*بقلم: محمد هشام خليفة / وندسور – كندا
تعتز كندا بكونها دولة متعددة الثقافات إذ تحوي تحت جناحها عشرات و ربما مئات الفئات الإثنية و العرقية المختلفة، مما يجعلها دولة فريدة من نوعها.
أذكر حين قدمت إلى بلد الأحلام و الفرص و الشعب الطيب منذ ستة عشر عاما تلك المعلمة التي كانت تتحدث إلينا (لتحفزنا) و تصفنا بأننا متميزون لكوننا نتحدث اللغتين العربية و الإنجليزية بينما هي تتحدث الإنجليزية فقط ، كما قالت أن كندا تريد أن نشاركها ثقافتنا و تقاليدنا حالنا كحال من جاء قبلنا و أن نمد جسور التواصل بين مختلف أبناء مجتمعنا الكندي.
تذكرت كلام تلك المعلمة اللطيفة بينما كنت أجلس مع مجموعة من أبناء الجالية كلهم من أصول عربية … غير أن طوال الجلسة لم أسمع لغة الضاد تخرج من أفواههم !
إلا أن تواجد سيدة كبيرة في السن كان يخرق هذا الجدار اللغوي ” نوعا ما ” حيث جاء حديثها مناصفة بين العربية والإنجليزية و كأنها تحاول أن تنصف الماضي و تواكب الحاضر ، إلا أن الظلم طال أبناء و بنات الحاضرين ففهموا نصف حديثها الحاضر أما الماضي ففي خبر كان .
و إذا ما أردنا أن نلتمس العذر لهذه المجموعة حيث أنهم من أبناء الجيل الثالث فما عذر مجموعة أخرى من القادمين الجدد و الذي كان لي شرف مجالستهم ألا ينطق أبنائهم لغة الضاد ؟
لغتنا هويتنا فكيف إذا ما كانت هذه اللغة واحدة من أكثر اللغات تميزا عبر التاريخ بشهادة القاصي و الداني ؟ و لما لا نتعلم من باقي الجاليات التي تتقن الإنجليزية و أحفادها يتقنون الإيطالية مثلا !
فصديقي الكندي من أصول إيطالية جاء جده إلى كندا و لا تزال عائلته حتى اليوم يتحدثون فيما بينهم بالإيطالية فقط كنوع من الحفاظ على الهوية الأصلية.
الحفاظ على الهوية أمانة معلقة في رقابنا كآباء و أمهات ، نعم جئنا إلى هذا البلد الجميل لينعم أبنائنا بحياة كريمة لا لكي نضيع ثقافتنا و هويتنا و ربما ما هو أخطر من ذلك.