*بقلم: الأستاذ الشيخ عبدالمنعم الرياحي / وندسور – كندا
1- نؤمن بحرية الفكر ونقدر للمفكرين ما قدموه للبشر من فوائد، وفي كتابنا المقدس جملة من الآيات الكريمة تدعو إلى التفكير، منها قول الله تعالى (إِنَّ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَٱخْتِلَٰفِ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱلْفُلْكِ ٱلَّتِى تَجْرِى فِى ٱلْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ وَمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن مَّآءٍ فَأَحْيَا بِهِ ٱلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ ٱلرِّيَٰحِ وَٱلسَّحَابِ ٱلْمُسَخَّرِ بَيْنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلْأَرْضِ لَءَايَٰتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) و قوله تعالى (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) صدق الله العظيم . وكثير من الآيات التي تدعو إلى النظر والتفكر.
2- الأستاذ المرحوم عباس محمود العقاد، في كتابه (التفكير فريضة إسلامية) يقول: العمل بالعقل أمر من أوامر الخالق. ولا يعطله عن العمل إلا الحرص على مراعاة العرف الشائع، والاقتداء بالسلف واقتفاء آثارهم، والخوف من السلطة الدنيوية. والإسلام يدعو إلى تخطي هذه المواقع والتحرر منها لكي يأتي التفكير سليماً لا يعوقه شيء من العوائق التي تؤدي إلى شلل العقل وجموده.
3- ونحن إذ نقدر كلام المرحوم العقاد فإننا نرفض شطط المفكرين وتعرضهم إلى معتقدات دينية استقرت في ضمير مجموعات هائلة من البشر لا جدوى من التعرض لها سوى إثارة الأحقاد والخصومات التي تصدع بناء المجتمع الواحد وتثير الصراع بين المجتمعات وتذكي نيران الحروب في العالم. وليس من الصواب أن نحترم حرية الإنسان في طعامه وشرابه ولباسه وسلوكه في الوقت الذي ننتهك حريته في عقيدته الدينية التي هي أغلى عليه من نفسه.
4- في فرنسا خلال القرن الماضي وفي الحاضر تسببت مجلة (شارلي إيبدو) بنشرها الصور المسيئة لنبينا محمد (ﷺ) بتصدع في المجتمع الفرنسي مازال يتفاقم، وأدت إلى هلاك نفوس بريئة. وفي العالم الإسلامي جرى من قبل إحراق مؤسسات دبلوماسية ومراكز ثقافية أجنبية وما يزال الخطر ماثلاً حتى اليوم. ولعلنا نذكر ما جرى في نيوزيلاندا قبل سنوات حين أقدم رجل مسلح على قتل مجموعتين من المصلين في مسجدين يوم جمعة. ونذكر ما يجري في بلدنا من عدوان على المساجد وقتل للمصلين ومداهمة للناس في الأسواق والشوارع حيث تزهق أرواح أسر وأفراد تحت عجلات السيارات.
5- في تاريخنا الإسلامي حصلت مناظرة فكرية بين نبينا محمد (ﷺ) وبين نصارى نجران، فيما عرف بحادثة (المباهلة). عرض كل فريق حجته ثم فوضوا الأمر إلى الله تعالى، وانصرف أهل نجران إلى مدينتهم بسلام، فما شوه النصارى صورة محمد (ﷺ) ولا شوه المسلمون صورة عيسى (ص)، وإنما آمنوا به رسولاً مثل محمد. وفي قول الله تعالى (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ). نهي المسلمون عن التعرض بالأذى لغير المسلمين حتى لا يقتل الناس بعضهم بعضاً كما يحصل في عالمنا المعاصر.
6- في مدينة أبوظبي بدولة الامارات العربية اعتمد كل من فضيلة شيخ الأزهر و قداسة بابا الفاتيكان قبل سنوات، وثيقة (الأخوة الإنسانية) فكانت مبادرة طيبة لإحلال السلام في العالم. وفي بلدنا اليوم يتقدم الحزب الوطني الديمقراطي بمشروع قانون يقضي بتجريم ظاهرة الترهيب من الإسلام (الإسلاموفوبيا) وإننا إذ نشكر الحزب على هذه المبادرة لنرجو من جميع ممثلي الأحزاب في مجلس العموم أن يفسحوا المجال لهذا المشروع ليكون قانوناً نافذاً. فنحن يمكن أن نختلف على قرارات سياسية واقتصادية واجتماعية حسب قناعاتنا الخاصة لكننا لا يجوز أن نختلف على ما يحقق السلامة الوطنية.