الحكومة لا تشكل بالتقسيط”، علما أن مقربين من الحريري يؤكدون أنه سبق وقدم لعون لائحة بأسماء الوزراء المسلمين، لكنه لم يمنحها أي إهتمام، إنطلاقا من إصراره على أن يكون له الكلمة الفصل في تسمية الوزراء المسيحيين.
لذلك، وبحسب المعطيات، فإن الحريري قد يكسر قرار حظر التجول المفروض بين بيت الوسط وبعبدا خلال الساعات الـ 48 المقبلة، لتلبية رغبة الرئيس عون والبطريرك الماروني على حد سواء بتقديم تشكيلة حكومية كاملة من 18 وزيرا ومناقشتها مع رئيس الجمهورية أو إعطائه فرصة لدراستها وإتخاذ القرار بشأنها.
وتؤكد مصادر حريرية أن التشكيلة لن يكون فيها ممثلين عن حزب الله، وأن الوزراء الشيعة الأربعة هم من غير الحزبيين، بالرغم من أن تسميتهم جاءت بالتوافق مع “الثنائي الشيعي”، بما يسحب من أميركا ذريعة فرض العقوبات، وهي تضم أيضا وزراء مسيحيين من اللائحة التي سبق وأعطاها عون للحريري.
وتشير هذه المصادر الى أن هناك فرصة حقيقية لتشكيل الحكومة في حال وافق الرئيس عون أو كان لديه تعديلات بسيطة على التشكيلة، أما في حال رفضه، فإن الأمور ستزداد تأزما، خصوصا أن الحريري يتطلع الى تشكيل حكومة لتحقيق أكبر إستفادة ممكنة من المؤتمر الدولي لدعم لبنان الذي تنظمه فرنسا.
وتستبعد المصادر نفسها أن يلجأ الحريري الى التصعيد بإعلان أسماء تشكيلته الحكومية أمام وسائل الاعلام لاحراج رئيس الجمهورية، لأن ذلك سيؤدي الى قطيعة مع الرئيس عون ستنعكس فشلا في عملية التأليف وربما تؤدي الى الاعتذار، لذلك، سيعطي الحريري نفسه مساحة إضافية من المشاورات على أمل الوصول الى قواسم مشتركة تؤدي الى ولادة الحكومة.