اعتبرت حركة طالبان أن رحيل القوات الأميركية نصر للأفغان ودرس لغزاة آخرين، في حين برر الرئيس الأميركي جو بايدن الانسحاب بأن الهدف منه حماية أرواح جنوده وتأمين خروج المدنيين الراغبين بمغادرة أفغانستان.
ففي تصريحات أدلى بها اليوم الثلاثاء من مدرج مطار كابل بعد ساعات من سيطرة مقاتلي الحركة على المنشأة بشقيها العسكري والمدني، قال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد إن انتهاء 20 عاما من الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان يعد نصرا لكل الأفغان.
وأضاف أن “الهزيمة الأميركية درس كبير لغزاة آخرين”، مؤكدا أن الحركة تريد علاقات جيدة مع الولايات المتحدة والعالم، وأنها ترحب بعلاقات دبلوماسية جيدة معهم جميعا. وكان مجاهد قال قبيل ذلك -في تغريدة على تويتر- إن آخر جندي أميركي قد انسحب من مطار كابل، مضيفا أن أفغانستان نالت استقلالها كاملا، حسب تعبيره.
من جهته، قال الناطق باسم المكتب السياسي لحركة طالبان محمد نعيم إن الحركة بعد الانسحاب الأميركي تدخل مرحلة جديدة. وأضاف نعيم -في اتصال مع الجزيرة- أن المرحلة القادمة ستكون صعبة، وأن المسؤولية فيها ستكون على عاتق جميع أطياف الشعب وعلى المجتمع الدولي ودول المنطقة.
وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لحظة دخول الوحدة العسكرية الخاصة لحركة طالبان المسماة “لواء بدري 313” حظائر القاعدة العسكرية في مطار كابل وسيطرتها على مروحيات أميركية الصنع من طراز “شينوك” (CH-46E Sea Knight) تابعة للجناح الجوي لوزارة الخارجية الأميركية.
وواكب مراسل الجزيرة حميد الله شاه اللحظات الأولى لانسحاب آخر جندي أميركي ودخول حركة طالبان إلى المطار، كما دخل مراسل الجزيرة صهيب العصا منذ ساعات الصباح إلى المطار وتجول في أرجائه بعد انسحاب القوات الأجنبية منه.
احتفالات في أفغانستان
وقد شهدت أفغانستان الليلة الماضية احتفالات واسعة عقب خروج آخر جندي أميركي من أراضيها.
كما أظهرت مقاطع فيديو متداولة عناصر طالبان وهم يتجولون في ساحات مطار حامد كرزاي في العاصمة الأفغانية كابل، وكانت طالبان نشرت قواتها الخاصة “بدري 313” داخل المطار الذي زاره مسؤولون من الحركة صباح اليوم.
بدورها، شهدت مدينة قندهار (جنوبي أفغانستان) احتفالات باكتمال الانسحاب الأميركي من البلاد تمثلت في مسيرة شارك فيها مدنيون وعناصر من حركة طالبان تبادلوا خلالها التهاني بانتهاء ما وصفوه الاحتلال الأميركي.
انسحاب آخر جندي
وكان قائد القيادة الأميركية الوسطى كينيث ماكينزي الليلة الماضية أعلن نهاية الانسحاب الأميركي من أفغانستان، وانتهاء المهمة العسكرية في هذا البلد، التي دامت نحو 20 عاما.
وقال ماكينزي -خلال مؤتمر صحفي- إن آخر طائرة أميركية قد غادرت أجواء أفغانستان، مشيرا إلى أن جهود الإجلاء ستتم الآن عبر الطرق الدبلوماسية، متوقعا استمرار الاتصالات مع حركة طالبان من بلاده وبقية دول العالم.
وأكد انتهاء المرحلة العسكرية من مهمة الإجلاء في أفغانستان، مشيرا إلى أن وزارة الخارجية ستقود جهود المرحلة المقبلة.
وقال قائد القيادة الوسطى الأميركية إن انسحاب قوات بلاده لا يعني حرمان الأميركيين والأفغان من فرصة مغادرة أفغانستان، مضيفا أن حركة طالبان لم تكن على علم بتوقيت استكمال القوات الأميركية لانسحابها من مطار كابل.
وقد نشرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) صورة لآخر جندي أميركي يغادر أفغانستان، وهي للواء كريس دوناهيو قائد الفرقة 82 المحمولة جوا في الجيش الأميركي.
ويأتي الانسحاب بعد عمليات إجلاء مكثفة تواصلت لأكثر من أسبوعين، ورغم ذلك لا يزال هناك المئات من الرعايا الغربيين الذين لم تتمكن الولايات المتحدة وحلفاؤها من إجلائهم.
إدارة الدبلوماسية
وفي كلمة له بمناسبة اكتمال الانسحاب الأميركي من أفغانستان، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن الولايات المتحدة ستستخدم وجودها ومقدراتها في قطر لإدارة دبلوماسيتها في أفغانستان للمرحلة القادمة.
وشكر بلينكن كلا من قطر وتركيا على جهودهما لإبقاء مطار كابل مفتوحا.
وعن مستقبل علاقة الولايات المتحدة مع حكومة تقودها طالبان، قال بلينكن إن ذلك سيعتمد بالدرجة الأولى على المصلحة الوطنية للولايات المتحدة، وعلى سلوك طالبان في المرحلة المقبلة.
بدورها، أعلنت السفارة الأميركية في كابل اليوم الثلاثاء تعليق عملياتها في أفغانستان تزامنا مع الانسحاب العسكري الأميركي من البلاد. وأوضحت السفارة في بيان أنها ستواصل من العاصمة القطرية الدوحة مساعدة من تبقى من الرعايا الأميركيين وعائلاتهم في أفغانستان.
وكان البيت الأبيض قال إنه لا يوجد موعد نهائي للأميركيين المتبقين في أفغانستان، الذين يريدون مغادرتها.
وأضاف البيت الأبيض -في تغريدة على تويتر- أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن سيقود جهود التنسيق مع الشركاء الدوليين لتأمين خروج الأميركيين أو الأجانب، أو الأفغان المتعاونين.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد طلب من وزير خارجيته قيادة التنسيق المستمر مع الشركاء الدوليين، لضمان مرور آمن لأي أميركي أو أفغاني أو من الرعايا الأجانب ممن يرغبون في مغادرة أفغانستان.
وقال بايدن -في بيان نشره البيت الأبيض- إن إنهاء المهمة العسكرية كان أفضل سبيل لحماية أرواح الجنود، وتأمين خروج المدنيين الذين يريدون مغادرة أفغانستان في الأسابيع والأشهر المقبلة.
وأكد أن طالبان قدمت تعهدات بشأن الممر الآمن، وأن العالم سيلزمها بالوفاء بالتزاماتها.
وكشف أنه سيلقي خطابا اليوم الثلاثاء يوضح فيه قرار عدم تمديد وجود القوات في أفغانستان إلى ما بعد 31 أغسطس/آب.